يسجل الوضع الإنساني لعشرات الآلاف من النازحين في مخيم الهول في ريف الحسكة الشرقي، مزيداً من التدهور، جراء نقص الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الرعاية الصحية، المسؤولة عن وفاة 13 طفلاً خلال شهر تموز/يوليو الماضي، وسط أنباء عن انتهاكات ترتكبها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الهيمنة الكردية، بحق سكان المخيم. ويكاد لا يمر أسبوع من دون تسجيل انتهاكات ضد سكان المخيم البالغ عددهم نحو 72 ألف شخص، قسم منهم من عائلات تنظيم الدولة، بينهم أجانب، وقسم آخر من النازحين السوريين والعراقيين، حيث شكل المخيم ملاذاً أخيراً للفارين من المعارك التي خاضتها «قسد» ضد تنظيم الدولة في أرياف دير الزور.
وفي جديد هذه الانتهاكات، تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي تسجيلاً صوتياً منسوباً لامرأة من عائلات تنظيم الدولة، تؤكد فيه تعرضها وعشرات النساء الأخريات إلى تحرشات جنسية من قبل عناصر «قسد». وفي هذا السياق، أكد الناشط الإعلامي صهيب اليعربي لـ «القدس العربي» تسجيل أكثر من واقعة تحرش واعتداء جنسي في المخيم، ضحاياها من عائلات تنظيم «الدولة»، في القسم المخصص لعائلات المهاجرين من عناصر التنظيم الأجانب».
وأشار اليعربي، إلى مقتل مواطنة إندونيسية منتمية للتنظيم وهي حامل في شهرها السادس، إثر تعرضها للضرب والتعذيب في المخيم. واستند الناشط إلى معلومات نقلها عن مصادر بداخل المخيم، متهماً عناصر «قسد» بقتل المواطنة الإندونيسية، بإطلاق الرصاص عليها، بعد أن صرخت عندما كانت تتعرض لمحاولة تحرش. وشكك اليعربي برواية إعلام «قسد»، التي زعمت أن المرأة هي من أطلقت النار على نفسها، وقال «لقد قتلت بدم بارد، حيث زعم العنصر أنه اضطر لإطلاق النار عليها لحماية نفسه من محاولة الطعن، مستغلاً غياب كل أشكال القضاء والمحاسبة».
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإندونيسية، أكد إن بلاده تحقق في أنباء عن مقتل مواطنة إندونيسية، كانت منتمية لتنظيم «داعش»، إثر تعرضها للضرب والتعذيب في مخيم للاجئين بسوريا. وفي حادثة أخرى توضح المآل الأمني في مخيم الهول، اتهمت مصادر من المخيم عناصر «قسد»، بالمسؤولية عن اختفاء طفلة من المخيم قبل يومين. وأكد ناشطون لـ»القدس العربي»، أن «شهود عيان أكدوا اختطاف الطفلة من قبل عربة عسكرية تابعة لما يعرف بـ»الأسايش» (جهاز الأمن الكردي)، في القسم الخامس من مخيم الهول».
وأدانت «الرابطة السورية لحقوق اللاجئين» الانتهاكات التي تُسجل بشكل يومي في مخيم الهول، موضحة في بيان أن «الانتهاكات تبدأ من لحظة دخول النازح للمخيم، حيث تتم مصادرة الوثائق الشخصية، إلى جانب التجنيد الإجباري، وصولاً إلى الانتهاكات الجنسية بحق النساء». وفي هذا الصدد، انتقد مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فضل عبد الغني، غياب المحاسبة القانونية عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكب داخل مخيم الهول. وأضاف في مقابلة لتلفزيون سوريا، «الغريب أن هذه الانتهاكات تمر بدون فتح تحقيقات ولو بالحد الأدنى». مصادر مقربة من إدارة المخيم، عزت ما وصفته بـ»الفوضى» إلى الاكتظاظ الشديد، موضحة أن «المخيم يستقبل أكثر من 70 ألف نازح، في حين أنه مُخصص لاستقبال 10 آلاف فقط»، مشيرة كذلك إلى خطورة التعامل مع عائلات التنظيم، بسبب «الفكر المتطرف». وفي المقابل، طالبت المصادر الكردية الأمم المتحدة، بزيادة تقديم الدعم المخصص للمخيم، إلى جانب المساهمة في إقامة محكمة دولية، لمحاكمة عناصر وعائلات التنظيم.
من جانب آخر، كشف الناشط الإعلامي صهيب اليعربي، عن ترتيبات تجري لإخراج دفعة من النازحين، تقدر أعدادهم بحوالي 500 شخص، غالبيتهم من ريف دير الزور، بعد وساطات من وجهاء وشيوخ عشائر عربية، مرجحاً أن يتم ذلك قبل عيد الأضحى القادم.
وأواخر الشهر الماضي، أجلت إدارة الهجرة في محافظة نينوى العراقية، نقل المئات من العراقيين المقيمين في مخيم الهول، إلى مخيمات النازحين في مدينة الموصل. وأكد مدير الهجرة في نينوى خالد عبد الكريم، أن أوامر صدرت من مستشار الأمن الوطني في العراق فالح الفياض، تقضي بالتريث في نقل وجبة من النازحين من مخيم الهول والذين من بينهم أعداد كبيرة من عائلات مسلحي «داعش»، إلى مخيمات النازحين في جنوب الموصل».
المصدر: القدس العربي