وائل عصام
عاد النظام السوري في جنوب ادلب، لاستخدام أسلوب يقضي بعزل جيوب من المدن المحاصرة قبل اقتحامها، من خلال التقدم في محيطها من القرى و»التلال الحاكمة» المشرفة عليها، كما حصل في خان شيخون ، وقد سبق لقوات النظام استخدام هذا الأسلوب في مناطق عدة أبرزها ريف حماة وحلب الجنوبي ومعارك شرق السكة، وكانت غوطة دمشق ايضاً، أرضاً لتجربة هذه الخطة، فقد قام النظام حينها، بتجنب اقتحام الكتل السكانية الكبرى في الغوطة الشرقية، وعمد إلى التوغل في المساحات والقرى المحيطة وصولاً لشطر الغوطة إلى جزءين، دوما شمالاً، وعربين وجوبر وزملكا جنوباً، مفضلاً حصار هذه الأحياء بشكل كامل، بانتظار الوصول لتسوية لخروج المقاتلين وهو ما حصل، او اقتحامها إن تطلب الامر كما فعل مع مخيم اليرموك.
وفي ريف إدلب الجنوبي، تمكن النظام من الوصول لمشارف خان شيخون الغربية، بعد سيطرته على المزارع الغربية وتل النار شمال غرب المدينة، وحسب مصادر ميدانية فان قوات النظام تمكنت من الوصول للطريق السريع M5 الذي يربط المدينة شمالاً، ويبدو ان قوات النظام تريد التقدم شمالاً لبلدة كفر سجنة، وهذه التحركات كلها تأتي في اطار خطة النظام للسيطرة على القرى والتلال المحيطة بالمدن الكبرى، وصولاً لحصارها في جيب معزول ، وقطع الإمدادات عنها ، قبل اقتحامها لاحقاً.
وفي هذا الجيب الأخير الذي شكله النظام حول خان شيخون، نلاحظ ان ثلاث مدن أوشكت ان تصبح ساقطة بالحصار قبل اقتحامها، وهي كفرزيتا واللطامنة وخان شيخون، اذ تجنب النظام اقتحامها مفضلاً الالتفاف حولها وتشكيل هذا الجيب المعزول عن باقي مناطق المعارضة، رغم ان قوات النظام لا تزال غير قادرة حتى الآن عن احكام إغلاق هذا الجيب شمالاً حيث طريق M5 السريع ، وشرق خان شيخون كذلك، اذ لا تزال تتعرض لهجمات بسيارات مفخخة من تحرير الشام وحلفائها في المعارضة .
ويميل النظام لاستخدام هذه الخطة في عزل الجيوب، نظراً لمحدودية قواته البرية كما ونوعا ، لذلك لجأ النظام لتركيز هجماته على الخواصر الضعيفة في القرى والبلدات المكشوفة التي يمكن احتلالها بسهولة اكبر من تلك المدن الكثيفة في كتل أبنيتها ، اذ توفر هذه الأبنية بيئة مناسبة لقتال الشوارع يجيدها عناصر الفصائل الجهادية، اكثر من قوات النظام ، كما ان هذه المدن الكثيفة الأبنية، تقلل فاعلية الطيران التي كثيراً ما يعتمد عليه النظام في تقدمه في القرى الصغيرة المكشوفة والتلال الحاكمة التي يصعب على مقاتلي المعارضة التخندق فيها، كما يفعلون في جبال الكبينة، بسبب الفرق بطبيعة التضاريس الجبلية ، وهو ما جعل الكبينة، بمقاتليها من تحرير الشام والتركستان وحلفائهم الجهاديين، حجر عثرة امام هجمات قوات النظام الفاشلة باتجاه ذلك المحور، لأكثر من ثلاثة أشهر.
وقد تنضم مورك، المدينة التي تتمركز فيها نقطة مراقبة تركية، قريباً إلى هذا الجيب المحاصر حال إقفال قوات النظام عنق الجيب، شمال شرقي خان شيخون ، وفي حال واصلت القوات التركية ارسال التعزيزات لنقطة المراقبة في مورك ، فان ذلك يعني ان أنقرة تدرك ان هذه النقاط ستحاصر قريباً ، وستكون التعزيزات وسيلة لإطالة بقائها محاصرة قبل انسحابها المحتم لاحقاً، اذ من غير الممكن مشاركة هذه التعزيزات التركية في اي مواجهات مع قوات النظام لوقف تقدمه كما تروج بعض الأخبار، فنقاط المراقبة تم إنشاؤها وفقاً لاتفاقية استانة وتخضع لشروط محددة تحكم تواجدها داخل الأراضي السورية أهمها عدم استخدامها في المواجهات ضد النظام السوري، وهذا ما التزمت به القوات التركية المتواجدة في هذه النقاط طوال فترة وجودها، وطوال فترة قصف النظام المدمر لادلب، والذي مهد لتقدم قوات دمشق للسيطرة على اكثر من 30 قرية جنوب ادلب منذ بدء عملياتها قبل نحو ثلاثة أشهر.
المصدر: القدس العربي