تحت حرارة الشمس الحارقة، يطلق جنود بثياب عسكرية مموهة القذائف الصاروخية ليثيروا عاصفة من الغبار حولهم في تدريب يخضعون له ككتيبة «نخبة» جديدة في الجيش السوري يشرف عليها مستشارون روس.
في بلدة يعفور غرب دمشق، يصطنع الجنود هجوماً، يطلقون القذائف الصاروخية والهاون، يجلس أحدهم خلف سلاح رشاش يطلق منه الرصاص في هذه المنطقة القاحلة، ويقوم آخرون بعمليات نزع ألغام أو إسعافات أولية.
وجرى التدريب الثلاثاء بحضور صحافيين من وسائل إعلام دولية، بينهم فريق من وكالة الصحافة الفرنسية، يقومون بزيارة إلى سوريا بدعوة من الجانب الروسي.
في منصة تطل على ساحة التدريب، يجلس ضباط روس وسوريون يراقبون سير الأمور، في حين ينبطح جنود على الأرض يطلقون النار على أهداف أمامهم، ويقوم آخران بنقل جندي ثالث يبدو وكأنه أصيب كجزء من التدريب.
ويقول قائد الكتيبة السورية الجديدة عمر محمد وقد وضع على ثيابه العسكرية شارة «الفرقة الرابعة»، للصحافيين: «نتيجة التعاون والتدريب من قِبل الأصدقاء الروس، لاحظنا ارتفاع مستوى المقاتل واكتسابه خبرات جديدة بالتعامل مع أنواع الأسلحة كافة». ويوضح أنه جرى إنشاء الكتيبة الجديدة في الأول من أغسطس (آب)، وقد بدأت في اليوم نفسه تدريباتها التي تطورت تدريجياً.
ومنذ بدء التدخل العسكري الروسي إلى جانب دمشق في سبتمبر (أيلول) عام 2015، استعادت القوات الحكومية مساحات شاسعة، وباتت تسيطر على أكثر من 60 في المائة من مساحة البلاد بعد معارك عنيفة خاضتها في مواجهة الفصائل المعارضة بشكل أساسي كما تنظيم «داعش».
وتتحدث موسكو عن مستشارين لها على الأرض في سوريا، وتنتشر شرطتها العسكرية في معاقل سابقة للفصائل المعارضة استعادتها دمشق، كما تنتشر لها نقاط مراقبة قرب محافظة إدلب، التي تسيطر «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر منها.
ورغم التحفظ الشديد الذي يبديه الخبراء العسكريون الروس إزاء أنشطتهم في سوريا، فإنهم ظهروا هذه المرة أمام الصحافيين بعضهم ملثم الوجه، وقد وضعوا نظارات شمسية. ويعطي أحدهم، بمساعدة مترجم إلى اللغة العربية، توجيهاته لمجموعة من الجنود تتدرب على كيفية التعرف على الألغام ونزع فتيلها، في حين يشرح آخر الإسعافات الأولية للجرحى في أرض المعركة.
يجلس أحد الجنود في حفرة عميقة في الأرض موجهاً سلاحه أمامه، يخبئ نفسه في الحفرة تماماً أثناء عبور دبابة من فوقها. وفي مكان قريب، يطلق زميل له النيران من خلف جدار صغير، يركض آخرون يقفزون من فوق النيران ويصعدون فوق عوائق خشبية، في حين تتساقط القذائف من حولهم.
وبعد انتهاء مرحلة التدريب الفردية التي استمرت شهرين، بدأت الكتيبة الجديدة مرحلة التدريب كجماعة و«على مستوى السرية»، وفق القيادي عمر محمد. ولا يستبعد قياديون في الكتيبة إمكانية إرسالها إلى محافظة إدلب للمشاركة في عملية عسكرية بدأتها دمشق قبل نحو خمسة أشهر بدعم جوي روسي، ويسري فيها منذ نهاية أغسطس اتفاق هدنة لا يخلو من الانتهاكات.
يقول أحد قادة الكتيبة السورية للصحافيين «إننا نبني آمالنا على المسار السياسي، لكن إذا لم نحقق نتائج فسنسلك الطريق العسكرية». وبدا رئيس الإدارة السياسية في الجيش السوري حسن حسن أكثر حدة في قراءته لمسار الأمور، إذ قال: «سيتم تحرير إدلب على أي حال وسنرى ذلك قريباً».
المصدر: الشرق الأوسط