بعد فشل تطبيق قرار منع التجمعات أمام الأفران في سورية، وتكليف معتمدين لتوزيعه في الأحياء، تتجه دمشق إلى توزيع الخبز عبر البطاقة الذكية في محافظتي دمشق وريف دمشق لتخفيف التجمعات اليومية أمام الأفران وسيارات المعتمدين للحصول على الخبز.
وتعتبر مشكلة تأمين الخبز بالسعر المدعوم (خمسين ليرة للكيلو الواحد = ثمانية أرغفة) أبرز وأخطر المشكلات التي تواجه دمشق، حيث ساهمت الإجراءات الاحترازية لاحتواء تفشي وباء كورونا، منذ منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، في تفاقم أزمة الخبز، وصلت لحد العراك بالأيدي على أبواب الأفران كما حصل في بلدة صحنايا بريف دمشق قبل يومين لدى خلاف بين رجل وامرأة على الدور، كما عم الازدحام والفوضى حول أحد موزعي الخبز المعتمدين في حي الزاهرة الذي كان يوزع الخبز رميا من فوق الرؤوس.
تفيد التصريحات الرسمية بأن محافظتي دمشق وريفها تعكفان على تهيئة طريقة توزيع الخبز على البطاقة الذكية، وقد تم الانتهاء من إعداد القوائم اللازمة للمعتمدين في الوحدات الإدارية عند المخابز الحكومية، فيما تتولى وزارة التجارة الداخلية والتموين ترتيب طريقة التوزيع عند المخابز الخاصة. ليبدأ تطبيق هذا القرار خلال أيام في محافظتي دمشق وريفها معا. على أن تحدد مخصصات كل أسرة وفقا لعدد أفرادها بمعدل ثمانية أرغفة (ربطة) لكل أربعة أشخاص، وسيتم البدء من المناطق الأكثر كثافة سكانية.
وتعرضت وزارة التموين لانتقادات واسعة بعد الإعلان عن إقرار توزيع الخبز بالبطاقة الذكية؛ إذ تم تحديد الحصص اليومية للعائلات من الخبز الحكومي؛ فالأسرة التي عدد أفرادها حتى 3 أشخاص تحصل على ربطة خبز واحدة يومياً، وبين 4 – 7 أفراد تحصل على ربطتين والتي تتجاوز 7 على 3 ربطات، دون أن تكشف الوزارة عن عدد أجهزة تعريف البطاقة الذكية التي ستوزع على المعتمدين والتي تشير المعلومات إلى أن عددها في العاصمة دمشق لا يتجاوز المائة جهاز. مع الإشارة إلى أن مشكلة قلة عدد أجهزة قراءة البطاقة التي تعد سببا في الازدحام على المؤسسات الاستهلاكية لم تحل بعد.
ومع بدء الحكومة تطبيق حظر التجول سارع الناس إلى تخزين كميات من الخبز خشية الجوع في حال طال أمد الحظر، كما تراجعت جودة الخبز لا سيما في محافظتي دمشق وريفها، ليزداد الإقبال على خبز الأفران الخاصة والخبز السياحي، والذي بدوره شهد ارتفاعا بأسعاره لتبلغ ربطة الخبز السياحي (مدعم بالحليب والسكر) 700 ليرة بزيادة 150 خلال عشرين يوما. (الدولار الأميركي الواحد يعادل 1200 ليرة).
وكشفت مصادر تجارية غربية عن أن المؤسسة العامة لتجارة وتخزين وتصنيع الحبوب في سوريا طرحت مناقصة جديدة لشراء 200 ألف طن من قمح اللين لتصنيع الخبز للتوريد من روسيا وحدها. ويشار إلى أن فقد أمنها الغذائي الذي كان مستقرا لسنوات طويلة مع تراجع إنتاجها من القمح تراجع من نحو 4 ملايين طن قبل عام 2011 إلى نحو 1.5 مليون طن تتسلم منه دمشق نحو 500 ألف طن فقط. وبالإضافة لشراء القمح طرحت الحكومة السورية مناقصة دولية لشراء واستيراد 25 ألف طن من السكر الخام. والموعد النهائي لتقديم العروض في المناقصة 27 أبريل (نيسان) الحالي.
الجائحة العالمية لفيروس كورونا المستجد جاءت لتكشف مدى العجز الذي تعانيه دمشق في تأمين أبسط المستلزمات المعيشية للسوريين، على صعيدي الغذاء والصحة، حيث صرح وزير الصحة نزار يازجي في مؤتمر صحافي عقده مؤخرا بوجود «صعوبات كبيرة في تأمين المنافس نتيجة الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سوريا منذ تسع سنوات»، وقال إنه «يتم العمل على تخطيها بشكل سريع وتباعاً من خلال التواصل مع الجانب الصيني لتأمين كل الاحتياجات». مؤكدا أنه «لا يمكن إعطاء تطمينات لمجرد أن عدد الإصابات المسجلة حتى اليوم قليل» الذي بلغ حسب وزارة الصحة 19 حالة، توفي منها شخصان وشفي ثلاثة منهم آخرون.
في حين تفيد مصادر أهلية متقاطعة في دمشق وريفها بظهور عشرات الإصابات، وذكر موقع (صوت العاصمة) المعارض أن هناك ثلاث إصابات جديدة ظهرت في بلدة حمورية بريف دمشق. كما قالت مصادر محلية في بلدة جرمانا جنوب دمشق إن صاحب سوبر ماركت في أحد الأحياء ظهرت عليه أعراض الإصابة وتم نقله إلى المشفى؛ ما أثار الذعر بين سكان الحي وزبائن محله، وقام سكان المنازل القريبة بعزل ذاتي منزلي، كما قامت السلطات في دمشق بعزل بناءين في حي المالكي الراقي بدمشق بعد ظهور أعراض الوباء على سيدة تسكن في أحد البناءين، وشوهدت فرق المحافظة والصحة وهي تقوم بتعقيم الحي والسيارات في الشوارع المحيطة وتطلب من السكان الالتزام بالعزل المنزلي.
وفي السياق ذاته، أفادت مصادر طبية غير رسمية بوجود نحو 30 إصابة مؤكدة، في مركز الحجر الصحي في الزبداني جرى عزلهم تماما. بالإضافة إلى معلومات كانت تواردت خلال الأسبوع الماضي عن ظهور إصابات في ريف دمشق، في بلدات منين ودوما وحرستا ووادي بردى وجديدة عرطوز والسيدة زينب، وإصابة عدد من العسكريين يخضعون للعزل في مشفى القطيفة بالقلمون الشرقي.
على صعيد آخر، اتهمت الإدارة الذاتية في شمال شرقي البلاد أمس حكومة دمشق بعدم التعاون معها من أجل منع انتشار الفيروس.
وقالت الإدارة، في بيان: «نعمل ضمن الإمكانيات المتوفرة، باستنفار مؤسسات الإدارة للوقاية لضمان عدم دخول الفيروس إلى منطقتنا». ولفتت إلى أن «السلطات السورية لا ترغب في التعاون، وتتسبب بقراراتها الخاطئة في تعريض حياة أبناء شعبنا في مناطق شمال وشرق سوريا للخطر من خلال إدخال المدنيين إلى مناطقنا دون علم الإدارة الذاتية ودون إجراء الفحوص الضرورية للتأكد من سلامتهم»، حسب نص البيان الذي نقلته وكالة الأنباء الألمانية، أمس.
المصدر: الشرق الأوسط