هبة محمد
تجددت المواجهات العنيفة بين فصائل الجبهة الوطنية بمساندة الجيش التركي من جهة، وقوات النظام السوري والقوات الخاصة الروسية والميليشيات الداعمة لها من جهة أخرى، في ريف إدلب شمال غربي سوريا، في محاولة تقدم نفذتها الأخيرة، وترافقت مع اشتباكات وقصف عنيف، فيما تمكنت الفصائل من صد الهجوم عبر قصف صاروخي طال مواقع قوات النظام، حيث يجري ذلك وسط مطالبات أممية لمجلس الأمن الدولي، بتمديد تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية لإدلب ومحطيها عبر المعابر الرسمية مع تركيا وذلك لتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة للناس شمال غربي سوريا.
الاحتياجات الإنسانية
وطالب الأمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مساء الأربعاء، مجلس الأمن الدولي، بتمديد تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية للسوريين لمدة عام إضافي، وذلك خلال مؤتمر صحافي، عقده ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسم غوتيريش، عبر دائرة تلفزيونية مع الصحافيين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك. وقال دوجاريك، «نعتبر الاستجابة المستمرة والواسعة النطاق عبر الحدود، ضرورية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة للناس في شمال غربي سوريا، «ويلزم تجديد التفويض الصادر في قرار مجلس الأمن 2504 باستخدام معبري باب السلام وباب الهوى لمدة 12 شهراً إضافياً، خاصة وأنه لا توجد بدائل أخرى أمامنا لإنجاز العمليات العابرة للحدود». وتابع، «بدون هذه التصاريح اللازمة عبر الحدود من قبل مجلس الأمن، سيعاني المدنيون ويصلون إلى مستويات غير مسبوقة في تسع سنوات من الصراع، بما في ذلك الخسائر في الأرواح».
أكد مقتل روسيين واثنين من الفيلق الخامس في الاشتباكات
في غضون ذلك، تواصل قوات النظام وروسيا شن هجماتها على منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب وما حولها، رغم التفاهم المبرم بين تركيا وروسيا في الخامس من آذار/مارس الماضي في مدينة سوتشي حول وقف إطلاق النار وهو ما لم يلتزم به النظام. المتحدث العسكري باسم «الجبهة الوطنية للتحرير» النقيب ناجي مصطفى أكد أن القوات الخاصة الروسية تقود المواجهات على جبهات وقطاعات عدة في إدلب والأرياف المحيطة بها، لافتاً في تصريح لـ»القدس العربي» إلى أن التدخل الروسي المباشر على الأرض جاء بعد فشل قوات النظام والميليشيات الداعمة لها في إحداث خرق واضح في الميدان والتقدم إلى مواقع جديدة.
وتحدث مصطفى عن الخروقات المتزايدة «لقوات النظام والميليشيات الطائفية والقوات الروسية منذ وقف إطلاق النار» لكنه ركز على التطورات الأخيرة وقال «من اللافت تزايد الخروقات في الآونة الاخيرة من خلال القصف المستمر للقرى المحيطة بالجبهات إضافة إلى محاولات التسلل على أكثر من قطاع و أكثر من جبهة وكل ذلك يتم بقيادة القوات الخاصة الروسية ومشاركة الفيلق الخامس والميليشيات الطائفية». مؤكداً أن فصائل الجبهة الوطنية أوقعت خسائر في صفوف القوات الروسية حيث قال «ردت قواتنا على هذه الخروقات وصدت المحاولات، وكانت آخر محاولتين فاشلتين ليلة الأربعاء/ الخميس، حيث تصدت قواتنا للمهاجمين وأوقعت خسائر ومن خلال الرصد تأكدنا من وجود قتيلين من القوات الروسية واثنين من الفيلق الخامس».
واستمرت الاشتباكات العنيفة في مناطق جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي حتى فجر أمس، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وذلك «في محاولة تقدم ثانية نفذتها قوات النظام والميليشيات على محور بينين بعد فشل محاولته الأولى مساء الأربعاء، وترافقت الاشتباكات مع قصف مكثف، فيما تمكنت الفصائل بصد الهجوم مرة أخرى، وشاركت القوات التركية بذلك أيضاً عبر قصف صاروخي طال مواقع قوات النظام». ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن استماتة الفصائل بالتصدي لهجمات قوات النظام الليلية تعود إلى المعدات المتطورة التي قدمتها تركيا لتلك الفصائل.
قصف في جنوب سراقب
على صعيد متصل، قصفت القوات التركية المتمركزة في نقاطها العسكرية تجمعات قوات النظام جنوب سراقب، فيما ردت الأخيرة بقصف مكثف بالرشاشات الثقيلة على قرية كفرعويد وسفوهن في جبل الزاوية. ومنذ مطلع شهر حزيران/ يونيو الحالي تحاول الميليشيات الروسية بشكل دوري التسلل نحو نقاط الفصائل الثورية في ريف إدلب الجنوبي، في خرق واضح لوقف إطلاق النار الذي تخضع له المحافظة برعاية تركية روسية. وإلى جانب عمليات التسلل، تستهدف الميليشيات الأحياء السكنية في جبل الزاوية بقذائف المدفعية الثقيلة والصواريخ، ما دفع آلاف السكان في المنطقة إلى النزوح مجدداً نحو المناطق الحدودية مع تركيا هرباً من القصف.
وبالتوازي، سجل فريق «منسقو استجابة سوريا» أكثر من 45 خرقاً لقوات النظام السوري والأطراف الداعمة لها في إدلب وأرياف حلب وحماة واللاذقية، خلال الأسبوع الأخير، وفي هذا الصدد قال مدير الفريق مهند حلاج لـ»القدس العربي» أن 3 مدنيين قضوا خلال الأيام القليلة الفائتة نتيجة الخروقات المتكررة.
وقال حلاج حتى الآن لا يوجد أي استقرار في المنطقة بسبب وجود الخروقات وعدم قدرة الأهالي على التواجد بشكل ثابت في القرى والبلدات في ريف إدلب، وأشار مدير فريق الاستجابة في سوريا إلى البيان الأخير الصادر عن فريقه، والذي طالب خلاله كافة الفعاليات والهيئات الدولية بالعمل على إيقاف الانتهاكات والأعمال العدائية التي يقوم بها النظام وحليفه الروسي على المنطقة، واتخاذ اجراءات فورية وجادة لوقف تلك الاعتداءات.
واعتبر البيان استمرار العمليات العدائية في مناطق شمال غربي سوريا سيولد موجات نزوح جديدة والمزيد من النازحين والمشردين داخلياً بشكل مكثف، بالتزامن مع الصعوبات الإنسانية التي تواجه المناطق هناك، والمخاوف المستمرة من توقف العمليات الانسانية عبر الحدود.
وكرر مطالبه للجهات العسكرية داخل شمال غربي سوريا، بتحييد المدنيين من عمليات الاقتتال الداخلي والتوقف عن الاستهداف المتـكرر لهم وخـاصة مـع بدء تزايد أعداد الإصـابات في صـفوف المدنيين.
المصدر: «القدس العربي»