صالح النعامي
قال مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إن وضع حد للتمركز العسكري الإيراني في سورية يتطلب التحرك من أجل وضع حل سياسي شامل للصراع الدائر هناك.
وفي تقرير أعدته الباحثة كرميت فلنسي، رأى المركز أن العمليات العسكرية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي في العمق السوري، والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، لا تكفي لضمان إخراج إيران من هناك؛ على اعتبار أن هاتين الوسيلتين لا تكفيان لتحقيق هذا الهدف.
ويرى المركز أن الأزمة الاقتصادية الخانقة أضعفت كثيرا نظام بشار الأسد، وأدت إلى تهاوي الدعم الذي كانت تمنحه أوساط داخلية لحكمه، مشيرا إلى أن هذا التحول يمثل فرصة تسمح بالدفع نحو تسوية سياسية للصراع تضمن تدشين نظام سياسي مختلف في سورية. ودعا المركز الولايات المتحدة إلى قيادة تحرك دبلوماسي يفضي إلى حل الأزمة السورية سياسيا، على اعتبار أن كل التحركات والمبادرات التي تمت حتى الآن لم تنجح في تحقيق هذا الهدف.
وحسب معدة التقرير، فإن التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يتطلب من الولايات المتحدة التعاون مع روسيا، على اعتبار أن موسكو معنية أيضا بإنهاء الحرب واستقرار الأوضاع في سورية، مشيرة إلى وجوب استغلال مصالح تركيا في سورية لضمان تجنيد دورها في إنجاح الجهود الهادفة للتوصل إلى حل.
وأشارت إلى أن الحل المقترح يجب أن يضمن تدشين نظام سياسي جديد على أساس المساواة وإجراء انتخابات “نزيهة”، وإدخال تعديلات دستورية شاملة، وتبني إجراء إصلاحات شاملة؛ إلى جانب الشروع في مشاريع إعادة إعمار بدعم دولي وإقليمي.
وشدد المركز على أن كل نظام سياسي آخر سيكون أفضل من النظام القائم، لأنه يوفر الفرصة للتدخلات الأجنبية، لا سيما الوجود الإيراني. وأشار إلى أنه على الرغم من أن نظام بشار الأسد أفلت من السقوط أثناء الحرب، إلا أنه أبعد ما يكون عن الاستقرار، لا سيما في ظل اشتداد وطأة الأزمة الاقتصادية، تحديدا بعد تطبيق الولايات المتحدة العقوبات على النظام المستندة إلى قانون قيصر.
واعتبر المركز أن تناقض المصالح بين حلفاء النظام الذين ضمنوا بقاءه يزيد من فرص نجاح التحرك الأميركي الدولي لوضع حل سياسي، موضحا أن أحد المظاهر التي تعكس ضعف نظام الأسد يتمثل في تهاوي الدعم الداخلي له، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي أفضت إلى جعل 80% من السوريين تحت خط الفقر، والتي دفعت إلى تفجر مظاهرات تطالب بإسقاط النظام، تحديدا في المناطق التي يسيطر عليها الأسد.
وأضاف أن المظاهرات التي شهدتها مدينة السويداء، جنوبي سورية، والتي كانت تعد من المعاقل الداعمة للنظام، بسبب اشتداد وطأة الأوضاع الاقتصادية، تحولت إلى مظاهرات للاحتجاج على بقاء نظام الأسد؛ حيث أشار إلى أن النظام معني بضمان الحفاظ على دعم المدن التي تحت سيطرته.
وأوضح المركز أن أحد أوضح مظاهر تراجع قوة تماسك النظام واهتزاز دعم الشرائح التي تمثل مركز ثقله عكسها بشكل خاص النزاع العلني بين الأسد وابن خاله رامي مخلوف، أغنى رجال الأعمال في سورية، والذي يحتكر السيطرة على مرافق اقتصادية كبيرة، والذي قدم الدعم للجهد الحربي للنظام على مدى فترة الحرب.
وأشار المركز إلى أن توجه الأسد إلى الضغط على دائرته القريبة والطلب من مخلوف دفع 3 مليارات دولار يعكسان فقط عمق الأزمة الاقتصادية التي يمر بها النظام. واستدرك التقرير بأن كلا من روسيا وإيران، اللتين نجحتا في الحفاظ على نظام الأسد ومنع سقوطه أثناء الحرب، غير قادرتين على مساعدته اقتصاديا.
وحسب المركز، فإن روسيا استغلت حاجة الأسد لدعمها في تحويل سورية إلى نقطة ارتكاز لتعزيز وجودها في كل المنطقة، عبر تدشين المزيد من القواعد العسكرية. وأضاف أنه في الوقت الذي تتعاظم شهوة روسيا للسيطرة على المقدرات السورية، فإنها سمحت لإعلامها الرسمي بمهاجمة الأسد ووصفه بـ”الضعيف والفاسد”، مشيرا إلى أن أحدا لا يعرف على وجه الدقة ما إذا كان الهجوم الروسي يهدف إلى إعداد الأرضية لتوفير بديل عن الأسد، أو فقط من أجل ممارسة الضغوط عليه لكي يسمح بسيطرة موسكو على المزيد من موارد الدولة السورية.
المصدر: العربي الجديد