رولا اليوسف
لم تفتر جمرة ثأر العشائر العربية المشتعلة على خلفية اغتيال زعيمين من شيوخ أكبر القبائل في شرق سوريا، هما العقيدات والبكارة، في عيد الأضحى. بل إن واقعاً جديداً ينبئ عن انفجار الموقف إلى حد تشكيل ميليشيات عربية مقاتلة حملت اسم المقاومة الشعبية، الاثنين 10 أغسطس (آب).
المشهد الميداني تأسره فوضى السلاح والاغتيالات، التي تستهدف قادة من قوات سوريا الديمقراطية- قسد التي اتهمتها العشائر العربية باغتيال زعامات عربية بهدف استئثار المكون الكردي وإمساكه بمفاصل قيادة منطقة الفرات.
وتفيد معلومات لـ “اندبندنت عربية” بتنظيم القبائل اجتماعاً موسّعاً، الثلاثاء 11 أغسطس، يضم قادة وزعماء من العرب في بلدة ذبيان. وقد دعا الشيخ إبراهيم خليل عبود جدعان الهفل، خلال الاجتماع، إلى تضامن عربي في منطقة الفرات في مواجهة من وصفهم بالعصابات.
وسبق اللقاء انتشار كثيف لمسلحين في المنطقة. وفيما أعلنت المقاومة مكان الاجتماع منطقة أمنية، كشف مصدر ميداني أن “العمليات العسكرية تمتد من الرقة إلى الحسكة وصولاً إلى وادي الفرات بدير الزور”.
ويأتي اجتماع ذبيان، في ريف دير الزور، في بيت مشيخة (أل هفل) بعد يوم من إعلان تأسيس المقاومة، على خلفية لقاء ضمّ قيادات من شيوخ قبيلة العقيدات على امتداد وادي الفرات أفضى إلى إعلان حرب ضد قسد.
الأهداف المقبلة
وأفصح بيان صادر عن مجلس المقاومة عن تشكيل قوة ردع شعبية ضد ما وصف بميلشيات قسد والاحتلال الأميركي في شرق الفرات، مع إنذار لكل المتعاونين من المكون العربي للحذر من التعاون معهما لأنه سيكون هدفاً مشروعاً أيضاً في أي معركة مقبلة.
وردت قيادة قسد على هذا التطور فاعتبرته محاولة من تلك القوى لإحداث الفتنة والشرخ في المنطقة. ووفق بيان لقسد، هناك تزايد في التحاق الشباب من أبناء عشائر هذه المنطقة بصفوفها. وأوردت: “على الرغم مما يحصل فإن العشائر كافة على امتداد المنطقة في الجزيرة والرقة تعلن تكاتفها وعمق ارتباطها بقواتنا التي تحمي المنطقة مما تتعرض له من مخاطر وتهديدات”.
صراع جديد
إعلان المقاومة من عشيرة العقيدات يصف قوات التحالف وفي مقدمها الأميركية بالمحتل. ولم يشكّل ذلك مفاجأة بعد التوتر الذي شهدته مناطق (الشحيل والبصيرة وذبيان والحوايج) في ريف دير الزور، إثر مصرع شيخ عشيرة البكارة، علي الويس، وشيخ عشيرة العقيدات، مطشر الهفل، في كمين على أيدي مسلحين ملثمين.
في غضون ذلك، طالبت المقاومة أفراد القبائل بمؤازرة حلفاء الدولة السورية، وشكلت مجلساً سياسياً يتولى مهمات التواصل وتكليف أسد بن سعود الهفل قائداً للجناح العسكري.
ويعتبر مراقبون أن التنظيم الجديد للعشائر يتلقى دعماً غير واضح المعالم بعد من النظام السوري، فالسلاح المستخدم عبارة عن رشاشات صغيرة ومتوسطة وأسلحة فردية هي متوفرة في بيوت العشائر العربية من قبل الحرب، ولم تُلحظ أي آليات ثقيلة دخلت إلى خطوط المعركة بعد، إذ إنه من الوارد أن تصله أسلحة ثقيلة وعربات.
ويدعم شعار التنظيم الجديد الذي يضم ذراعاً تحمل بندقية وسط العلم السوري، الصلة بين المقاومة والنظام السوري.
الترغيب والترهيب
من جهة أخرى، يتحدث ناشطون سياسيون على علم بتطورات المنطقة في الشرق السوري عن انشقاقات في قسد، التي يغادرها المكون العربي، إما ترغيباً أو خوفاً من إهدار دمهم بعد أيام من اندلاع المعارك. فقد انشق 7 عناصر من بلدة الشحيل و22 عنصراً من عشيرة البكارة و4 عناصر من بلدة ذبيان وعنصران من عشيرة البكارة.
ويرى مراقبون سياسيون محايدون أن المستفيد من توتر الأوضاع الأمنية في شرق الفرات وريف دير الزور هو دمشق وحلفاء النظام، خصوصاً بعد استحواذ الأكراد على منابع النفط في الجزيرة السورية.
في المقابل، يعبّر سياسي سوري في دمشق عن ضرورة التفاوض وحل الأمور بشكل سلمي والتزام الأكراد بوطنهم سوريا والتخلي عن الأفكار والطموحات الانفصالية، لأن تداعيات هذا الانفجار ستكون خطيرة.
ويلفت إلى “الارتياح التركي من التوتر الكردي العربي، لأنه يحدّ من نشاط الكرد بعد اتساع دورهم عسكرياً وسياسياً واستحواذهم مع الحليف الأميركي على خيرات البلاد، ما يشتت الجهود العربية والكردية عن المطامع التركية في بلادنا”.
المصدر: اندبندنت عربية