شادي الأحمد
اخترق الموكب المسلح لبشار طلال الأسد، مدينة اللاذقية، وصولاً الى مطعم مانويلا على الطريق البحري. واقتحم عناصر مرافقته المطعم بطريقة همجية، لخطف قائد مليشيا “الدفاع الوطني” في مدينة جبلة إياد بركات. وبعد ضربه بعنف شديد، تم اقتياده إلى القرداحة، مسقط رأس آل الأسد، والمدينة الأكثر غموضاً في سوريا.
بشار طلال كان قد أطلق موجة خطف مؤخراً لعناصر وضابط جنائية من قوات وزارة الداخلية، على خلفية قيامهم بالقبض على تاجر مخدرات في اللاذقية، يعمل لحساب بشار طلال. ضابط الجنائية، من قرية بكراما، كان قد اعتذر من بشار طلال، الذي تمكن من الوصول له بعد سلسلة اتصالات بسيطة، وأكد له عدم قدرته على إفلات تاجر المخدرات بعد وصول الملف لوزارة الداخلية في دمشق. فما كان من بشار طلال، إلا أن أرسل، قبل أسبوع، قواته ليلاً للقبض على الضابط وخطفه، وتعريضه لحفلة تعذيب استمرت ليوم كامل. بشار طلال كان متيقناً من أن تعذيب الضابط سيقوده لانتزاع اعترافات منه حول من يقف خلفه ومن يعمل لحسابه. الضابط اعترف أن آل بركات في جبلة، هم وراء الأمر، وعلى رأسهم قائد مليشيا “الدفاع الوطني” في جبلة إياد بركات، الذي صار المخطوف رقم 2 على يد بشار طلال خلال أيام.
وبشار طلال، في العشرينات من عمره، وأحد أبناء عم الرئيس بشار الأسد. ويحرص بشار طلال على عدم الخروج من القرداحة، لثقته بأن اعتقاله فيها هو أمر مستحيل. عشرات المرات أقيمت حواجز خاصة في مدينة اللاذقية وريفها، لتوقيف بشار طلال، ولكنه دائماً ظل طليقاً.
تقارير أمنية وصلت إلى “الأمن الوطني” في دمشق، منذ 10 أيام، لطلب المساعدة في حل الأزمة. ما دفع النظام لإرسال ضباط أمن للمساعدة بحصار القرداحة، للامساك ببشار طلال. وتكفل “الأمن العسكري” في اللاذقية بتنفيذ المهام التي أوكلت له بالحصار، مع التشديد بمنع الدخول إليها. ويحاول العقلاء والكبار من آل الأسد، دفع بشار طلال لتسليم المخطوفين لديه، وتسليم نفسه. حتى أن وفداً من العائلة برئاسة كمال الأسد، زاره لإقناعه بتسليم نفسه لـ”دمشق”. بشار رفض كل هذه العروض المُقدّمة من العائلة، بعدما كان قد منع وصول أي مسؤول رسمي إلى مقره.
بشار طلال حذر المسؤولين الرسميين في الريف، من ارسال أي إخبار رسمي أو معنوي، للسلطة في دمشق حول أفعاله. وبعد حادثة الاختطاف الأخيرة، هرب من القرداحة جميع موظفي الدولة والحزب، وعناصر الضابطة الجنائية والجمركية، إذ حرص بشار طلال على إخلاء القرداحة من أي مظهر حكومي أو سياسي.
أهالي المخطوفين والأهالي عموماً طالبوا قادة أمنيين وحزبيين في اللاذقية، بإخبار ماهر الأسد شخصياً، لإرسال قوات خاصة لجلب بشار طلال إلى دمشق. وذلك بعد تطور الأمور، ومحاولة قوات مسلحة تابعة لبركات، و”الدفاع الوطني” في جبلة، بدخول القرداحة. حواجز “الأمن العسكري” منعت دخول أي مسلح إلى القرداحة، خاصة بعدما هدد بشار طلال بقصف مدينة اللاذقية بالصواريخ في حال الاقتراب من مقره. بشار طلال هدد بتفجير ضريح حافظ الأسد في القرداحة، إذا ما حاول أحد اقتحام المدينة واعتقاله.
وبات التهديد بتفجير ضريح حافظ الأسد يدور على كل لسان في اللاذقية وريفها، أكثر من التهديد بقصف مدينة اللاذقية. ويتساءل العلويون اليوم، لماذا يترك ماهر الأسد ابن عمه بشار طلال، من دون أي رادع؟
وزير الداخلية اللواء محمد خالد الرحمون، زار اللاذقية على وجه السرعة، واجتمع مع رؤساء الفروع الأمنية والحزبية. ووضعت على إثر ذلك أسماء جديدة على لائحة المطلوبين، من آل الأسد، كحافظ منذر ويسار، من المقربين لبشار طلال، على أمل إغلاق ملفاتهم جميعاً.
ومع ذلك، ما زال بشار طلال متحصناً في القرداحة، وبيده المخطوفين، وحصار القرداحة مُستمر من دون نتيجة. وتتعالى أصوات في اللاذقية طلباً لتدخل قوات “الحرس الجمهوري”، وهي أسطورة لاذقانية متكررة ومنتظرة عند كل إشكال يحصل مع أفراد العائلة الحاكمة. إذ لم تتدخل قوات “الحرس الجمهوري” مطلقاً، لفض أي أزمة بين أقطاب العائلة.
سقوط صاروخ في اللاذقية، قبل فترة وجيزة، مؤشر مخيف، على الرغم من كل الضخ الإعلامي بوقوف المعارضة في إدلب خلفه. لكن عدم وقوع إصابات، يُرجّح احتمالاً آخر؛ بشار طلال الأسد وضع تهديداته موضع التنفيذ.
المصدر: المدن