محمد علاء الدين
يحمل يوم 28 من سبتمبر/ أيلول في مفكرة التاريخ العربي المعاصر اثنتين من الذكريات، حاملهما واحد، وتصادفتا في اليوم ذاته: ذكرى الانفصال بين سورية ومصر 1961 بعد أول تجربة وحدة بين دولتين عربيتين في التاريخ الحديث للعرب، والذكرى الخمسينية لرحيل الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر في 1970، بكل ما تحمله شخصيته وقيادته ومرحلته من إشكالات، كما إشكالات الوحدة والانفصال، التي ما زالت تستحضر نقاشاتٍ كثيرة، يغلب على معظمها الطابع العاطفي والمواقف المسبقة، مع أو ضد، بعيداً عن تحليل للمرحلة وظرفها التاريخي، وما خلفته من آثار، إيجابية وسلبية، ما زالت ارتداداتها ممتدة، على الرغم من مضي خمسين عاماً على رحيل عبد الناصر، وما يزعمه بعضهم، ربطاً بحدث الانفصال، أن المشروع القومي العربي برمته انتهى منذ ذلك اليوم.
من أكثر ما يعوق الباحث في بحثه، إشكالية القضايا الخلافية، فمهما امتلك من موضوعية في سرد حقائق، ظاهرة أو مغيبة، فإنه، في النهاية، يجد نفسه أمام أسئلة كثيرة تتداعى وتتزاحم من دون إجابات شافية، لأن القضية إشكالية تبقي أبواب التساؤلات مفتوحةً.
شهوة السلطة بطرفيها، الزعاميّ والدكتاتوري، من الناحية النفسية نزعة أكثر بروزاً في الشخصية العسكرية، بحكم تربيتها على وجوب إطاعة الأوامر من دون نقاش، وما فيها من ميل إلى استعراض القوة، ما لم تجد كابحاً، يكون في هذا المجال، في تعزيز مفهوم الدولة، وتجذر ثقافة مدنيتها والاستجابة الداخلية تقبلاً للحريات العامة ونتائج مفرزاتها السياسية في ساحة ديمقراطية حرة ونزيهة. ولعل ذلك ما كان يتستر خلفه العسكريون المنقلبون، حين يدّعون أنهم ثاروا على فسادٍ في سلطة السياسيين، يحرف المسار عن تحقيق تطلعات الجماهير، وأنهم قدموا إلى الحكم لتحقيق تلك التطلعات، ولا تلبث أن تتحوّل الأمور، غالباً، إلى أسوأ أمام ميولهم الدكتاتورية، متسترين بشعارات جوفاء، تبريراً لاستمراريتهم واستبدادهم.
عبد الناصر وتجربة الشيشكلي
لم يكن عبد الناصر رائد الانقلابات العسكرية العربية، فقد سبقه الثالوث العسكري السوري (حسني الزعيم، سامي الحناوي، أديب الشيشكلي) بثلاثة انقلابات عسكرية توالت جميعها خلال عام 1949، متّخذة من نكبة فلسطين ذريعة للاستحواذ على القيادة، بشقيها السياسي والعسكري، لتميل بها بعد حين، باتجاه دكتاتوريةٍ توصل قائد الانقلاب إلى الزعامة والحكم المطلق، وهو ما سارع به قائد الانقلاب الأول، حسني الزعيم، منذ الأسابيع الأولى لحكمه الذي لم يستمر إلا 139 يوماً، وتجنّبه سامي الحناوي في انقلابه قصير الأجل أيضاً، لكن أديب الشيشكلي عاوده، لكن بأناة وعلى مراحل، حاول فيها الاستفادة من تجربة سابقيه، عبر بناء ركائز أقوى وأمتن، للوصول إلى السلطة المطلقة، سواء من ناحية العلاقة مع القواعد الجماهيرية، أو من ناحية التدرّج في تحويل المؤسسات والقوانين إلى ما يخدم طموحه ونزعته، وهو ما ارتكز عليه أيضاً عبد الناصر إثر انقلابه والضباط الأحرار في 1952، فقدّم اللواء محمد نجيب واجهة شكلية، ريثما تستتب له الأمور، في تقاطع مع تجربة الشيشكلي الذي لم يُخفِ عبد الناصر إعجابه به وبتجربته.
إضافة إلى عامل مشترك آخر، يلتقيان به عبر تجربة كليهما في حرب فلسطين (عبد الناصر في حصار الفالوجة، والشيشكلي متطوعاً في قيادة الفوج الثالث في جيش الإنقاذ)، وهو ما يوفر لهما قاعدة وطنية تسهم في جماهيريةٍ متسارعةٍ، استطاع عبد الناصر تحقيقها بشكل غير مسبوق في التاريخ العربي منذ مئات السنين، عبر قراره بتأميم قناة السويس 1956، ونجاحه بالخروج قوياً في مواجهة العدوان الثلاثي، ما جعله بطلاً قومياً وزعيماً عربياً يلبي الجموح الشعبي الطامح إلى بطلٍ يملأ فراغ الواقع، بعد مراحل مديدة من حكم أجنبي.
سياق تاريخي
دراسة ظاهرة الزعامة السياسية في سياقها المرحلي التاريخي تجعل النظرة أكثر موضوعيةً لتجربة عبد الناصر ومرحلتها ضمن المحيط العالمي، فقد كانت الظاهرة منتشرة في العالم مع موجات القومية، خصوصاً في أوروبا وما أفرزته من زعامات عبر الحربين العالميتين، وما بعدهما (لينين، ستالين، هتلر، موسوليني، فرانكو، تشرشل، ديغول …)، وهو ما امتد ليشمل العالم القديم بقاراته الثلاث، ومن ثم ليتجاوز المحيطات، وصولاً إلى الأميركيتين، الوسطى واللاتينية. كان الواقع العربي آنذاك، ضمن هذه الموجات، متعطشاً لزعيم ينبت منه، ملبياً التوق الشعبي إلى البطل المنقذ أو “الزعيم المعبود” كما عبّر عنه توفيق الحكيم، وفلسفه في أكثر من مؤلَّف، “عودة الروح” أشهرها، وما أثر به بعبد الناصر في نشأته وبنيته النفسية والعسكرية المتطلعة إلى هذا الدور، ليعود الحكيم، بعد رحيل عبد الناصر، معلناً ندمه على ما أثّر به في دعوته للزعيم المعبود، عبد الناصر الذي خنق الحريات وغيّب الوعي (كتاب “عودة الوعي”).
تحقق مفهوم الزعامة المترسخ في نفس عبد الناصر على نحو أسرع وأعمق وأوسع مما كان يتصوره، فالحالة تجاوزت حدودها الإقليمية المصرية، لتلقى أوسع صدى وجذب في عموم الأرض العربية، وهو ما أوجد هوىً في نفس عبد الناصر، للتحول من زعيم قومي مصري قوي إلى زعامة عربية شاملة، مركزها مصر، المعزّزة ذلك الوقت بريادة نهضوية بدأت قبل قرن، إبّان حكم محمد علي، يقوّيها موقع مصر الجغرافي في قلب الخريطة العربية وثقلها السكاني. كانت موجة رياح التغيير في العالم آنذاك مواتية، تحديداً في المعسكر الاشتراكي التوجه، عبر ترسخ الحالتين السوفييتية والصينية، ونجاح كاسترو وغيفارا في كوبا واشتعال ثورات التحرّر والتغيير في عدد من دول الأميركيتين، الوسطى واللاتينية، لتصل إلى أفريقيا، المركز التاريخي للاستعمار والاستبداد، عبر ثورتي الجزائر والكونغو وسواهما، فيما على الجانب العربي الآسيوي غليان في الشمال (بلاد الشام والعراق)، وفي الجنوب (اليمن).
عبد الناصر والعقيدة الثورية
ما لا يمكن الإجابة عنه بقطعية، ما لم تتوافر الوثائق والأدلة الدامغة، سؤال أساسي بعيداً عن الاصطفاف المسبق في خندقي مع أو ضد: هل كان عبد الناصر مخلصاً لعقيدة ثورية جامحة، هدفها التحرّر من الاستعمار والقضاء على واقع التخلف؟ أم كان يتخذ تلك الحالة ستاراً لبناء قوة إقليمية كبرى، ذات نفوذ في الامتداد العربي والعمق الأفريقي، وبما يجعلها ذات تأثير بالدول الكبرى، أو على الأقل في منأىً عن تدخلاتها السافرة، وبما لا يستطيع تهديد زعامته؟ أياً كانت الإجابة، فهي، في عرف الواقعية السياسية، مشروعة، لكن السؤال المتولّد منها: هل كانت إمكانات مصر حينها تسمح بذلك، بكل ما يقتضيه مشروع تصدير الثورة ودعمها في بلدان غير مجاورة من إمكانات اقتصادية وعلمية ولوجستية؟
تقوم حجّة المتحمسين للرأي الأول على دعم عبد الناصر ثورة الجزائر التحرّرية، ثم ثورة اليمن التغييرية التي زُجَّ فيها بغير قليل من قوات بلاده العسكرية سنوات، في بلد معروف عبر تاريخه، وبسبب من طبيعته الجبلية وشكيمة مقاتليه، بصعوبة السيطرة السريعة عليه واستنزافه كل القوى التي فكرت في احتلاله وإخضاعه، فيما بقي عبد الناصر مصرّاً على التغيير حتى تمّ. بل إن امتداد الحالة الثورية عند عبد الناصر شمل العمق الإفريقي، كما في الكونغو.
أما المناوئون، فيرون أن عبد الناصر اتخذ تلك التدخلات ذريعةً لتصدير مشكلاته الداخلية، ولإحكام القبضة الأمنية عبر قمع الحريات ومنع الأحزاب وإذابة كل المناهج السياسية في اتحاده الاشتراكي، الفضفاض غير المرتكز على إيديولوجيا واضحة، على الرغم من مقاربات مع المدرسة الاشتراكية السائدة في المعسكر الشرقي الذي اتجه إليه مضطراً، وأنه ما كان مهتماً إلا بتقوية أركان زعامته، مطلقاً أيدي زبانيته في كل مفاصل الدولة، ما دامت تحقق ما يريد من بقائه زعيماً أوحد، مطلق الصلاحية، غير آبه لنتائج مشاريعه التنموية التي يطلقها لتحقيق جماهيرية وشعبوية.
يقف طرف ثالث على مسافة بين الفريقين، المؤيد والمناوئ، لكنه ينتهي إلى أن عبد الناصر، أياً كان في سريرته، استسهل التمدّد في مشروعه بغير حسابٍ حقيقي للإمكانات، وبتفاؤل ثوري لا يمتلك كل مقومات النجاح، مع إصرارٍ على الاعتماد على ضباط متوسطي الرتبة وقليلي الخبرة في إدارة مؤسسات دولةٍ تحاول التنطح لمشاريع كبرى داخل الحدود وخارجها، وهو ما أدّى إلى فشل المشروع برمته، منذ الهزيمة القاسية في حرب الأيام الستة في يونيو/ حزيران 1967، فخسرت مصر سيناءها بالكامل وحدود قناتها شرقاً، وخسر عبد الناصر كل رهاناته منذ ذلك الوقت وقبل رحيله بثلاث سنوات.
لا تتوقف إشكالية عبد الناصر في التاريخ المعاصر عند مرحلة حكمه، بل تمتد إلى ما أثر به في ضباط وقادة عديدين وصلوا إلى الحكم في بلدانهم بانقلابات، فجماهيريته جعلت منه أمثولة وقدوة للعسكريين الطامحين للحكم، إلى درجة أن تنظيماتهم اتخذت التسمية نفسها “الضباط الأحرار”، كما في العراق وسواه، فبات عبد الناصر النموذج المحتذى لجميع الحكام الانقلابيين في العراق والسودان وليبيا واليمن، وبالتأكيد في سورية التي كانت رائدة الانقلابات العربية قبله.
وتفضي النظرة الموضوعية والتحليلية إلى كل تلك الدكتاتوريات العربية في مدة حكمها الطويل إلى نتيجة شديدة الوضوح، مفادها بأن الدكتاتوريات استطاعت، بما حققته من استقرار سياسي، النهوض ببلدانها قليلاً في بعض جوانب التنمية ضمن مرحلة، لكنها ما لبثت أن قادت البلاد إلى جمود فخراب.
انكسار المشروع القومي
بالعودة إلى الذكرى المتصادفة مع رحيل جمال عبد الناصر، التي هو بطلها أيضاً، ذكرى الانفصال الذي وقع عام 1961، لينهي تجربة الوحدة المرتجلة بين مصر وسورية، بعد ثلاث سنوات ونصف من إعلانها. وفيما تؤكد الروايات والأحداث والوثائق الاندفاع السوري العاطفي، عبر القوى القومية الناهضة في سورية (“البعث” و”الناصريين”) تجاه وحدة متعجلة، لم يكن عبد الناصر، في البداية، متحمساً لها كحماستهم، وكان يفضل عنها تضامناً عربياً وتنسيقاً عالي المستوى، لكن المؤكّد أيضاً أن الاندفاع السوري لقي صدىً في نفسه، جعله يضع شروطه لتلك الوحدة، فقبلها، وأيضاً من دون دراسة عواقب الخطى، أولئك المتعجلون، فكانت النتيجة السقوط المدوي أمام أول هبة ريح، إثر محاولة عبد الناصر تطبيق تجربته الاقتصادية المصرية على واقع سوري مختلف، متجاهلاً كل التحذيرات من عواقبها، ومطمئناً إلى تقارير جهازه الاستخباري، التي كانت، كما يُستنتج، تبحث عن رضى الزعيم أكثر من سبرها حقيقة الواقع.
المستغرب في مسيرة حكم عبد الناصر أنه، خلال سنوات الوحدة واندماج الجيشين المصري والسوري، لم يحرّك شيئاً تجاه العدو الإسرائيلي في الجبهتين، ولم يجرِ التحضير لمعركة حقيقية في وقتٍ كانت فيه إسرائيل ما زالت أقل قوة مما ستغدو لاحقاً، وهو ما لا يخفى على أي نبيهٍ أو متتبعٍ، لا على رجل عسكرة وسياسة، كعبد الناصر، للتجربة معها منذ نشأتها.
بل يزداد الاستغراب، خلال الوحدة وبعدها، من تدخلات الجيش المصري وتناثره في بلدان بعيدة جغرافياً عن مصر (الكونغو – اليمن 1962)، وباستنزاف قوة الجيش في حربٍ امتدّت سنوات، ثم يفكر في عام 1967 بحرب مع إسرائيل، وحال الجيش كذلك، راكناً إلى طمأنات المشير عبد الحكيم عامر بقدرة الجيش على خوض الحرب بثقة. وعلى الرغم من أن عبد الناصر دقّ طبول الحرب قبل أسبوعين من وقوعها، عندما أعلن، في 23 مايو/ أيار (1967)، إغلاق خليج العقبة، فإن التحضيرات العملية للحرب في الميدان كانت شديدة الهشاشة، فالحرب حسمت من لحظتها الأولى، عندما شنّت إسرائيل غاراتها على مصر، محيّدة سلاح الجو المصري، وموقعة هزيمة مذلة انتهت بسقوط سيناء بكل مساحتها في حربٍ لم تزد على ستة أيام.
إشكاليات وأسئلة
إشكاليتا عبد الناصر وحكمه، والوحدة والإنفصال، ليستا الوحيدتين المثيرتين للجدل والتساؤلات، بل يمتد ذلك ليجعل الأسئلة المضادّة إشكالية أيضاً، فهل كانت مصر ستكون في وضع أفضل، لولا إصلاحات عبد الناصر، التي يزعم مؤيدوه، بعيداً عن كل المشاريع التنموية، كالسد العالي وتأميم قناة السويس والإصلاح الزراعي، أنه يكفيه ما أنجز من ثورة في التعليم، شملت الريف كله، فاتحة أبواب التعليم الإلزامي على مصراعيها، في محاولة للقضاء على الأمية والجهل، وما أثمره ذلك لاحقاً من تطور للريف المصري حتى النائي منه؟ أم أن ما جرى، كما يزعم المناوئون؟ وما رفعه عبد الناصر من شعاراتٍ هو نتاج تطور طبيعي كانت ستقوم بمثله وأفضل أي حكومة وطنية في مرحلةٍ نهضةٍ شملت العالم بعد الحرب العالمية الثانية والخلاص من آثارها على الاقتصاد والتنمية في كل مجالاتها؟ ألم تكن مصر بكل ما اتهم به عبد الناصر من استنزاف لطاقاتها وجيشها أقوى ممّا آلت إليه بعده؟ أم أن الوضع التالي هو استمرار لنهجه، وما الاختلاف إلا اختلاف الحاكم وآرائه، وأن العقدة الكأداء كامنة دائماً في العسكر والدكتاتوريين وأسلوب حكمهم القاضي بخنق الحريات لبقائهم مستأثرين بسلطاتٍ، مع منظومتهم، بعيدة عن تخصصهم ومداركهم، فلا تنتج، في المحصلة، غير إيقاف عجلة التطور الطبيعي، وبآثار لاحقة تدوم إلى جيلين على الأقل، كما يقول خبراء التنمية؟
وبشأن إشكالية الوحدة والانفصال، هل كان الانفصال أفضل من وحدة بكل عيوبها ونواقصها؟ أما كان في الوسع أن تستمر الوحدة وتقلص عيوبها مع الزمن وتستكمل نواقصها تدريجاً، أم كان الانفصال خطوة لا بد منها ليتخلص السوريون من هيمنة مصريةٍ لا تراعي مصالحهم، كما يدّعي الانفصاليون. ذلك أيضاً يسوق أسئلة تتوالى: هل صار وضع سورية أفضل بعد الانفصال؟ هل قوي اقتصادها؟ هل تحولت إلى دولةٍ أقوى مما كانت عليه خلال الوحدة؟ أم تحوّلت إلى ملعبٍ مفتوح لضباط صغار استطاعوا فرض الطائفية في الجيش في سنوات تحوّل خطر ومتسارع، لينتهي المآل، بعد أيام من رحيل عبد الناصر، إلى حكم عائلة الأسد والممتد أيضاً منذ خمسين عاماً؟
يؤسف له أن العرب، بعد قرن وأكثر من بدء نهضتهم عبر نخب، ووصول قواعدهم إلى حالة مقبولة علمياً واجتماعياً، آل بهم واقع الحال، ونتيجة الفشل الحكومي ومضي القيادات إلى غير مصالح جماهيرها، إلى تدهورٍ كانت نتيجته دماراً في دولٍ عديدة، شهدت إشراقات مرحلية (العراق، سورية، اليمن، ليبيا)، فيما الربيع العربي الذي عقدت عليه آمال التغيير لم ينعقد زهره ثمراً في غير تونس، بعد إجهاض التجربة الديمقراطية القصيرة لثورة يناير في مصر، وعودة العسكر إلى الحكم عبر الجنرال عبد الفتاح السيسي. أما واقع بقية الدول التي لم تشملها ثورات الربيع، وإنْ كان يشهد بعض استقرار، فإن المؤشرات تضعها في دائرة الخطر القادم، خصوصاً مع انخراط معظمها في مشاريع خارجية خطرة، ومع هرولات التطبيع أخيراً، المتهافتة، ولا مبرر لها، إلا في حالتي الأدوار الوظيفية لراسمي الخرائط الجدد، أو خواء الرؤية المستبصرة للقادم… هل دخل الحلم العربي خريفه، ليجعل الأمة بمجموعها منجرفة نحو الهاوية؟
المصدر: العربي الجديد