أحمد مظهر سعدو
في حوار صريح ومفعم بالوطنية السورية، ومندمج بما دأب عليه العقيد رياض موسى الأسعد، عبر عمل عسكري استراتيجي من أجل إزاحة الطغاة، كان لنا هذا اللقاء والحوار الشفاف مع رجل من أهم رجالات الحيش السوري الحر، وهو الذي بدأ مع المكافح الكبير المعتقل المقدم حسين الهرموش، من خلال حركة غيرت مجرى الثورة السورية برمتها.
العقيد رياض الأسعد من الرجال الأنقياء الذين لم تلوثهم مكتسبات الواقع السوري المتغير، ولا بدلت ملامحهم كل المغريات، فظل وفيًا لثورة الحرية والكرامة.
وكان أن طرحنا عليه بعض الأسئلة وقلنا: _ أنت من أهم المؤسسين الأساسيين للجيش السوري الحر.. كيف تنظر إلى مآلاته حاليًا؟ وهل تعتقد أن البديل هو الجيش الوطني القائم اليوم بدعم من الدولة التركية؟ _ وما تقييمك لأوضاع إدلب آنيًا على المستوى العسكري خاصة؟ وهل ترى من احتمالات لهجوم بري للنظام وأتباعه على إدلب؟ _ و لماذا كل هذا التفكك في المعارضة السورية وقوى الثورة السورية؟ وما الحل بنظركم؟ _ وماذا عن الخطيئة التي فعلها الائتلاف بما يخص قرار مفوضية الانتخابات وما أفرزته بعدها؟ _ وهل مازلت تملك الأمل والحلم بإسقاط النظام المجرم في القريب القادم؟ _ ولماذا تخلى أصدقاء الشعب السوري عن دعم السوريين في الآونة الأخيرة؟ _ وهل أنت من الذين يدعون إلى دمج الحكومتين السوريتين في الشمال (الإنقاذ) و(المؤقتة)؟ وهل حدوث ذلك أصلاً ممكنًا بنظركم؟ وهل يمكن أن تلعب أنت دورًا في ذلك؟
حيث تحدث العقيد رياض إلينا قائلًا:” الجيش السوري الحر تم تشكيله ليكون رافعة الثورة الحقيقية في تنظيم صفوف الثوار والدفاع عن الثورة بحماية المظاهرات السلمية وتحقيق الأمن والأمان والعمل على إسقاط عصابة نظام الاستبداد والإجرام والإرهاب الأسدية، التي ارتكبت أبشع المجازر بحق شعبنا العظيم، وللأسف فإن ما آلت إليه الأمور من تشكيلات فصائلية، منها المرتبط بالداعم، والمؤدلجة، توغلت على التشكيل الأساس للثورة، والجيش السوري الحر، رغم أن جميع تلك الفصائل تتكلم باسمه، وهو منهم براء، ولم يكتفوا بذلك بل طغت حالة التفرقة والتمزق التي ضربت صفوفها وصولًا إلى الاقتتال البيني، في مرات كثيرة من أجل نفوذ أو معبر، أو دعم، ومازال الجيش السوري الحر في قلوب وعقول الأحرار، رغم ما حدث من تغييب قسري له ولعناصره، الذين مازالوا يعيشون الثورة ويعملون لتصحيح مسارها وانتصارها ” ثم قال ” أما عن الجيش الوطني، فالناس هم أكثر دقة ومعرفة في تقييمه، وأي جسم أو تشكيل ينحرف عن الهدف الأساسي والمبادئ الأساسية التي قام على أساسها الجيش السوري الحر وأهمها عدم مهادنة القتلة والمجرمين والتماهي مع الغزو الروسي والإيراني، ولم يؤد إلى إسقاط عصابة الإرهاب الأسدية، فلن ولم يكون بديلًا عن الجيش السوري الحر” وعن الوضع في إدلب قال الأسعد ” للأسف الوضع في إدلب صعب جدًا على أهلنا وخاصة النازحين في المخيمات والوضع المعيشي في ظل عدم تقديم الدعم المطلوب من قبل المنظمات الإغاثية وعدم الاهتمام من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الأممية، ومن الناحية العسكرية فيخضع للتوافقات بين الضامنين مع اختراق وقصف لا يتوقف من قبل ميليشيات الغزو الإيراني والروسي ومحاولات يومية للتقدم على محاور متفرقة باتجاه جبل الزاوية، والفصائل أخذت وضعية الدفاع وكل ما يكتب أو يقال عن جنوب ال m ٤ فهو تكهنات وتحليلات ولا يعرف بحقيقة الأمر إلا أصحاب النفوذ والقرار الضامنين رغم الاستعدادات من قبل أبناء المنطقة لأي هجوم محتمل ويتصدون لأي خرق تحاوله الميليشيات الأسدية، وباعتقادي ستحاول روسيا السيطرة على جنوب ال m ٤ بأي وسيلة”. أما عن تفكك المعارضة فيقول : ” التفكك الذي عصف بالثورة السورية فاق التصور، ولم يكن أحد يتوقعه بهذا الحجم، ويعود لأسباب كثيرة أولها دخول المعارضة لتتسلق اسم الثورة وهي ضدها في النهج والعمل، ولذلك أفسحت المجال لدخول الدعم الدولي، وهي أول من طالب به ظنًا منها أنها بذلك ستكون قادرة على قطع الطريق على الثوار الحقيقيين واستلام السلطة بأسرع وقت ممكن، ماثلًا في ذهنها سيناريو تونس ومصر غير مدركة لطبيعة العصابة الأسدية المافيوية التي تختلف في تركيبتها وتكوينها وعملها عن تلك الدول، فلا جيشها جيش ولا أمنها أمن، ولا مسؤوليها مسؤولين ولاهي حكومة لشعب، بل مافيات تتحكم بمصير شعب ولذلك فالمعارضة بكل شخوصها ومسمياتها ساعدت في القضاء على الجيش السوري الحر واستبداله بفصائل تحقق لها طموحها الجامح بعيدًا عن المصلحة العامة للشعب الذي انتفض في وجه الاستبداد والطغيان ليعيدوه مرة أخرى إليها، ولذلك تكاثرت التشكيلات الفطرية حسب الدعم والايديولوجيا وتفككت المعارضة السياسية نفسها وأصبحت متصارعة على وهم إرضاءً لشهواتها، وإرضاءً للدولة الراعية لها أولًا وأخيرًا وانتقل الصراع بينهم، ونسوا العصابة الأسدية والغزو المجرم، لا بل فإن الكثير منهم تماهى معه، ويبحث عن مكان عنده، وهذا واضح من خلال التهافت والسباق للانضمام إلى الهيئات التي شكلوها من ائتلاف وهيئة مفاوضات ولجنة دستورية رغم أن البعض يحاول تشويه الحقيقة بعدم رضاه عنها، أو يدعي تركها، وهو من مؤسسيها، أو كان يحلم أن يكون فيها، ولم يتمكن ، حتى وصلوا إلى حالة الاختلاف على الهدف الأساسي للثورة، وهو إسقاط النظام، تحت مسمى الواقعية التي لا يعرفون سوى اسمها. والحل بنظري هو عودة الثورة، وتشكيل قيادتها الأمينة والتبرأة من كافة الاستحقاقات الانهزامية التي فرضت قسرًا عليها وإعادة تنظيم صفوفها على كافة المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية واستنهاض همم الأحرار لتحرير بلدهم واسترجاع حقوقهم بكافة الوسائل الشرعية التي يضمنها لهم القانون الدولي، وجميع الشرائع، أولها العسكرية، كما كان في بداية الثورة. والتخلي عن فكرة الجيوش التقليدية، والمعارضة البائدة، ونسف كافة المشاريع الاستسلامية “. وعن فعلة الائتلاف قال” ما قام به الائتلاف خلال مسيرته وما قام به من تشكيلات استسلامية ليس خطيئة بل جريمة لن تغتفر، مستغلاً تضحيات شعب عظيم كسر طوق الاستبداد وحطم رمز الارهاب وأدواته وقارع أعتى غزاة العصر من دول فاشستية إرهابية قاتلة، ومازال يقاوم بما يستطيع ثابتًا ثبات الجبال الراسيات على أهدافه ومبادئه والتي من أجلها رويت سهول وجبال ومدن وأرياف وصحراء سورية بدماء أحرارها الأخيار في سبيل النصر، وهذا كان واضحًا برسائل واضحة عندما خرج الشعب الحر بكل فئاته وأشخاصه منتفضًا ضد الائتلاف في أكثر من زمان، وكذلك هيئة المفاوضات، ولجنة دستور الغزو الروسي. وللأسف كان الرد من أولئك المنتفعين المتسولين الاستمرار في غيهم ومحاولة استغباء الشعب من خلال تبريرات تسلطية تافهة”. ثم أكد الأسعد أن ” إسقاط العصابة المافيوية المجرمة وتحرير سورية حلم كل حر ومستمرين في العمل بكل الوسائل الممكنة، ولن نعدم الوسائل في سعينا الجاد والمجهد لامتلاكنا الوسائل التي تحقق الهدف رغم جميع الصعوبات والتحديات التي ندركها تمامًا والحق لا يستجدى بل ينتزع، وخاصة عندما يكون الصراع مع قتلة مجرمين، ولن نسمح أن تضيع تضحيات شعبنا الحر، وبإذن الله سنستمر بالعمل الذي تكفله لنا حقوقنا وكل ما تكفله لنا الشرائع”. ثم تحدث عن الصداقة بين الشعوب وتخلي الدول عن السوريين بقوله:” الصداقة عرف اجتماعي يربط أشخاص مع بعضهم ويعزز أواصر المحبة والثقة بينهم ولا يتخلى الصديق عن صديقه إلا في حال انحراف أحدهما عن الهدف الأسمى للصداقة، والعمل بعيدًا عن مبدأ الصداقة الذي ربطهما وهي أسباب كثيرة، وفي السياسة يختلف الأمر فلا توجد صداقة، بل توجد مصالح ، وهذا مصطلح أطلق للامتصاص والتخفيف من الوقع، والدخول لامتلاك زمام الأمور، والحقيقة كان عامل تفرقة، وليس عامل جمع ، وكان عامل هدم، وليس بناء، وكان عامل صراع وليس محبة وعامل شك وليس ثقة وعامل تراجع لا تقدم، لأن صاحب المصلحة لن يجد في الآخر القدرة على تحقيق مصلحته، ولذلك من البديهي التخلي والبحث عمن يحقق المصلحة”.
ثم تحدث بما يخص إمكانية توحيد الحكومتين في الشمال ” عندما يكون فهم السياسية كشكل وليست مضمون فلا يمكن تحقيق أي خطوة اعتبارية لتوحيد مكونات صغيرة، فكيف حكومات والحقيقة المرة أننا سعينا منذ اللحظات الأولى لعدم وجود حكومتين في ظل عصيب فرض التحرك من قبل الأحرار لاستدراك أمر جلل سيقع، وتمت الدعوة للجميع للحوار والنقاش والبحث عن مخرج وإيجاد الحل، وذهبت إلى أحد وزراء أبو حطب في معرة النعمان وبعدها ذهبت مع فريق إلى الدكتور أبو حطب محاولين ألا يكون هناك حكومة أخرى، ولكن للأسف لم تكلل الجهود بالنجاح ، وكانت الرؤيا ضيقة جدًا رغم ما بذل من جهد كبير في هذا الإطار، محاولين أن تتوحد كافة المكونات ضمن إطار مؤسسي تنظيمي حقيقي وفاعل، والتخلص من الفوضى التي تعصف بالساحة ومازلنا نسعى إلى توحيد الساحة ونزع فتيل الصراعات والتحول إلى مؤسسات فاعلة، ويكون توحيد للساحة إذا وجدت الرغبة الحقيقة، وامتلاك القرار وصدق النوايا والثقة إن كان بين الحكومات أو المكونات، وهناك عامل مهم، والأهم امتلاك زمام المبادرة وحرية القرار، وهناك الكثير من الأحرار يعملون ليل نهار من أجل تحقيق ذلك، وصولًا إلى النصر إن شاء الله ،وسنبقى على العهد ما بقينا أحياء. والله ولي التوفيق”.