تواصل أدوات القمع والقتل للنظام السوري، ومع اقتراب الثورة السورية من إتمام عامها العاشر، سياسة العسف والقتل وكم الأفواه، حتى باتت سورية من أسوأ البلدان في العالم، في مقياس الحريات، ولجم أي نهوض باتجاه التحرر من المقتلة المستمرة منذ ما يقرب من عشر سنوات خلت من الدماء والدمار.
ولعل سياسة البطش والطغيان الممارس فوق رؤوس البلاد والعباد وحالة التخلي (المعولم) عن الشعب السوري، وانزياح القيم الحضارية العالمية، نحو مزيد من الانشغال عن معاناة الشعب السوري، إلى مصالح دولية لم تعد تلقي بالاً لكل هذه المعاناة اليومية للسوريين قاطبة. من ثم تركهم يلاقون المصير من القمع والقتل المتتابع، من قبل نظام فاجر يمتلك فكر العصابات وممارساتها القميئة. ويُترك الإجرام الأسدي بكل صلفه وعنفه وإرهابه لقمع الشعب السوري السلمي المتطلع تنحو الحرية والكرامة.
فقد احتلت سورية (بكل أسف) المرتبة الأخيرة في مؤشر الحريات الصادر عن مؤسسة “كاتو” ومعهد “فرايزر” للأبحاث، للعام 2020. وجاءت سورية التي شهدت، طوال عقد، حرب إبادة شنها نظام بشار الأسد الطائفي ضد شعبه، في المركز 162 للعام الرابع على التوالي، علماً أن التصنيف يعرض حالة حرية الإنسان في العالم بناءً على مقياس واسع يشمل الحرية الشخصية والمدنية والاقتصادية، على اعتبار حرية الإنسان “مفهومًا اجتماعيًا يعترف بكرامة الأفراد ويتم تعريفها على أنها الحرية السلبية أو غياب القيد القسري”، حسب تصنيفات دولية.
وحصلت سورية على 2.49 نقطة من أصل 10 نقاط في مجال الحريات الشخصية، و5.45 نقاط في مجال الحرية الاقتصادية، و3.97 في مجال الحريات الإنسانية. علماً أن البلاد أتت في المركز الثاني في قائمة المؤشر العالمي للإفلات من العقاب للعام 2020، بحسب دراسة أعدتها “لجنة حماية الصحافيين”، في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، تسلط الضوء على البلدان التي يتم فيها استهداف الصحافيين ولا يعاقب المجرمون على جرائمهم كحال الوضع في سورية مع وجود النظام السوري التسلطي.
وتجدر الإشارة إلى أن كل المناطق التي تم تشميلها بما سمي بالمصالحات كدرعا وحمص وغير منطقة في سورية، مازالت تعاني من ممارسات إرهاب النظام ضد الشعب في درعا وحمص، وتشهد درعا بالذات أكبر عملية تصفية وقتل ممنهج للكثير من الكوادر التي سبق وكان لها دور ما في المشاركة بالثورة السورية ضد النظام منذ أواسط آذار/ مارس 2011.
حيث سجل “مكتب توثيق الشهداء في درعا”، وهو مركز حقوقي، ارتفاعًا كبيرًا في عمليات الاعتقال والإخفاء والتغييب القسري من قبل الأفرع الأمنية التابعة لقوات النظام في المحافظة خلال الأشهر الأخيرة وخاصة في نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت، بواقع 53 معتقلاً. كما سجّل 34 محاولة وعملية اغتيال في الفترة ذاتها، أسفرت جميعها عن مقتل 24 شخصًا من المدنيين والعسكريين، ما عدا القتلى الذين سقطوا خلال الهجمات التي تعرضت لها نقاط تفتيش وأرتال قوات النظام كردة فعل مباشر على هذا الاستهداف المباشر للكوادر الحورانية النشطة في المحافظة السورية الجنوبية.
كما نشرت قوات النظام السوري، حواجز جديدة بالتعاون مع حزب الله والميليشيات الطائفية المساندة، في العديد من المناطق على الطرق الرئيسية في محافظة درعا، واعتقلت مجموعات من الشبان بهدف السوق إلى التجنيد الإجباري في صفوفها.
وتؤكد مصادر مطلعة في درعا أن فرع المخابرات الجوية التابع للنظام نصب حاجزاً متنقلاً عند نقطة (المجبل) على طريق خربة غزالة الواصل إلى مدينة درعا، واعتقل خمسة عشر شاباً بدعوى التجنيد الاجباري.
ولا يبدو أن هناك أي أمل في تغيير ملامح الممارسات القمعية الممنهجة من قبل نظام استمرأ سياسة القتل والاعتقال والتغييب القسري، بل هناك إصرار عليها، ومواكبة لسياسات سبقت، كان النظام ومازال ينتهجها ضد السوريين، في ظل غياب مؤكد وواضح المعالم لأي تدخل جدي من دول عربية أو إقليمية أو عالمية دأبت باستمرار على الإعلان والتصريح عن دعمها للشعب السوري المقهور. ولأن سياسة الهدر للإنسان السوري ما برحت متواصلة وبشكل أكثر عنفًا، ومع التغييب المتتابع لمئات الآلاف من السوريين في زنازين القهر والظلم الأسدي، إلا أن كل هذه السياسة تضع الذين يحاولون إعادة تسويق النظام السوري في خانة اليك، والإحراج، لأن أي نظام تكون هذه هي سماته لا يمكن الثقة به أو الركون لوعوده، بدون وجود إرادة دولية جدية وفاعلة، وأكثر حزمًا تنهي سنوات القتل والقمع ،وتعيد القرارات الدولية إلى جادة الصواب، وتنهي سياسات المماطلة، في مسارات جنيف أو أستانا أو سواهما، ولم يعد مقبولًا ولا معقولاً أن يتنطع بعض المعارضة إلى الدوام على الركض وراء سراب خادع وممض. كشفه شعبنا السوري، وعرَّته ممارسات النظام وروسيا قبل غيرها، ويجب فضح المعارضة التي مازالت تأمل خيرًا من نظام العصابة الأسدية المجرم والكيماوي وصاحب اختراع البراميل القاتلة للشعب السوري.
المصدر: ملتقى العروبيين