فؤاد عزام
“ليس لنا ثأر مع أهالي القابون”، بهذه الكلمات توجه عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق فيصل سرور لأهالي القابون (شمال شرق دمشق) عبر صحيفة محلية، ثم أبلغهم أن عليهم نقل نحو 750 منشأة من المنطقة الصناعية إلى خارج دمشق. الهدف هو هدم المنطقة الصناعية من أجل إقامة مركز تجاري وسكني، خاصةً أنّ نسبة الدمار في المنطقة عالية، بحسب تعبيره.
تصريحات سرور التي نقلتها صحيفة الوطن التابعة للنظام ليست الأولى، إلا أن الجديد فيها هو تلميحه إلى وجود بعد سياسي وأمني من خلال إشارته بشكل غير مباشر إلى مشاركة أهالي القابون بالثورة، وإدراج ذلك ضمن أزمة المنطقة الصناعية التي بدأت قبل نحو ثلاث سنوات حين شرع أصحاب المنشآت الصناعية بإعادة تشغيلها بعد انتهاء الحرب هناك وسيطرة النظام على المنطقة التي تعد مع حي جوبر البوابة الغربية للغوطة الشرقية.
حكومة النظام ممثلة بمحافظة دمشق بررت طلبها من الصناعيين نقل مصانعهم إلى منطقة عدرا بأن نسبة الدمار في المنشآت جراء الحرب بلغت نحو 80 في المائة.
لكن صناعيون تحدثت معهم “العربي الجديد” أكدوا أن لجنة من نقابة المهندسين تعاقدوا معها دحضت ذريعة المحافظة وبينت في تقرير رسمي أن نسبة الدمار لا تتجاوز الـ 20 في المائة، وأن المنشآت الصناعية تحتاج إلى عمليات ترميم بسيطة بحسب ما أعلنه في وقت سابق رئيس لجنة القابون الصناعية عاطف طيفور لصحف محلية.
ووسط رفض غالبية الصناعيين التخلي عن منشآتهم في المنطقة، قال الباحث الاقتصادي رضوان الدبس لـ “العربي الجديد” إن إغلاق المصانع في المنطقة الصناعية بالقابون يعني خسائر بمليارات الدولارات بالنسبة الصناعيين وبطالة تطاول عشرات الآلاف من الأسر إضافة إلى فقدان الدولة مورد ضرائبي هام، في حين أن المستفيد من هذا الإجراء جهات تعمل بالباطن على الاستثمار العقاري لتجني أرباحاً خيالية.
وأضاف الدبس أن مصانع المنطقة جميعها من الصناعات الصغيره والمتوسطة ما يعني أن عدد العمال مرتفع والإنتاج سريع ومباشر. حيث تعيل المنشآت نحو عشرين ألف أسرة، إضافة إلى الموظفين والعمال في الخدمات المساندة. وتنقسم القابون إلى منطقتين، الأولى صناعية وتحوي عدداً كبيراً من المنشآت، والثانية سكنية، وتعد من مناطق السكن العشوائي أو المخالفات ونزح القسم الأكبر من سكانها الذين يقدر تعدادهم بنحو 100 ألف نسمة بسبب القصف والاشتباكات، بينما نزح معظم ما تبقى إلى الشمال السوري بعد التسويات التي أعقبت سيطرة النظام على المنطقة.
وأدرج النظام منطقة القابون وجوبر ضمن مناطق التطوير العقاري الجديدة التي تتضمن أراض تابعة للقطاع الخاص وأخرى للقطاع العام يجري إعداد صكوك قانونية لها، كالشركة الخماسية التي تمتد على مساحات واسعة في القابون وشركة الصناعات المعدنية (بردى) وعقارات شركة غراوي، إضافة إلى مناطق السكن العشوائي التي دمر النظام معظمها ولا سيما في مناطق بساتين الرازي التي خصها بالقانون رقم 66 للتطوير العقاري.
ويعتزم النظام إقامة مشروعين سكنيين وتجاريين كبيرين في تلك المناطق هما ماورتا سيتي وباسيليا سيتي بموجب القانون رقم 10 الذي وسّع نطاق المرسوم 66 لجهة تشريعه مصادرة أملاك المهجرين سواء نازحين أو لاجئين، ويستهدف خصوصا المناطق المتاخمة للعاصمة والتي شهدت كبرى المظاهرات ضد النظام مع بداية الثورة السورية.
ويضع النظام ثقله من أجل تنفيذ المشروعين الذين يستحوذ رجال أعمال من بينهم محمد حمشو عضو مجلس الشعب السابق وأمين سر اتحاد غرف التجارة على حصة استثمارية كبيرة فيهما. إذ سبق لحمشو أن جال في منطقة القابون بعيد رفض الصناعيين إزالة مصانعهم قبل نحو عامين وأبلغهم بأن الحكومة مصرة على التنفيذ طالباً منهم التوقيع على تعهد بالإخلاء عند الطلب.
ويعد حمشو واجهة اقتصادية لماهر الأسد المقرب من إيران، ويخضع للعقوبات الأميركية منذ العام 2011، وظهر بوصفه صاحب مبادرات، وقدّم مشاريع استراتيجية، إذ أعاد طرح موضوع إنشاء مصرف سوريّ إيراني، وشركة سورية إيرانية قابضة تعنى بالتطوير العقاري، وسبق له أن زار طهران على رأس وفد ضم 50 رجل أعمال وحظيت الزيارة باهتمام شخصيات إيرانية بارزة.
المصدر: العربي الجديد