ابتسام عازم
ناشد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، المجتمع الدولي وضع خلافاته جانباً ومد يد العون لملايين السورين الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ماسة. وأكد على ضرورة أن تضع الدول الأعضاء في مجلس الأمن خلافاتها جانباً وتسمح بإعادة فتح كل من معابر باب السلام واليعربية والتجديد لاستمرار تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود عبر باب الهوى.
وجاءت تصريحات بلينكن خلال ترؤسه جلسة مجلس الأمن الدولي الشهرية حول الوضع الإنساني في سورية، حيث ترأس الولايات لمتحدة المجلس هذا الشهر. وتأتي تصريحات بلينكن حول آلية المساعدات الإنسانية العابرة للحدود في سياق نقاش دول أعضاء في مجلس الأمن، في اجتماعات غير رسمية، التجديد للقرار 2533 والذي تنتهي صلاحيته في الـ 11 من يوليو/تموز القادم. ويسمح حالياً بوصول المساعدات الإنسانية العابرة للحدود للشمال الشرقي والغربي لسورية عبر معبر واحد وهو باب الهوى، وذلك بعدما أغلقت المعابر الثلاثة الأخرى بسبب استخدام كل من الصين وروسيا للفيتو ضد التجديد لاستخدامها العام الماضي. وهناك مخاوف دولية بأن روسيا قد تصر على عدم التجديد لتقديم تلك المساعدات عبر باب الهوى والسماح للأمم المتحدة بتقديمها فقط عبر المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري.
وقال بلينكن: “يحتاج اثنان من بين ثلاثة سوريين لمساعدات إنسانية، وستون بالمئة يواجهون خطر الجوع. كل شهر يجتمع مجلس الأمن لنقاش الوضع الإنساني في سورية وهذه الأرقام الضخمة تتزايد. وقد ننسى في خضم النقاشات أن وراء هذه الأرقام حيوات وليست مجرد أرقام”. وتحدث بلينكن عن الهجمات الأخيرة التي شنها النظام ضد مستشفى في منطقة حلب، ما أدى إلى مقتل عدد من المدنيين وجرح آخرين. ولفت الانتباه كذلك لتنفيذ روسيا لهجمات إضافية بالقرب من معبر باب الهوى. وقال إن الحل الوحيد للصراع في سورية هو سياسي بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254. ثم أضاف: “ولكن إلى حين التوصل إلى حل لا يمكن أن نغفل الحاجة الماسة التي يعاني منها السوريون. ومن الواضح أن النظام السوري لن يلبي هذه الاحتياجات الماسة، بما فيها الحصول على الغذاء والدواء الكافي”. ثم أردف: “والسؤال الذي يطرح نفسه؛ ما الذي يمكن أن يفعله مجلس الأمن لمساعدة هؤلاء السوريين؟ على المدى القصير علينا أن نضمن أن يحصل السوريون على المساعدات التي يحتاجونها. والطريقة الأكثر نجاعة لإيصال المساعدات لأكبر عدد ممكن من السوريين للشمال الشرقي والشمال الغربي وبأسرع وقت هو عن طريق الآلية العابرة للحدود”.
ووجه بلينكن انتقادات لروسيا والصين، دون أن يسميهما، لاستخدامها الفيتو والحيلولة دون التجديد لتقديم المساعدات عبر باب اليعربية وباب السلام. وقال إن خفض عدد المعابر واضطرار الأمم المتحدة لتحويل جزء منها عبر الأراضي التي يسيطر عليها النظام له تبعات سلبية عديدة من بينها زيادة التكلفة المادية والوقت لتوصيلها. كما يزيد ذلك من الضغط على الأمم المتحدة ويضطرها إلى التفاوض مع عدد أكبر من الجماعات المسلحة التي تسيطر على المناطق المختلفة. ثم أضاف: “وهذا يعني كذلك أنه في حال توقف دخول قوافل الإغاثة عبر باب الهوى، كما حدث الأسبوع الماضي بسبب الضربات الروسية، فإن دخول الإغاثة عن طريق الآلية يتوقف تماماً”.
وقال بلينكن: “يقول البعض إن استمرار تقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود يتعدى على مبدأ السيادة للنظام السوري (على كامل الأراضي السورية). ولكن مبدأ السيادة لأي حكومة لم يكن هدفه أن يعطي الحق لأي حكومة لتجويع الناس، ومنع وصول المساعدات الطبية المنقذة للحياة، وقصف المستشفيات، أو ارتكاب أي خروقات لحقوق الإنسان”. ثم شدد مجدداً على ضرورة أن يجدد مجلس الأمن لعمليات المساعدة الإنسانية العابرة للحدود خلال الأشهر القادمة. وتحدث عن ضرورة أن تكون عودة اللاجئين طوعية.
ومن جهته اتهم مساعد وزير الخارجية الروسي، سيرفي فرشينن، الجانب الأميركي بنقل النفط السوري إلى العراق وسلب مواردها الطبيعية وبشكل يومي. ووجه الاتهامات لجزء من الجماعات المسلحة التي تسيطر على الشمال الشرقي والغربي بأنها تعيق وصول جزء من قوافل المساعدات كما تستولي على جزء منها.
ومن جهته قال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في حالات الطوارئ: “كما تعلمون الصراع في سورية بلغ عامه العاشر. عقد من الموت والدمار والتشريد والمرض والرعب واليأس”. ثم أضاف: “إن الاحتياجات في سورية أصبحت أكبر من أي وقت مضى، ويقدر أن هناك أكثر من 13 مليوناً في جميع أنحاء سورية يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وهي زيادة بنسبة عشرين بالمئة عن العام الماضي”. ثم قال إن التراجع الاقتصادي الكبير، والذي زادت من حدته الجائحة، أدى إلى زيادة تلك الاحتياجات، حيث انخفضت قيمة الليرة السورية لمستويات غير مسبوقة، وزادت أسعار الأغذية بشكل لا مثيل له. ونتيجة لكل هذا نرى ارتفاع مستويات الجوع وسوء التغذية بما فيها بين الأطفال الرضع.
وحول الهجوم الأخير من قبل النظام السوري على مستشفى الأتارب قال لوكوك، إن القائمين عليه اضطروا لإغلاقه كما وقع عدد من الإصابات من بينها مقتل خمسة أشخاص. ثم قال: “إن هذا المستشفى على غرار الكثير من المستشفيات بني تحت الأرض لتفادي ضربات كهذه. ومن المقزز بأن المستشفيات التي تحظى بحماية القانون الدولي يجب أن تعمل تحت الأرض في سورية، ولكن هذا هو الواقع. وكانت الأطراف المتقاتلة تعرف موقع المستشفى، والأمم المتحدة دعمته ودعمت تحديثه ومع ذلك كان عرضة لاستهداف متعمد”. وأعرب كذلك عن قلقه من زيادة في انعدام الأمن في مخيم الهول. وتحدث عن مقتل طبيب يعمل لصالح منظمة أطباء بلا حدود في خيمته عندما لم يكن مداوماً. وقال إن انعدام الأمن وصل إلى مستويات غير مسبوقة، ويهدد قدرة الأمم المتحدة على العمل. وتحدث عن مقتل 41 شخصاً من المخيم منذ بداية العام. وقال إن هناك 40 ألف طفل سوري وأجنبي يعيشون في المخيم وأكثر من ثلاثين ألفاً دون سن الـ12 ومن غير المقبول أن يظلوا في تلك البيئة غير الآمنة. وأكد على ضرورة أن تسمح بلدانهم الأصلية بعودتهم الآمنة.
ثم تحدث عن قصف صواريخ جو-أرض للطريق المؤدية لمعبر باب الهوى. وقال إن “حوالي ألف شاحنة مساعدات تعبر كل شهر عن طريقه. وأصاب واحد من هذه الصواريخ موقفاً للشاحنات التي كانت تحمل المساعدات الإنسانية، ودمر 24 شاحنة. وأدى القصف إلى نشوب حريق في مستودع تابع لمنظمة غير حكومية فيه أغذية ومساعدات إنسانية، مما أتى على ربع ما كان يحويه”. وقال إن عمليات الأمم المتحدة عبر الحدود تصل إلى قرابة خمسين بالمئة. وإن هناك ما يزيد على أربعة ملايين شخص في شمال غربي سورية، وإن أكثر من 75 بالمئة منهم يعتمدون على المساعدات لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
المصدر: العربي الجديد