بشير البكر
الموقف الأميركي الأخير من المسألة الكردية في سوريا كان مؤشرا صريحا على تحول، يتمثل في دعوة الأطراف الكردية إلى تشكيل وفد موحد، يشارك في منصات المعارضة ومحادثات السلام السورية التي ترعاها الأمم المتحدة، على حد تعبير نائب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ديفيد براونستين، والذي عقد في الآونة الأخيرة عدة اجتماعات منفصلة مع قادة الأحزاب الكردية، ونقل سعي الإدارة الأميركية إلى إنجاح المحادثات، بهدف تشكيل وفد كردي موحد يضم، إلى جانب أحزاب المجلس الوطني الكردي، حزب الاتحاد الديمقراطي السوري، وأحزاب مجلس سوريا الديمقراطية.
ويأتي الموقف الأميركي في ظل عدد من التطورات. الأول هو، فشل الحوار الكردي بعد عام على انطلاقه، وحملّت قيادات من المجلس الوطني الكردي حزب الاتحاد الديموقراطي مسؤولية الوصول إلى طريق مسدود، وعدم تحقيق أي هدف من أهداف الحوار، وأوضحت أن هناك خمس نقاط لا تزال محل خلاف، ويصعب تجاوزها بسبب التصلب الذي يبديه قادة من حزب الاتحاد، وعلى رأسهم ألدار خليل القيادي في حزب العمال الكردستاني. وتتلخص النقاط الخمس في: مصير المعتقلين والمختطفين من أنصار المجلس الكردي لدى قوات سوريا الديموقراطية- سلة الحماية والدفاع، وعودة قوة «بيشمركة روج آفا» التابعة للمجلس الكردي المنتشرة في إقليم كردستان العراق المجاور- والعملية التعليمية والمناهج، والتي تمس جميع سكان مدن وبلدات شمال وشرقي سوريا، ولا تتوقف عند التعليم باللغة الكردية لمناهج غير معترف بها دوليا- وإدارة المنطقة من قبل الكرد السوريين، وشركائهم من المكونات الأخرى، بعيدا عن التدخلات الخارجية، والمقصود بهذا البند الدور الذي يلعبه حزب العمال الكردستاني، وهو الدور الأساسي، حيث يسيطر على قرار قسد السياسي والعسكري، وأحد شروط الحوار والتهدئة مع أطراف إقليمية ودولية هو ترحيل مئات من أعضاء وقيادات الكردستاني من سوريا- مطالبة قادة المجلس الكردي بأن تكون لهم المشاركة الفعالة في مؤسسات الإدارة الذاتية وهيئاتها.
والتطور الثاني هو، تعويل قوات سوريا الديموقراطية على دعم من قبل إدارة الرئيس جو بايدن، أكثر رسوخا، وأكبر من ذلك الذي كانت تتلقاه من إدارة ترامب، والذي تعتبر أنه مال إلى جانب تركيا في العامين الأخيرين من ولايته، وتمثل ذلك في تأييد عملية نبع السلام التي قامت بها أنقرة والجيش الوطني السوري في ريفي الرقة والحسكة، وانتهت بالسيطرة على مناطق حدودية استراتيجية مثل رأس العين في ريف الحسكة، وتل أبيض في ريف الرقة.
أما التطور الثالث فهو يتمثل في التجاذب الحاصل من حول مدينة عين عيسى بين كل من تركيا وقسد والنظام. وتدعم روسيا النظام من أجل استعادة المدينة، في حين تسعى تركيا لانتزاعها من سيطرة قسد. وساد التوتر الشديد بين تركيا وقسد في مطلع العام الحالي، وتأجلت المواجهة العسكرية بعد وساطات روسية، ولكن المناوشات لا تزال مستمرة. ويبدو أن مصير هذه المدينة مرهون بالموقف الأميركي، وحسب مسؤول في المجلس الوطني الكردي فإن السفير ديفيد براونستين نقل لهم حرص الإدارة الأميركية على إنجاح المحادثات الكردية، وأن تفضي هذه الجهود إلى إدارة شاملة، تضم مكونات وأحزاب شمال شرقي سوريا كافة، للانضمام في مرحلة لاحقة إلى منصات المعارضة السورية والهيئة العليا للتفاوض، والمشاركة في محادثات السلام الدولية الخاصة بحل الأزمة السورية. ونقل القيادي الكردي موقف واشنطن في حال تعثرت المحادثات، ولم يتم التوصل إلى توافقات سياسية، بقوله: “بتصورنا، فإن الجانب الأميركي، ومن لقاءاتنا المكررة، سيعيد النظر بدعمه للإدارة الحالية شمال شرقي سوريا، إذا لم تستطع أن تكون شاملة لكل مكونات المنطقة”.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا