دمشق: أطلقت فصائل موالية لإيران، مساء الإثنين، قذائف مدفعية عدة على قاعدة عسكرية أمريكية في حقل العمر النفطي في محافظة دير الزور بشرق سوريا، من دون أن يسفر القصف عن ضحايا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويأتي ذلك بعدما شنت الولايات المتحدة ليل الأحد الإثنين ضربات جوية على فصائل تدعمها إيران في العراق وسوريا ردا على هجمات استهدفت مصالحها في العراق في الأشهر الأخيرة ونسبتها واشنطن إلى فصائل موالية لطهران.
واستهدفت الضربات الأمريكية، وفق واشنطن، منشآت تشغيلية ومخازن أسلحة في موقعين في سوريا وموقعا واحدا في العراق.
وخلف القصف، مساء الإثنين، خسائر مادية وأعقبه تحليق في أجواء المنطقة لمقاتلات أمريكية وأخرى للتحالف الدولي ضد الجهاديين الذي تقوده الولايات المتحدة.
بدورها، تحدثت وكالة الأنباء التابعة للنظام السوري (سانا) عن “استهداف القاعدة العسكرية لقوات الاحتلال الأمريكية في حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي بالقذائف الصاروخية”، من دون أن تحدد مصدر القصف.
وردا على ذلك، استهد التحالف الدولي “بالمدفعية الثقيلة” مدينة الميادين التي تسيطر عليها الميليشيات الموالية لايران في الريف الشرقي لدير الزور، وفق ما أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن.
وقالت مصادر محلية “أطلقت القوات الأمريكية رشقات صاروخية من قاعدتين في حقل العمر وكونيكو قرب مدينة البصيرة بريف دير الزور الشمالي الشرقي الخاضعة لسيطرة قوات “قوات سوريا الديمقراطية” باتجاه مناطق سيطرة النظام السوري والقوات الموالية جنوب مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي”.
وأكدت المصادر أن ” قوات سوريا الديمقراطية قصفت بالرشاشات الثقيلة المعبر النهري على أطراف بلدة الشحيل، واستهدفت نقطة لجيش النظام السوري في بلدة بقرص بريف دير الزور الشرقي بالتزامن مع القصف الصاروخي من القوات الأمريكية، التي حلقت طائراتها المروحية على علو منخفض في المنطقة، إضافة إلى وجود طائرات مسيرة في الجو”.
بدوره، ذكر الكولونيل وين ماروتو المتحدث باسم التحالف الذي يقاتل تنظيم “الدولية” في العراق وسوريا، في تغريدة على تويتر، أن قوات أمريكية تعرضت لهجوم بعدة صواريخ اليوم الإثنين لكن التقارير الأولية لم تشر إلى أي إصابات.
وأضاف أن الهجوم وقع الساعة 7:44 بالتوقيت المحلي وأنه يجري حاليا تقييم الأضرار.
ولم يتطرق المتحدث إلى الجهة المتوقع أن تكون قد نفذت الهجوم.
وتُشكل ضربات الأحد ثاني هجوم أمريكي مماثل على فصائل مدعومة من إيران في سوريا منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه. ففي شباط/فبراير، قتل أكثر من 20 مقاتلاً عراقياً في ضربات أمريكية استهدفت مواقعهم في شرق سوريا، وفق حصيلة للمرصد السوري.
وتأتي الضربات في مرحلة حساسة، إذ تتهم واشنطن فصائل عراقية مرتبطة بإيران بشن هجمات على منشآت عراقية تؤوي عناصر أمريكيين، في وقت تتواصل فيه الجهود الدولية لإعادة تفعيل الاتفاق النووي مع طهران.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال زيارة إلى روما بعد ظهر الإثنين “تبعث خطوة الدفاع عن النفس هذه للقيام بما يلزم لمنع أي هجمات أخرى برسالة مهمة وقوية” إلى الفصائل المستهدفة.
وندد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الإثنين، بالضربات، معتبرا اياها “انتهاكاً سافراً لسيادة العراق”. وقال في بيان “يجدد العراق رفضه أن يكون ساحة لتصفية الحسابات ويتمسك بحقه في السيادة على أراضيه ومنع استخدامها كساحة لردود الفعل والاعتداءات، داعياً إلى “التهدئة وتجنب التصعيد بكل أشكاله”.
أعلن الحشد الشعبي من جهته في بيان مقتل أربعة من مقاتليه في الضربات التي قال إنها استهدفت “ثلاث نقاط مرابطة” داخل الحدود العراقية في قضاء القائم غربي محافظة الأنبار، مشيراً إلى أن مقاتليه كانوا “يؤدون واجبهم الاعتيادي لمنع تسلل عناصر داعش الإرهابي من سوريا إلى العراق”.
وشدد بيان الحشد على أن النقاط المستهدفة “لا تضم أية مخازن أو ما شابه خلافاً للادعاءات الأمريكية”، وأضاف “نؤكد احتفاظنا بالحق القانوني للرد على هذه الاعتداءات ومحاسبة مرتكبيها على الأراضي العراقية”.
وتباينت حصيلة القتلى بين بيان الحشد ومصادر أخرى. إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل سبعة مقاتلين عراقيين على الأقل جراء الضربات التي استهدفت “مقرّات عسكريّة وتحرّكات للميليشيات العراقية الموالية لإيران داخل الأراضي السوريّة”. كما تحدثت وكالة (سانا) عن مقتل طفل.
“زعزعة الاستقرار”
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن “ما تقوم به الولايات المتحدة يزعزع أمن المنطقة”، معتبراً أن “أحد ضحايا زعزعة الاستقرار في المنطقة ستكون الولايات المتحدة نفسها”.
وتتمتع المجموعات الموالية لإيران، وعلى رأسها فصائل من الحشد الشعبي، بنفوذ عسكري في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق وتنتشر على الضفة الغربية لنهر الفرات في محافظة دير الزور الحدودية. وغالباً ما تتعرّض شاحنات تقل أسلحة وذخائر أو مستودعات في المنطقة لضربات تُنسب لإسرائيل.
ودان النظام السوري “العدوان الأمريكي السافر على المنطقة الحدودية السورية العراقية”، وفق بيان لوزارة الخارجية أوردته وكالة سانا.
واعتبرت خارجية النظام أن الضربة الأمريكية “انتهاك فاضح لحرمة الأراضي السورية والعراقية”.
ومنذ بداية العام، استهدف أكثر من أربعين هجوماً مصالح الولايات المتحدة في العراق، حيث ينتشر 2500 جندي أيمركي في إطار تحالف دولي لمحاربة تنظيم “الدولة”.
ويُشكل استخدام طائرات بلا طيار خلال الآونة الاخيرة مصدر قلق للتحالف لأن هذه الأجهزة الطائرة يمكنها الإفلات من الدفاعات التي عمد الجيش الأمريكي الى تركيبها للدفاع عن قواته ضد الهجمات الصاروخية.
“مصلحة وطنية”
وليل الجمعة، وقع هجوم بثلاث طائرات مسيرة مفخخة في منطقة قريبة من القنصلية الأمريكية عند أطراف أربيل في إقليم كردستان في شمال العراق.
وقال بلينكن، الأحد، “كما يتّضح من الضربات التي شُنّت مساء اليوم، كان الرئيس بايدن واضحاً في أنّه سيعمل على حماية الأفراد الأمريكيّين”.
ومن جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان “دعم فرنسا لاستقرار وسيادة العراق”، داعياً إلى زيادة التعاون مع السلطات العراقية لوقف الهجمات ضد مصالح التحالف الدولي في العراق.
وتأتي الضربات بعد يومين على تحذير واشنطن وباريس لإيران من أن الوقت ينفد أمام العودة إلى الاتفاق النووي، معبّرتين عن القلق من أن أنشطة طهران النووية الحساسة يمكن أن تتطور في حال طال أمد المفاوضات.
والعودة إلى الاتفاق النووي المبرم في العام 2015 هو أحد الوعود الرئيسية لبايدن، بعدما انسحب منه سلفه دونالد ترامب.
وقال بلينكن “لدينا مصلحة وطنية في السعي لإعادة المشكلة النووية إلى حيث وضعتها خطة العمل الشاملة المشتركة”، مستخدماً الاسم الرسمي للاتفاق الدولي حول النووي الإيراني.
يأتي ذلك فيما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة أنها لم تتلق “ردا” من ايران حول احتمال تمديد التسوية المؤقتة حول عمليات تفتيش منشآتها النووية والتي انتهت مدتها في 24 حزيران/يونيو.
المصدر: أ ف ب/القدس العربي