فراس فحام
في الحادي عشر من آذار الجاري، أعلن المتحدث باسم الكرملين “ديميتري بيسكوف”، بأنهم سيسمحون للمقاتلين السوريين والقادمين من الشرق الأوسط عموماً، بالقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.
وأفاد مصدر عسكري لموقع تلفزيون سوريا بأن “سيمون الوكيل” قائد ما يعرف بـ “الدفاع الوطني” في منطقة محردة بريف حماة، يقيم مع 500 عنصر على الأقل من قواته في قاعدة “حميميم” الروسية بريف اللاذقية، تمهيداً للانتقال إلى جبهات القتال في أوكرانيا.
وتشترط روسيا أن يكون المتطوعون السوريون الراغبون في السفر إلى أوكرانيا، ممن يمتلكون خبرة ميدانية لا تقل عن عام، ولديهم سابقة بالتنسيق مع الضباط الروس خلال العمليات العسكرية في سوريا.
وفي شباط/ فبراير 2021، حصل “سيمون الوكيل” على “وسام الإخلاص لروسيا”، من قائد القوات السهلية العماد “ديمتري غلوشينكوف”.
من جانبها، فإن قوات “الدفاع الوطني” في السقيلبية، والتي يقودها “نابل العبد الله”، بدأت بالفعل بتسجيل أسماء الراغبين في التوجه إلى جبهات القتال في أوكرانيا.
ويرتبط “العبد الله” بعلاقات وثيقة مع قاعدة “حميميم” الروسية، ولعب دوراً كبيراً في حشد المسيحيين في منطقته للقتال إلى جانب القوات الروسية.
أهداف عسكرية
تتفاوت الأرقام التي تعبّر عن خسائر روسيا في أوكرانيا، حيث تتحدث كييف عن آلاف القتلى والجرحى في صفوف الجيش الروسي، في حين كشفت موسكو في الثاني من آذار الجاري عن خسارة 500 جندي، وهذا الرقم يعبر عن نزيف واضح في القوة البشرية، بالنظر إلى المدة الزمنية، فهو جاء بعد قرابة 7 أيام من الغزو للأراضي الأوكرانية.
أمّا الإحصائية التي كشف “سكوت بيرييه” مدير وكالة الاستخبارات التابعة للبنتاغون، في الثامن من آذار/ مارس، فأشارت إلى مقتل ما بين 2000 و 4000 جندي روسي، بمعدل يتراوح بين 166 و333 جندياً يومياً.
ويبدو أن روسيا تسعى لوقف حالة الاستنزاف البشرية، تجنباً لموجات غضب داخلية إضافية، من شأنها أن ترفع من منسوب الاحتجاجات على العمليات العسكرية، خاصة أن العقوبات الاقتصادية بدأت بالتفاعل.
وأكد مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا، أن “بوتين” على الأرجح اتجه إلى فتح باب الاعتماد على مقاتلي الشرق الأوسط، بعد القناعة التامة بعدم صوابية التقديرات التي قدّمها رئيس أركان الجيوش الروسي “فاليري غراسيموف” قبل انطلاق الحملة العسكرية، التي رجحت أن يكون دخول العاصمة كييف عملية سريعة وغير مكلفة، وأنه يمكن تجنيد أعداد كبيرة من الأوكرانيين الموالين لروسيا، إلا أن طول أمد العمليات والخلل الواضح في تنفيذها بعد الدخول في حرب المدن، دفع بالجيش الروسي إلى الاعتماد على الضباط الذين قادوا العمليات في سوريا، بالإضافة إلى قوات متناغمة معها، ولديها خبرة في حرب العصابات.
على الأغلب، فإن موسكو تستعد لمعركة طويلة الأمد، تعتمد بشكل أساسي على الانفصاليين الأوكرانيين من إقليم دونباس، بالإضافة إلى المرتزقة الأجانب، في محاولة لتخفيض الكلفة المحتملة.
ضغط سياسي
تعمّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإعلان بشكل صريح عن توجههم للاعتماد على مرتزقة من الشرق الأوسط في الحرب على أوكرانيا، إذ كشف هذا التوجه في خطاب مباشر موجه إلى وزير الدفاع “سيرجي شويغو”، خلال اجتماع متلفز لمجلس الأمن الروسي.
وأكد “شويغو” بعدها أن هناك 16 متطوعاً من الشرق الأوسط، مستعدين للقتال مع القوات المدعومة من روسيا.
وتعتقد روسيا أن التلويح باستقدام عناصر من الشرق الأوسط للقتال في أوروبا، من شأنه أن يشكل ورقة ضغط على دول الاتحاد الأوروبي، لأنها ستتخوف من تسرب هؤلاء المقاتلين إلى الدول الأوروبية، أي أن موسكو تريد إبراز مدى قدرتها على تهديد الأمن العالمي والأوروبي على وجه التحديد في حال عدم الاستماع إلى مطالبها.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، ساهمت الخطوط الجوية الروسية “إيروفلوت”، بالإضافة إلى شركة النقل الجوي البيلاروسية، في عملية نقل آلاف المهاجرين من سوريا والعراق وتركيا إلى الحدود مع بولندا، الأمر الذي أثار المخاوف الأوروبية من موجات لجوء جديدة، ويبدو أن هذا كان من ضمن أوراق الضغط الروسية على مساعي ضم أوكرانيا إلى دول حلف شمال الأطلسي.
ومن غير المستبعد أن روسيا تريد إبراز نفوذها في الشرق الأوسط، وقدرتها على حشد دوله إلى جانبها، وهذا كان واضحاً من خلال الزيارة التي أجراها وزير الدفاع الروسي “سيرجي شويغو” إلى سوريا قبيل إطلاق العمليات العسكرية ضد أوكرانيا، والهدف هو الرد على الاصطفاف الغربي ضد موسكو.
وكانت صحيفة واشنطن بوست، قد كشفت في الخامس من آذار/ مارس 2022، عن تحضير الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها لمقاومة أوكرانية طويلة الأمد.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا