ديانا رحيمة
كشف الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية، هادي البحرة، عن مجريات الجولة السابعة من أعمال اللجنة، التي جرت في آذار الماضي.
وكانت “وحدة دعم الاستقرار” نظمت جلسة حوار مع البحرة، حضرتها عنب بلدي، في 11 من أيار الحالي، تحدث فيها عن مجريات الجولة الأخيرة ومضامينها والأهداف الأساسية منها.
وحاول وفد النظام سابقًا لفترات طويلة التهرب من كتابة نصوص مكتوبة للبدء لاحقًا بصياغات دستورية، ولكنه أجبر في الجولة الأخيرة قبل إجراء الجلسة على إرسال الأوراق التي سيناقشها، بحسب البحرة.
عُقدت اجتماعات الجولة السابعة من أعمال اللجنة بين 21 و25 من آذار الماضي، وناقشت الوفود الثلاثة مشروعات النصوص الدستورية لأربعة مبادئ، هي:
أساسيات الحوكمة، مقدم من مرشحين من ”هيئة التفاوض السورية”.
هوية الدولة، مقدم من بعض مرشحي المجتمع المدني من طرف النظام.
رموز الدولة، مقدم من مرشحين من حكومة النظام السوري.
تنظيم ومهام السلطات العامة، مقدم من مرشحين من “هيئة التفاوض السورية”.
وقدمت المبادئ الأربعة وجرت المداخلات القانونية عليها، بحسب ماتحدث عنها البحرة على الشكل التالي:
أساسيات الحكم
في اليوم الأول قدم وفد هيئة التفاوض، مبدأ “أساسيات الحكم” والذي ركز على أن الحكم يقوم على ثلاثة أسس:
وهي النظام الجمهوري القائم على القانون واحترام الكرامة الإنسانية والسيادة للشعب السوري، والتي يمارسها عن طريق الاقتراع والتعددية السياسية لضمان التداول السلمي على السلطة.
وسأل وفد النظام عن المفاهيم الواردة في الصياغة المقدمة، كمحاولة منه لإظهار ضعف تقني في وفد هيئة التفاوض، وفق اعتقاده.
إلا أن وفد الهيئة شرح المصطلحات المُستفسر عنها من الطرف المقابل من الناحية اللغوية والقانونية والعلمية وربطها بالإرث الدستوري السوري وبالدساتير العربية والدولية إلى جانب ربطها بالإرث الإسلامي، بحسب البحرة.
كما جاء تأصيلها ضمن المواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان والعهود الدولية التابعة للأمم المتحدة نحو الإعلام العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص.
هوية الدولة
قدم جزء من وفد المجتمع المدني، القريب من النظام، صياغته وشرحه لمبدأ “هوية الدولة” والذي أشار إلى اسم الدولة والعروبة واللغة العربية والتعددية السياسية والحزبية.
وعلى الرغم من أن الورقة كانت “استفزازية” بشكل كبير، بحسب البحرة، كان وفد هيئة التفاوض هادئًا ولم يستفز بطروحات النظام، حيث أعطى وفد الهيئة مداخلات موضوعية ركزت في مضمونها على إعطاء موقف واحد من الأفكار المقدمة.
وحول اسم الجمهورية، قال وفد هيئة التفاوض، إن السياق الدستوري السوري قد استخدم الاسمين الجمهورية العربية والجمهورية السورية، وفيما يتعلق بالعروبة واللغة العربية، فإن كل مواطن سوري أو سورية هم لبنة أساسية من بناء الوطن، ولا يكتمل بناؤه من خلال الصهر الإجباري لأبناء الوطن، ويجب أن يتم ذلك عن طريق الاختيار الحر لكل السوريين والسوريات بأن هذا الوطن يجمعهم والجميع بجميع أطياف ومكونات هيئة التفاوض يقرون بأن اللغة الرسمية والجامعة لهم هي اللغة العربية.
وأوضح البحرة أن اللغات الأخرى هي جزء من تراث الشعب السوري، وفي إطار احترام المواثيق والمعاهدات التي وقعت عليها سوريا، يجب احترام الحقوق اللغوية والثقافية لمكونات الشعب السوري، لأن من أهم خصائص الهوية الوطنية أن تكون جامعة لكل أبناء الشعب السوري، وأن يجد نفسه موجودًا فيها.
“هنا نتساءل، في ظل الصياغة المقدمة كيف يمكن للكردي أو التركماني أو السرياني أن يجد نفسه في مثل هذه الهوية المطروحة”، بحسب البحرة.
وعلى الرغم من أن الشعب السوري بحقيقته التاريخية والجغرافية ذو أغلبية عربية مسلمة لا يجادل فيها، توجد فئات وديانات أخرى ذات وجود على الجغرافية السورية ولا يستطيع إنكارها عاقل، يجب أن تجد لها مكان في الهوية السورية وهذا مالم يفعله المقترح المقدم.
وأكد وفد الهيئة على الحفاظ على هويات مكونات الشعب السوري وعدم إرغامهم على الانصهار في قومية أخرى، فلا يمكن اعتبار الشعب العربي كله شعبًا عربيًا بل لكل خصوصيته ولغته.
رموز الدولة
قدم وفد النظام ورقته لمبدأ “رموز الدولة” معرفًا إياها بالعلم والنشيد الوطني واللغة الرسمية وعملة الجمهورية.
واعتبر أن المبدأ غير قابل للتعديل لأنها من صلب النص الدستوري المقترح، أي أنه ما إن يُقر النص بعد النقاش وصدوره بعد استفتاء شعبي تصبح هذه المواد محصنة من التعديل.
وعلق وفد هيئة التفاوض على تاريخ العلم السوري بأنه تعرض للتعديل والتبديل لعدة مرات بسبب أحداث أو تغييرات في الدولة، تستدعي تغيير العلم أو تبديله لسبب يتعلق بسياق الأحداث التاريخية.
ولأن الدستور نص له روح يستمدها من الواقع الذي ولد وعاش فيه لوجود علاقة تأثير متبادلة بين الدستور والواقع تتأثر في الواقع السياسي وأثره في النصوص المكتوبة ومتطلبات الواقع، بحسب ما قاله هادي البحرة.
وبحسب البحرة، فإن الثورة التي انطلقت بمظاهرات سلمية منذ آذار 2011 تطورت أحداثها لما نعلمها جميعًا، هذه الأحداث والظروف جديرة لأن تكون سببًا في طرح مسألة تغيير العلم من جديد لدى ما يزيد عن تعداد نصف الشعب السوري، وبالعودة والنظر لسياق الدساتير السورية نجد أن العلم والشعار والنشيد أحيلوا لقانون خاص يبينها.
ولا يبقى دستور على حاله بل يتغير بتغير ظروف العقد الاجتماعي الذي أنشأه في الأساس.
واعتبر البحرة أن تحديد شكل الرموز وكلماتها يعود للشعب السوري وحده وأن من الحكمة تفويض أول برلمان منتخب من الشعب السوري بانتخابات حرة ونزيهة يشارك فيها جميع السوريين داخل وخارج سوريا تحت رعاية الأمم المتحدة تنفيذًا لقرار مجلس الأمن 2254
مبدأ السلطات العامة
قدم وفد هيئة التفاوض مبدأ تنظيم وعمل “السلطات العامة” والذي ينص على أن السلطات في الدولة تنظم على أساس الفصل بين السلطات الثلاث وتمارس سلطاتها ضمن الحدود التي يسنها الدستور كما تلتزم بإنفاذ الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الدستور.
واستخدم النظام نفس التكتيك المعتمد من قبله والتعليق على المفاهيم المستخدمة في الصياغة الدستورية.
واعتبر أن الفصل بين السلطات مفهوم “فلسفي مجرد”، وأنه في القانون الدستوري العملي هنالك تداخلات كبيرة بين السلطات، وليس شرطًا أن يشير إليها الدستور بمبدأ مستقل، وإنما يعبر عنها بفصل خاص بالسلطات في الدستور من ناحية كيفية توزيعها بين السلطات الثلاث.
ولكن وفد هيئة التفاوض أوضح ضرورة وجود مبدأ أساسي مستقل يشير إليه، وضرورة التعريف الدقيق للصلاحيات بين السلطات الثلاث، لمنع تغول سلطة على أخرى واحتكار السلطة في مكان واحد.
لماذا اختار النظام رموز الدولة وهوية الدولة من قبل وفد المجتمع المدني من طرفه؟
أجاب البحرة على هذا التساؤل بأن هذين المبدأين هما الأكثر إشكالية شعبيًا في الدستور بين الضفتين، أي المعارضة والنظام وبين المعارضة وقوى الثورة في عدة رؤى.
وتأمل بطرحه ذلك إلى تفجير الجولة السابعة وإنهاء عمل اللجنة الدستورية، بحسب البحرة، من خلال تفكيك وفد المعارضة عبر هذه المبادئ.
وكانت المتحدثة باسم المكتب الصحفي، جينيفر فانتون، قالت عبر مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، إن الدورتين الثامنة والتاسعة للجنة ستعقدان في أيار الحالي وحزيران المقبل.
وتترافق جلسات اللجنة الدستورية بانتقادات من قبل أعضاء من اللجنة ذاتها أو من جهات أخرى، وتناقش وفود اللجنة الدستورية الأوراق المقدمة من كل طرف، لتعدّل بحسب الملاحظات المطروحة من قبل بقية الوفود، للتوصل إلى صياغة موحدة لكل مبدأ.
أُسست اللجنة الدستورية السورية في عام 2019، متضمنة هيئة مكونة من 150 عضوًا تضم 50 ممثلًا للنظام السوري، و50 ممثلًا من المعارضة، و50 من المجتمع المدني.
ويمثّل 15 عضوًا من كل كتلة لجنة الصياغة المصغرة، المكلفة بالبتّ في مسودة نص لدستور جديد.
المصدر: عنب بلدي