ديمة ونوس
أطلق المجلس السوري البريطاني، اليوم الخميس، تقريراً طويلاً بعنوان: “داريا بعد عقد من الزمن: توثيق مجزرة”، وهو التقرير الأول الذي يوثّق مجزرة داريا التي ارتكبها النظام السوري والقوات الموالية له في أغسطس/آب عام 2012.
23 مقابلة أجراها فريق من المحقّقين والمختصين مع شهود ناجين من المجزرة، معظمهم لا يزال في الداخل السوري. ويكشف التقرير (في 47 صفحة) أنّ “حكومة الأسد بمن في ذلك الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والمخابرات الجوية والشبيحة وبدعم من حزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية، شاركت في هجوم ممنهج ضد السكان المدنيين في داريا خلال الفترة بين 20 و26 أغسطس 2012”. ويوثق التقرير الذي أعدّه سوريّون فقط، مقتل أكثر من 700 شخص؛ 514 منهم تمّ التعرف إلى هوياتهم من بينهم ما لا يقل عن 36 امرأة و63 طفلاً.
ويقيم المجلس، في السابعة من مساء اليوم بتوقيت لندن، جلسة افتراضية مفتوحة يستضيف فيها المختصة بالقانون الدولي، والمشاركة في التوثيق والتحقيق، ياسمين نحلاوي، إضافة إلى اثنين من الشهود والناجين.
يشير مدير المجلس مازن غريبة، لـ”العربي الجديد”، إلى اختيار إطلاق التقرير اليوم الخميس الذي يصادف الذكرى العاشرة لمجزرة داريا؛ “المجزرة التي لم توثّق كما يجب، ولم تستغرق أي جهة من الجهات في سرد تفاصيلها الموجعة وتوثيق أحداثها لحظة بلحظة”.
وأضاف، أنّ الدافع الأساسي للمشروع الذي بدأ قبل عامين هو “إصرار أهل داريا على توثيق ما حدث رغم مرور عشر سنوات. الجرح مازال ينزف وهم يطالبون بالعدالة والمحاسبة”.
ويقدّم التقرير أدلة جديدة على الجرائم التي ارتكبها النظام السوري في داريا، من قتل متعمّد وإعدامات ميدانية واستهداف للمدنيين، ومقابر جماعية واعتقالات وتعذيب وإخفاء قسري. كما يوثق قصف المستشفيات والمدارس وتدمير الممتلكات والاستيلاء عليها.
يسرد التقرير تفاصيل موجعة عن الرعب الذي عاشه أهل داريا وعن رائحة الموت والدماء المتسربة من أبواب البيوت، والجثث المحتجزة في شاحنات تابعة لمستشفى “المواساة” الحكومي، وعبارات يردّدها حفّار القبور، لن ينساها من سمعها ونجا: “هذا القبر امتلأ، يجب أن نحفر قبراً آخر”.
القتلى دفنوا بملابسهم، والرصاص اخترق الأعين والآذان والرؤوس، ولا تزال تلك المشاهد عالقة بذاكرة طفل كان عمره حينها سنتين، وبلغ اليوم 12 عاماً.
واليوم أيضاً، تبدأ أمام محكمة برلين الإقليمية محاكمة المتهم موفق. د، الذي اعتقل في 4 أغسطس/آب 2021، ووجّه إليه الادعاء العام سبع تهم بالقتل، وثلاث تهم بالشروع في القتل، وثلاث حالات للإيذاء الجسدي الخطير.
كان المتهم عضواً في “حركة فلسطين الحرة” عندما ارتكب تلك الجرائم، وهو عضو سابق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، شارك في السيطرة على مخيم اليرموك نيابة عن النظام السوري، بحسب المحامي أنور البني مدير المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية.
يقول البني، لـ”العربي الجديد”، إنّ الكشف عن تفاصيل جديدة وتفصيلية لمجزرة داريا “أمر مهم للغاية خاصة وأنّ ما نُشر حتى اللحظة لا يشكّل سوى نسبة ضئيلة جداً من عدد المجازر وحجم الجرائم التي ارتكبها النظام السوري”، مشيراً إلى أنّ المحاكمات التي بدأت في العام 2017 شجّعت على المزيد من التحقيق والتوثيق لأنّ “السوريين شعروا للمرة الأولى بالجدوى وبأن الطريق إلى العدالة ممكن حتى لو استغرق وقتاً طويلاً”.
ويأتي التقرير الذي أعده المجلس السوري البريطاني بعد ثلاثة أشهر من إطلاق تقرير مشابه يوثّق مجزرة التضامن، أعدّه البروفيسور في دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية أور أورميت أونغر، برفقة الباحثة السورية أنصار شحّود.
المصدر: العربي الجديد