إبراهيم درويش
خصصت صحيفة “واشنطن بوست” افتتاحيتها لمصر وقمة المناخ المزمع عقدها في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر في شرم الشيخ.
وقالت الصحيفة: “في مصر، لا تغفل عن الطاغية وسجنائه السياسيين”، فعندما سينظر المشاركون بمؤتمر المناخ الـ27 الذي تعقده الأمم المتحدة في شرم الشيخ على البحر الأحمر المتلألئ، سيشعرون بأنهم أمام منظر ملهم لإنقاذ الكرة الأرضية. ولكن عليهم النظر في الاتجاه الآخر نحو القاهرة، عاصمة الدولة البوليسية الشرسة بقيادة عبد الفتاح السيسي. ويجب عليهم ألا يكفّوا النظر أو الصمت بشأن احتقار البلد المضيف للكرامة الإنسانية الأساسية.
وعليهم التوقف لحظة لتذكر علاء عبد الفتاح، الناشط البريطاني- المصري الذي كان واحدا من زعماء الحركة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك أثناء الربيع العربي في عام 2011. وهو الآن وراء القبضان خلال السنوات الثماني الماضية بتهمة “نشر الأخبار الزائفة”. ويخوض إضرابا عن الطعام وبالكاد يتمسك بالحياة، وأعلن قبل فترة أنه سيتوقف عن شرب الماء، بشكل زاد من مخاوف عائلته وأصدقائه بأنه سيموت.
وتقول الصحيفة إنه على “المشاركين في المؤتمر مساءلة أنفسهم عن السبب الذي تقبع فيه معظم الكفاءات القادرة على مساعدة مصر لمواجهة التغيرات المناخية، وراء القضبان، ومن بينهم سيف فطين، المتخرج من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا الأمريكي، وهو مهندس بيئي كان يعمل على حلول لقضايا معقدة في مجال الطاقة المستدامة. وهو في سجن جزئي منذ عام 2019 ولم توجه إليه التهم، مثل آلاف غيره في مصر”. وهناك أيضا أحمد عماشة، الطبيب البيطري والمتخصص في العدالة البيئية، الذي اختفى في حزيران/ يونيو 2020 لمدة ستة أشهر ولا يزال معتقلا. إلى جانب صفوان وسيف ثابت، الأب والابن مديري شركة جهينة للصناعات الغذائية التي أنشئت على طراز مزرعة استهلاكية أكدت على الاستدامة، وهما معتقلان في مرحلة ما قبل المحاكمة لسنوات بسبب رفضهما التخلي عن الشركة للمؤسسات التجارية التي تملكها الدولة المصرية.
وعندما بدأت مجموعة من المصريين التخطيط للتظاهر في 11/11 تم اعتقالهم واتهموا بـ”الانضمام وتمويل جماعة إرهابية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أخبار كاذبة والتحريض لارتكاب جرائم إرهابية”، حسبما جاء في بيانات الجبهة المصرية لحقوق الإنسان.
وقالت الصحيفة إن نظام عبد الفتاح السيسي “منتهك نظامي لحقوق الإنسان”. ويقوم السيسي بالإفراج أحيانا عن أعداد صغيرة من المعتقلين السياسيين لإسكات نقاده. إلا أن طبيعته الحقيقية انكشفت في الأيام الأخيرة، عندما اتصل بقناة تلفزيونية بعدما تجرأ زعيم حزب سياسي على انتقاده، حيث قال السيسي: “كنت مديرا للمخابرات العسكرية في عهد مبارك”، وأضاف منذرا: “أنا مطّلع على كل شيء وأعرف تاريخ كل شخص”.
وباختيار الأمم المتحدة شم الشيخ مدينة مضيفة، فيجب عليها ألا تتجاهل الزوايا غير المتطورة حول الكرة الأرضية، والتي تواجه مخاطر الأمن الغذائي والأمراض والفقر. لكن كل شخص معني بإنقاذ الكرة الأرضية عليه الاهتمام أيضا بمسألة الحرية، والوقوف أمام الديكتاتوريين.
ولا يمكن تجاهل مأزق السجناء السياسيين في مصر، ولطخة الاستبداد التي تنتشر في كل أنحاء العالم، في الوقت الذي سيجتمع فيه المشاركون على شاطئ شرم الشيخ المتلألئ للتباحث في أفضل طريقة لضمان مستقبل الكرة الأرضية.
المصدر: “القدس العربي”