هبة محمد
حدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، أهداف العملية العسكرية البرية التي تعتزم بلاده تنفيذها ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال سوريا، موضحاً أن الحملة سوف تستهدف ثلاث مناطق في ريف حلب الشمالي والشرقي، فيما قال قيادي في الجيش الوطني لـ “القدس العربي” إن الجيش الوطني أعلن رفع الجاهزية الكاملة لجميع قواته، وتجهيز الفصائل بالعتاد والسلاح للمشاركة بالحملة البرية المرتقبة، عند الإيعاز، للجيش الوطني شمال سوريا.
وقال أردوغان في كلمة أمس الأربعاء، خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية في أنقرة: “إن تركيا ستجتث الإرهابيين من مناطق تل رفعت ومنبج وعين العرب”. وتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باجتثاث الإرهابيين من مناطق تل رفعت ومنبج وعين العرب، شمالي سوريا. جاء ذلك في كلمة ألقاها الأربعاء، خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزبه العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة. وقال أردوغان: “سننقض على الإرهابيين براً أيضاً في الوقت الذي نراه مناسباً”.
الهجوم على 3 مناطق
وأكد أن العمليات التي نفذتها تركيا بالمقاتلات والمدفعيات والطائرات المسيرة في إطار عملية “المخلب ـ السيف”، “ما هي إلا بداية”. ولفت إلى أن تركيا “ستجتث الإرهابيين من مناطق تل رفعت ومنبج وعين العرب” (التي يسيطر عليها تنظيم واي بي جي/ بي كي كي). وتابع: “التزمنا بتعهداتنا حيال الحدود السورية، إذا لم تستطع الأطراف الأخرى الوفاء بمتطلبات الاتفاقية (سوتشي)، فيحق لنا أن نتدبر أمرنا بأنفسنا”. وأردف: “القوى التي قدمت ضمانات بعدم صدور أي تهديد ضد تركيا من المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا، لم تتمكن من الوفاء بوعودها”.
وشدّد بحسب وكالة الأناضول التركية، على أن “رسالتنا واضحة لمن لا يزالون يحاولون إخضاع تركيا بأساليب خبيثة: لن تنجحوا”. وأكد أردوغان أن الذين تسببوا في هدر دماء الأبرياء خلال تفجير إسطنبول الإرهابي، سيدفعون الثمن وينالون عقاب فعلتهم. وتابع: “تركيا لديها القدرة والقوة على اكتشاف واعتقال ومعاقبة الإرهابيين المتورطين في هجمات ضد الدولة والشعب”. ولفت إلى أن التنظيمات الإرهابية الناشطة في شمال سوريا، استهدفت الأراضي التركية بـ764 قذيفة صاروخية ومدفعية، وأن هذه الاعتداءات تسببت في استشهاد 261 مواطناً تركياً منذ 2015. وأشار أردوغان إلى أن محاولات العالم الغربي لفصل التنظيم الإرهابي الذي ينشط في شمال سوريا (واي بي جي/ بي واي دي) عن “بي كي كي” أمر غير مجدٍ.
اردوغان: شريط أمني
وأردف: “مصممون على إغلاق كامل حدودنا الجنوبية من هطاي إلى هكاري بشريط أمني، حتى لا نترك لأحد إمكانية مهاجمة الأراضي التركية، ومن خلال العمليات التي نفذناها، أسسنا جزءا من هذا الشريط وسنكمل ما تبقى بدءا من تل رفعت ومنبج وعين العرب، وينبغي ألّا تنزعج الإدارتان العراقية والسورية من المناطق التي جعلتها تركيا آمنة بفضل العمليات التي نفذتها في نطاق مكافحة الإرهاب، بل على العكس، فالخطوات التي اتخذناها ستضمن أيضاً سلامة أراضي العراق وسوريا”. وفجر الأحد، أطلقت تركيا عملية “المخلب ـ السيف” الجوية ضد مواقع إرهابيي تنظيم “واي بي جي / بي كي كي” شمالي العراق وسوريا. القيادي في الجيش الوطني فاروق أبو بكر، قال في تصريح لـ “القدس العربي” إن الجيش الوطني أعلن قبل 48 ساعة رفع الجاهزية الكاملة لجميع قواته مع استدعاء الاجازات وتجهيز القوات بالعتاد والسلاح الموجود بالمناطق المحررة المتواجد فيها الجيش الوطني. وأضاف “رفع الجاهزية جاء بعد زيادة وتيرة العمليات العسكرية التركية تجاه مناطق قسد وقوات النظام السوري وأيضاً التصعيد من قبل القوات الإرهابية باتجاه الأراضي المحررة بعد العملية التي قامت بها ميليشيا قسد في إسطنبول”.
الجيش الوطني: رفع الجاهزية
ولفت القيادي لدى الجيش الوطني، إلى أن التدريبات والاستعداد لشن العملية، قائم منذ شهور، حيث قال “رفع الجيش الوطني جاهزيته، وهذه الجاهزية يتم التحضير لها منذ أشهر طويلة، منذ قرابة الستة أشهر، حيث يقوم الجيش الوطني بتدريب قواته في معسكرات التدريب” لافتا إلى أنه “كان هناك احتمالية لشن حملة عسكرية قبل أشهر من الآن، لكن العراقيل الدولية التي تابعناها جميعًا، بما فيها الرفض الأمريكي والروسي للعملية العسكرية التركية بمشاركة الجيش الوطني، كانت وراء تأخير الحملة”.
وقال: “الآن الجيش أبدى استعداده لشن أي عملية عسكرية ضد المناطق المحتلة سواء من قبل قوات النظام السوري أو ميليشيا “قسد”، وسوف نشارك بالحملة عندما يتم الإيعاز بذلك، لكن حتى الآن التوقيت غير معلوم”. وفي الطرف المقابل، قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، إن “الهدف الحقيقي” للعملية العسكرية التركية المحتملة هو مدينة عين العرب شمال شرق حلب.
وفي مقابلة مع موقع “المونيتور” أجريت معه أمس، قال عبدي أن تركيا تريد الاستيلاء على عين العرب/ كوباني بهدف ربطها بمدينة أعزاز شمالي حلب وبمدن أخرى، كانت سيطرت عليها في 2019. وتفصل عين العرب الخاضعة لسيطرة “قسد” منطقة العمليات التركية “نبع السلام” شرق الفرات، عن منطقة عملياتها “درع الفرات” غرب الفرات.
ورداً على سؤال بشأن التصريحات المختلفة التي أدلى بها مسؤولون روس وأمريكيون بشأن الهجوم التركي المحتمل، قال عبدي “إنهم بحاجة إلى بذل المزيد”، مضيفاً أن المناطق التي تتعرض للقصف التركي مثل عين العرب ومنبج تخضع لسيطرة روسيا. واعتبر أن “الهجوم البري” العسكري المحتمل من شأنه زعزعة استقرار المنطقة وضرب جهود القضاء على “داعش”. وفي حديثه عن تحول محتمل لموقف لحكومة النظام في هذا الوقت بالذات، قال عبدي إن عدم وجود سياسة واضحة من قبل الولايات المتحدة فيما يتعلق بمستقبل شمال شرقي سوريا “يجعل من الصعب علينا التفاوض مع دمشق بنجاح”. واختتم القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية حديثه “نخطط للدفاع عن أراضينا ضد تركيا، نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد”.
ميدانياً، استهدف قصف جوي تركي مساء الأربعاء مواقع لقوى الأمن الكردية المسؤولية عن حماية مخيم الهول الذي يقبع فيه آلاف النازحين وأفراد من عائلات تنظيم الدولة في شمال شرق سوريا، وفق ما أفاد متحدث والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي لوكالة فرانس برس إن “الطيران التركي استهدف بخمس ضربات قوى الأمن الداخلي (الأسايش) داخل المخيم”، فيما أفاد المرصد بأن الضربات استهدفت مواقع تلك القوات المسؤولة عن حماية المخيم في محيطه، “ما أثار حالة من الفوضى في صفوف قاطنيه”.
أعلنت القيادة المركزية للجيش الأمريكي أمس في تصريح لوكالة فرانس برس أن غارة تركية في شمال سوريا عرّضت قواتها “للخطر”، بعدما نفت الثلاثاء استهداف مواقع تتواجد فيها بضربات جوية بحسب وكالة “أ ف ب”. والثلاثاء، استهدفت مسيّرة تركية قاعدة عسكرية مشتركة لقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن في محافظة الحسكة (شمال شرق)، وفق ما أعلنت قوات سوريا الديموقراطية، مشيرة إلى مقتل إثنين من عناصرها. إلا أنّ المكتب الإعلامي للقيادة المركزية قال إن قواته “كانت بمنأى عن الخطر، ولم تقع أي غارات على مواقع تستضيفها”، لافتاً إلى أن الغارات الأقرب لمكان وجود القوات الأمريكية، وقعت على بعد حوالي 20 إلى 30 كيلومتراً. وأرسل المكتب الإعلامي الأربعاء تصحيحاً، أورد فيه “تلقينا معلومات إضافية أفادت أنه كان ثمة خطر على القوات والأفراد الأمريكيين” جراء القصف التركي، من دون تسجيل أي إصابات في صفوفهم بحسب وكالة “أ ف ب”.
والتحالف الدولي هو الداعم الرئيسي لقوات سوريا الديموقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنّفها أنقرة منظمة “إرهابية” وتعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود. وينتشر بضع مئات من قوات التحالف الدولي، وأبرزها القوات الأمريكية، في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، ويتواجدون في قواعد في محافظة الحسكة والرقة (شمال) ودير الزور (شرق).
موقع عسكري روسي
كشفت قائد عسكري في الجيش الوطني السوري المعارض أن القوات الروسية أخلت الأربعاء أحد مواقعها في منطقة تل تمر في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، فيما أحرق موالون لقوات قسد سيارة تابعة للقوات الروسية بحسب الوكالة الألمانية “د ب أ”.
وأكد القائد الذي طلب عدم ذكر اسمه أن “القوات الروسية أخلت نقطة عسكرية لها في قرية الحمرة شمال بلدة تل تمر قبل بدء القصف الجوي التركي على مواقع ومقرات قسد في مناطق شمال سوريا أمس، وقد احرق محتجون موالون لقسد عربة عسكرية تابعة للقوات الروسية قرب مدينة الدرباسية غرب مدينة القامشلي خلال مرورها في المنطقة” بحسب “د ب أ”.. وتنتشر نقاط للجيش الروسي في مناطق شمال شرقي سوريا بالتوافق بين القوات الروسية والحكومة السورية و”قسد”.
وأضاف القائد العسكري أن “جميع الفصائل العسكرية في مناطق شمال سوريا وضعت في حالة تأهب ورفعت جاهزيتها القتالية استعداداً لعملية عسكرية يتم الإعداد لها بين الجيش التركي وفصائل الجيش الوطني ضد قوات قسد ووحدات حماية الشعب الكردي، وقد أخلت قوات قسد أغلب مقراتها في مناطق شمال سوريا تحسباً لقصف جوي تركي”. إلى ذلك واصلت الطائرات الحربية والمدفعية التركية قصفها على مناطق شمال سوريا في مواجهة هي الأعنف بعد القصف الذي شنته ليل السبت-الأحد الماضي.
وقالت مصادر مقربة من قسد “استهدفت طائرة حربية ومسيرة تركيا محطة للنفط شرق مدينة القامشلي، كما تعرضت عدة قرى في مناطق عامودة غرب القامشلي والمالكية والجوادية ومعبدة شرق مدينة القامشلي لقصف جوي من المسيرات التركية”. واضافت المصادر ” أن المسيرات التركية قصفت مواقع في منطقة عين العرب/ كوباني/بريف حلب الشرقي”.
المصدر: «القدس العربي»