محمد قره بللي
هل يمكن للأطفال أن يكونوا قادة في المستقبل دون تربية وتعليم ورقابة؟ إذ بعد الأحداث القاهرة التي مرت على أمتنا وبالأخص في سورية، أصبحنا نحتاج لنهضة قوية وشاملة لنتمكن العيش من جديد ، وكذلك من يأتي بعدنا، ومفتاح هذه النهضة هو أطفالنا، لأن الكبار قد أصبح همهم الوحيد أن يتم تأمين معيشتهم ومعيشة الأفراد المسؤولين عنهم، وأن تبقى عوائلهم مجتمعة، وأمّا شبابنا فجلهم قد اغترب وغادر بلاده، لا يريدون شيئاً سوى البحث عن أمور بسيطة تبعث فيهم الأمل وتمكنهم من مواصلة الحياة، بعيداً عن الأهل والوطن، ومن تلك الأمور إيجاد العمل الجيد، والزواج، والبعض الآخر منهم توجه للعمل العسكري فحمل السلاح، وهو لم يعد يعلم متى سينتهي دوره في هذه المرحلة، وما هي نهايته، وما هو مستقبله، وبهذا فلم يتبقى لنا سوى الأطفال.
فهل يمكن أن يصبح أطفال اليوم نهضة الغد بدون تعليم وتربية ورقابة؟ اليوم أصبحنا نرى الأطفال في الشوارع أو المعامل أكثر ما نراهم في المنازل أو المدارس، أين أهالي هؤلاء الأطفال الذين نراهم في الشوارع يدخنون ويفعلون الكثير من الأشياء غير الأخلاقية وهم لم يكملوا الخامسة عشر من عمرهم، ومن هو المسؤول عن هؤلاء الأطفال، الذين أصبحوا عالة على أهليهم ومجتمعهم في الوقت الذي يجب علينا تجهيزهم لنهضة المستقبل. فهل الأطفال الذين نراهم اليوم في الشوارع هم الذين سينهضون بنا؟
نحن الآن في هذا الوضع الرديء لم يتبق لنا شيئا سواهم، لذلك عليكم أن تبعدوهم عن الشوارع، والأماكن التي قد تؤدي لانحرافهم، أبعدوهم عن العمل في صغرهم كي لا يعيشوا حياة العبودية تحت مسمى العمل في هذا العمر، نحن بحاجة لقدراتهم المستقبلية، فأمتنا ووطننا لن ينهض إلا بأطفالنا، يجب علينا أن نرسخ في عقول أطفالنا أن التعليم إجباري حتى الثانوية على أقل تقدير، ويجب علينا إدراك مدى أهمية تربية وتعليم من سيقودون ويتولون شؤون بلادنا وسلالاتنا في المستقبل.
حديثي هذا لا يقتصر على الأطفال غير المتعلمين، إذ أنني أشمل به بعض من أهالي الأطفال الذين دخلوا والذين سيدخلون مرحلة التعليم، فهناك بعض الأمور ليست من مسؤولية المدراس والمدرسين بقدر ما هي من مسؤولية الأهالي، مثل الرقابة والتربية.
الرقابة هي جزء من التربية، وبالأخص على استخدام الأطفال للهواتف، وأهم ما بها هو مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أننا نرى في واقعنا اليوم أنه إذا ذهبنا إلى مواقع التواصل فهناك كثير من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم السابعة حتى الخامسة عشر من عمرهم، يضيعون أوقاتهم فيما لا ينفعهم، بدلاً من أن يطوروا مهاراتهم ويزيدوا ثقافتهم.
لعل الهناك ما هو أولى وأهم يجب أن يتم التركيز عليه، يجب أن يتعلم الأطفال الأخلاق والصدق والأمانة، تلك الصفات بدأنا نفتقدها في أطفالنا وكبارنا، لقد انشغلوا بالتكنولوجيا ووسائل التواصل، لأن أطفالنا إذ لم يشهدوا منا نحن الكبار سوى إدماننا على الهواتف، ولا نربيهم، ولا ندعمهم، ولا نُعتبر قدوة إيجابية لهم، فلن يكونوا خيراً منها، ولكن يتمكنوا أن ينهضوا بأحوال بلادنا، أو يصلحوا حال أمتنا.