محمود خزام
شيء من ” البوح “العابر لرفقة عُمر أحاطت به أشواك وأشجان ،حتى لو كنّا قرأنا رواية او شاهدنا فيلم ” نحن لا نزرع الشوك ” واستمعنا لأغنية رفيقة عمرنا الراحلة شادية وهي تشدوا ” والله ياااااا زمن..لا بأدينا زرعنا الشوك “….!
يختلف الصحافي والكاتب والباحث والشاعر ” محمد خليفة ” عن غيره من أقرانه واصدقائه الذين يتشاركون معه المهنة والموهبة..
وهذا الرأي ليس تحيزا للراحل فأنا اعرف العديد من هؤلاء . إنما هو رأي شخصي يستند لتجربة تحمل الكثير من التفاصيل
الانسانية الاستثنائية الحلوة منها والمُرة.!
بالنسبة لي لم يكن أبو خالد مجرد صحافي جمعتني به ” صدفة ” على رأي العندليب الأسمر الذي شدى بالاغنية التي تحمل نفس العنوان ، إنما ” قَدَر ” شاء أن التقي به بُعَيد وصولي لأثينا بصحبة رفيق العمر والمشوار الشهيد خليل الزبن / اغتيل برصاص فلسطيني بغزة بتاريخ 2-3-2003/ لإعادة أصدار ” النشرة ” بعد اغتيال مؤسسها ورئيس تحريرها ” الفدائي الصحفي ” ميشيل النمري / اغتيل برصاص عربي في أثينا بتاريخ 18-9 -1985 /….؟!
بالنسبة لي وبعد تجربة أحاول الآن
” لملمة” ماتيسر منها من ” خزنة ” القلب والعقل والوجدان ، لم يكن فيها محمد مجرد صديق أو رفيق أو شقيق ، بل كان بمثابة ” سَنَد “..
وشكل لي / تحديدا بعد ان تُرِكتُ وحيدا / هو ورفيقة قلبه حينها الغالية ” سوسن ” وابنته حبيبتي الطفلة ” روبى ” ومعهم صديقتي وزميلتي بالنشرة ” رولا” الحضن الدافي و” بيت العز يابتنا “
” كما شدت ذات يوم فايزة احمد…!
تشاركت ومحمد خليفة بكل شيء بالكتابة ب ” النشرة ” وبالعمل السياسي المعارض على المستويات السورية والعربية والعالمية..اضافة لتأمين الدعم المادي والعيني لأسر المعتقلين وشهداء غالبية احزاب وقوى المعارضة الوطنية الديمقراطية السورية وبعض القوة العربية ( وبقرار من فدائي الثورة الفلسطينية الأول الشهيد أبو عمار ) واشرافنا الراحل خليل الزبن وكاتب هذه السطور..
وفي هذا السياق اتمنى ان تأتي الظروف المناسبة للحديث عن هذا الموضوع…؟!
سأنتقل بالحديث الى مساهمات محمد خليفة ب ” النشرة ” و مجلة ” اليوم السابع ” الذي أسسهاورأس تحريرها الأخ والرفيق العزيز اطال الله بعمره ” بلال الحسن ” في باريس اواخر ثمانينات القرن الماضي…
بالنسبة للنشرة لم يبخل الراحل كغيره من ” فدائيي النشرة ” سواء أكان بالكتابة أو المعلومات وهي كثيرة ..لكني سأتي على ذكر موضوعين هامين :
أولهما، ملف حول ” أزمة المعارضة السورية ” كانت ” النشرة ” وهي سباقة وسابقة في ذلك الوقت ، قد فتحت هذا الأمر وطلبت من الاحزاب والقوى السياسية المعارضة ، اضافة الشخصيات والكتاب المساهمة بهذا الملف..
وبالفعل جاءنا العديد من المساهمات من بينها ” 4 حلقات ” لمحمد خليفة ، اخترت له حينها اسم ” خالد العربي ” بسبب ظروفنا الأمنية المحيطة بنا في ذلك الوقت..
كان عنوان الحلقة الاولى : سوريا المريضة وليس الاسد “..ومن العناوين الفرعية : القوة الوطنية احوج ماتكون للحوار والسجال فيما بينها…
الرئيس الاسد ماهو إلا ” فيروس ” أصاب سوريا بالمرض …
عنوان الحلقة الثانية : المجتمع المدني في ” حقبة الأسد “…ومن العناوين الفرعية: سوريا فقدت في الدرجة الأولى انسانها المبدع..
انهيار الطبقة المتوسطة التي كانت عماد المجتمع والدولة في سوريا دائما..
الطبقة الطفيلية التي تكونت تفوق في ثرائها الأسر الحاكمة في دول النفط الخليجية احيانا..
عنوان الحلقة الثالثة : المعارضة الشعبية هي الاساس..
ومن العناوين الفرعية : يجب المحافظة على الطائفة العلوية وعلى تاريخها المشرف..
الشعب السوري منفصل انفصالا كاملا وشبه مغلق عن النظام..
من أكثر الأخطاء شيوعا تحديد المعارضة بالمعيار الحزبي..
المعارضة النخبوية من اهم الاطر والوسائل التي ظهرت في السنوات الأخيرة..
عنوان الحلقة الرابعة : الصيغة..”حركة فتح سورية”…
من العناوين الفرعية : المجتمع السوري على استعداد دائم لافراز ادوات واساليب وأشكال المعارضة والصمود..
كثرة الاحزاب على النحو الحاصل كثرة غير مبررةوهي تعبر عن التمزق والتشتيت..
مبدأ اختراق وتمزيق الاحزاب استخدمه الاسد ضد الاحزاب الحليفة والمعارضة بلا استثناء..
واجب قوى المعارضة اختزال الاحزاب والتنظيمات القائمة الى تيارات رئيسية..!
ثاني الملفات التي ساهم بها بالنشرة فكان يخص : تنظيم ثورة مصر الذي اسسه الراحل العزيز الدكتور خالد جمال عبد الناصر والمرحوم الذي تولى قيادته محمود نور الدين..وقام بعمليات استثنائية ضد الوجودين الأمريكي والاسرائيلي في مصر …
وجاءت الدراسة الاستثنائية التي كتبها محمد خليفة مستندة للعلاقة الوثيقة التي جمعتني واياه بالدكتور خالد..
ونشرت الدراسة غير المسبوقة حينها على ثلاث حلقات وحملت عنوان : ” ثورة مصر ..التجربة والقضية الرمز “..
واعذروني سآتي على نشرها في تاريخ آخر…!!
أما كتاباته في ” اليوم السابع ” فقد كانت غير مسبوقة أيضا وجعلت ” نظام الاسد الاب ” يجن جنونه ويبعث برسائل ” تهديد ووعيد” لبلال الحسن وباقي كتاب وكوادر المجلة..
ولعل أهم مقالة كانت تلك المتعلقة بالهجرة العلنية لعشرات الآلاف من ابناء سوريا وحملت عنوان ” الهجرة المستغربة “اخذ كل مساحة الغلاف العديد رقم 282 السنة السادسة – الاثنين تشرين الأول ( أكتوبر ) 1989…
وهذه المقالة اشتغلنا عليها سوية بعد ان وصل الى اليونان حينها عشرات الآلاف من السوريين بشكل غير مسبوق وامتلأت بهم أثينا وسالونيك وبعض المدن والجزر الأخرى وخاصة ” كريت “..
وحتى يكون الموضوع متكاملا قمنا بزيارات لتلك المدن والجزر واجرينا مقابلات وشهادات اثبتت لنا ان عملية ” التهجير ” مقصدوة ومخطط لها مسبقا وشملت مناطق من شمالي سوريا تخص مكونات دينية ومذهبية وقومية بعينها..؟!
وسأختم بجزء من مقالة خص شقيقي محمد ” النشرة ” في ذكرى تأسسيسها ..وكتب يقول :
” عزيزي رئيس التحرير ..
تطلب مني ان اكتب ” للنشرة ” في ذكرى تاسيسها..هل تعلم مايعنيه تماما طلبك ايها العزيز..؟
نحن في غابة كبيرة من الصحف والمجلات العربية..كل واحدة لها نكهة ومذاق..كل منها لها ثمرها ولونها وزهرها..انها بحق غابة جميلة فسيحة الأرجاء متعددة الألوان، ونحن الصحفيين العرب لنا مطلق ” الحرية ” ان نكتب هنا او هناك..وان نقرأ هذه أو تلك..باستثناء مجلتك..فهي الشجرة الوحيدة المحرمة في هذه الغابة…وكل آلهتنا حذرونا من الاقتراب منها كتابة او قراءة ، او اتصالا، او لقاء..إذن فان دعوتك ايها الصديق الرجيم مثل دعوة ابليس لآدم…!!
فعل هناك آدمي عاقل يقلل دعوتك الملغومة ويوقع بنفسه على قرار طرده من ملكوت الرحمة العربية الواسعة ويحكم على نفسه بالنفي المؤبد..؟؟؟؟
في ذكراك يا أبا خالد ، اشتاق لك وافتقدك ..كما يفتقدك الاهل والاصحاب
والاحبة..
كما يفتقدك وطنانا الغاليين..سوريا وفلسطين…
لروحك الورد والسكينة والسلام…
أغلفة “النشرة ” تحمل بطياتها الحلقات الاربع ومقالته ..ستجدون الملفات كاملة على صفحة الاحبة في ” ملتقى العروبيين السوريين “…..