معقل زهور عدي
تحية طيبة :
أحب أن أحيي جميع من ساهم في إخراج هذه الوثيقة وهي خطوة هامة في مسيرة الألف ميل , تبعث الأمل ببث الروح مجددا في الحياة السياسية والفكرية لسورية والتي أصابها ما أصاب الوطن والمجتمع من جراح عميقة وتمزق وانتكاس .
باختصار أود أن أضع عدة ملاحظات أمام اهتمامكم بتلخيص شديد:
الملاحظة الأولى: ضرورة التمسك بكون الوثيقة مفتوحة للنقاش فهي ليست نصًا مكتملًا بقدر ماهي أداة للحوار الواسع قابلة للتعديل والتطوير، فمازلنا بعيدين عن الوصول لما يمكن أن يوصف بوثيقة تصلح لتكون محط توافق وطني شامل.
ومن أجل الإبقاء على زخم ذلك الإنجاز الهام لابد من إثارة النقاشات حوله ضمن أوسع الدوائر الشعبية والثقافية ورصد ردود الأفعال والملاحظات بروح الانفتاح وتقبل مختلف الآراء.
ثانيًا: سوريتنا جريحة ومتمزقة كما لم تكن في أي وقت، فمن الضروري البحث عن الصيغ التي تفيد في التئام الجراح والابتعاد عن الصيغ التي تعمق الإختلاف أو تستدعيه، ولعل أحد أهم الانقسامات السياسية المحتملة هو الانقسام بين ” عَلمانيين ” و”اسلاميين” وأعلم أن كثيرًا من النخب السورية تميل للتشدد في تضمين الدستور ماينص على عَلمانية الدولة صراحة، وثمة احتمال كبير في معارضة ذلك لدى قطاعات واسعة من الجمهور فأرى أن من الأفضل أن نكون مستعدين للتضحية بالمصطلح مع الاحتفاظ بالمضمون لتجنب منح المتشددين هنا أو هناك السلاح الذي يبحثون عنه لإثارة الانقسام ودفع المجتمع باتجاه التعصب.
ثالثًا: ورد في وثيقة التوافقات عبارة تنص على ” منع الأحزاب الدينية ” فهل ستكون علمانيتنا أشد علمانية من الأتاتوركية حين قبلت بعد تردد الترخيص لعدة أحزاب ذات طابع إسلامي منها حزب الفضيلة وحزب الرفاه وحزب العدالة والتنمية. يقول الياس مرقص وهو من أهم المفكرين الماركسيين العرب كما ورد في كتاب حوارات غير منشورة بالنص: ” ” في المجتمع الديمقراطي الحديث والمعاصر، رأسماليًا كان أم اشتراكيًا أم غير ذلك، لابد من أن يكون فيه أحزاب متعددة وتيارات متعددة، ولابد من أن يكون فيه حزب ديني ولكن ديمقراطي، وحزب قومي عربي ولكن ديمقراطي، وحزب سوري قومي لكن ديمقراطي، وحزب ليبرالي ولكن ديمقراطي، وحزب شيوعي ديمقراطي، واشتراكي ديمقراطي. “.
المهم أن يكون دستور الحزب ينص صراحة على الخضوع لمبدأ الديمقراطية ونبذ العنف والخضوع للدستور، أما وضع عبارة تعني شطب الإسلام السياسي كله ديمقراطيًا أم غير ديمقراطي فهو خطأ لايمكن قبوله.