معقل زهور عدي
خسرت إسرائيل الكثير في حربها على غزة , وأول ماخسرته مما يصعب تعويضه هيبة جيشها وقدرته على الردع وسيكون لذلك أثر عميق وبالغ على مكانتها في المنطقة , كما خسرت قسما هاما من الرأي العام العالمي بما في ذلك الرأي العام في الولايات المتحدة وأوربة حيث تنعكس تحولات الرأي العام في رصيد الحكومات والرؤساء ضمن صناديق الانتخابات .
وخسرت أيضا مسار التطبيع الذي كان سيفتح أمامها بوابات الدخول للمنطقة العربية بما يحمله ذلك من مكاسب سياسية واقتصادية واستراتيجية كبرى .
كل ذلك أصبح في مهب الريح بسبب السياسة الرعناء الوحشية التي واجهت بها الحكومة هجوم حماس في 7 تشرين الأول الماضي ,
أما غزة فقد خسرت 15000 شهيدا وضعف عددهم من الجرحى والمعاقين ومايقرب من 40% من المباني والمستشفيات والمدارس ودور العبادة , وتحولت مدن بكاملها إلى أنقاض .
في البداية تحدث نتنياهو بعد السابع من تشرين عن فرصة لاعادة تكوين الشرق الأوسط وكان ذلك يعني تهجير سكان غزة وضمها لاسرائ يل كما تم ضم الجولان والقدس الشرقية , وربما تهجير سكان الضفة لاحقا وضمها أيضا لاسرائ يل تمهيدا لانطلاق عهد جديد تفرض فيه اسرا ئ يل نفسها كقوة مسيطرة على المنطقة بلا منازع .
لكن كل ذلك اليوم أصبح مجرد أحلام قد تبخرت , فالمفاجأة لم تكن فقط في السابع من تشرين الأول ولكنها كانت وبصورة لاتقل قسوة في مواجهة المقاومة للحملة الجوية والبرية على غزة وتكبيدها خسائر لم تكن في الحسبان .
وكانت أيضا في صمود شعب غزة ورفضه الهجرة خارجها , ورفض مصر مجرد طرح مثل تلك الفكرة الجنونية .
ومرة أخرى يظهر التطرف اليميني ليس فقط عجزه الفكري والسياسي ولكن كيف أنه يزيد في عمق الازمة التي تعيشها اسرا ئ يل منذ قررت إنكار حقوق الشعب الفلسطيني , واستبدال الاعتراف بتلك الحقوق وتعويضه عن مأساة 1948 باستخدام القوة الغاشمة في اضطهاده واتباع سياسة الفصل العنصري تجاه الضفة الغربية والحصار الخانق تجاه غزة في حين يتم سلبه ماتبقى له من أرض بالمستوطنات كل يوم .
لقد قلب ما حدث في 7 تشرين الطاولة على كل المرحلة الماضية , وفتح الآفاق أمام مرحلة جديدة . لعلها تبشر بانتهاء عصر العربدة الاسرا ئ يلية وتحكم اليمين المتطرف بعد أن أوصل اسرائ يل لطريق مسدودة .
المصدر: صفحة معقل زهور عدي