يوسف عويد الصياصنة
الاستئثار بالسلطة، أيّة سلطة، وإبعاد الآخرين أيّاً كانت هويتهم، سواء كانوا رفاق درب أو محازبين أو عامة، يؤدي إلى الاستبداد والطغيان. يوم احتكر البعثيون ثورة الثامن من آذار عسكرياً وشعبياً، وتُوِّج الأمر بنص دستوري بأن “حزب البعث يقود المجتمع والدولة”. أسوق هذا لأقول إن معظم أحزاب المعارضة السورية، وخاصة الأحزاب المشاركة في الجبهة الوطنية التقدمية، باستثناء حزب واحد هو حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، بالإضافة إلى محامٍ إسلامي من مدينة حلب، من أصل أحد عشر عضواً، رفضوا التصويت على الدستور وجمّدوا عضويتهم حتى نهاية المجلس.
أسوق هذا لأقول إن للاستبداد وللمعارضة مقدمات بالهوان، وأنا واحد منهم. فهل يشفع لي عدم الموافقة على الدستور وتجميد عضويتي، وانسحاب حزبنا من الجبهة الوطنية التقدمية؟ “من يهن يسهل الهوان عليه”. ومن يومها، ركب الأسد حمار الحزب والبلد، ولم يجد من يقول له “لا” إلا الثورة السورية المجيدة المباركة، التي جاءت نتائجها أوسع مما وصل إليه خيالي، بل أوسع بكثير. والمنصف يرجع الفضل لأصحابه، فهي مكافأة من رب لا يعرف إلا الفيض والعطاء لهذه الدماء الزكية التي روت تراب سوريا الحبيب، ولهذه العذابات الأسطورية التي فاقت كل عذاب، لتغريبة بني سوريا إلى المنافي والمخيمات. إنها انتصار لكل هؤلاء، الأحياء منهم والشهداء، دون استثناء. وإلا، سنكون مثل غيرنا، وحاشا لثائر أن يكون مثله.
مرت أعوام الموت والمعاناة، وها نحن نحتفل بالنصر المؤزر. لكن، لم نسمع برنامجاً واضحاً من أحد. إزاحة الاستبداد واجب وطني وأخلاقي وعربي وإنساني، ولكن ماذا بعد؟ في غياب البرنامج، يخرج كل شخص ببرنامجه ويجعل منه ناموساً، وتخرج كل فئة ببرنامجها وتعتبره الخلاص، وكذلك يفعل كل مغرض وطامح وطامع ومجادل وخبيث ومشبوه. هنالك صمت، فلماذا لا نجلوه بالبيان ونقطع الطريق أمام من يتربص بشعبنا ويضمر له الأذى؟
شابت رموشنا، وانحسر البصر، حتى وصلنا إلى ما نحن فيه من خير. فلنكمل فرحتنا معاً، ويداً واحدة. نحن حزبان لا ثالث لنا: حزب يريد وحدة الشعب ووحدة التراب، وحزب – وهم القلة – لا يريد للوطن ولا للشعب خيراً ولا رخاء. فلنفتح الحضن الدافئ الذي يتسع للجميع. أبعدوا عن أفكارنا القلق، يثبّتكم الله.
المصدر: صفحة يوسف عويد الصياصنة