مقدمة
منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024، ازداد التصعيد الإسرائيلي في سورية، واتخذ منحًى جديدًا مطلع عام 2025، حيث تصاعدت العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية بشكل ملحوظ، واستهدفت مواقع استراتيجية عسكرية كانت تنشط فيها مجموعات مرتبطة بإيران وحزب الله، وجاء هذا التصعيد في ظل الفراغ الأمني الناتج عن سقوط نظام بشار الأسد، حيث استغلته إسرائيل لتحقيق أهدافها وإعادة تشكيل موازين القوى في الجنوب السوري.
وتمحورت الاستراتيجية الإسرائيلية حول تحقيق مجموعة من الأهداف الأمنية والعسكرية، أبرزها تعزيز أمنها القومي، ومنع إعادة تموضع الخلايا المرتبطة بإيران أو حزب الله، إضافة إلى توسيع نطاق نفوذها العسكري في العمق السوري. لذلك اعتمدت نهجًا عسكريًا متعدد الأوجه، شمل ضربات جوية دقيقة، وعمليات استهداف نوعية، إلى جانب تعزيز وجودها الأمني والعسكري عبر إنشاء بنى تحتية جديدة في المنطقة العازلة.
تسلّط هذه الورقة الضوء على تفاصيل العمليات الإسرائيلية (الغارات الجوية والتوغل البري)، منذ مطلع عام 2025، مع تحليل أبعاد التوسع البري الإسرائيلي، والأهداف الاستراتيجية الكامنة وراء هذه التحركات، والتداعيات المحتملة على المستوى الإقليمي والدولي، والتوازنات العسكرية في جنوب سورية، وردود الفعل المحتملة من الأطراف الفاعلة في المشهد السوري.
التصعيد الجوي
كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية مطلع عام 2025، مستهدفة مواقع عسكرية استراتيجية وشخصيات مرتبطة بجماعات مسلحة مختلفة، وتأتي هذه الإجراءات -بحسب زعم شخصيات حكومية ومن الإعلام الإسرائيلي الرسمي- في إطار جهود إسرائيل المستمرة لمواجهة التهديدات من الميليشيات المدعومة من إيران، وحزب الله داخل الأراضي السورية[1].
جدول رقم (1): الغارات الإسرائيلية في سورية: المواقع المستهدفة والتفاصيل (كانون الثاني/ يناير – 10 شباط/ فبراير 2025)
شهدت الضربات الإسرائيلية تباينًا في توزيعها بين المحافظات المستهدفة، حيث شهدت محافظة حلب 7 ضربات من أصل 11، كانت سبع ضربات على خمس مستودعات في منطقة معامل الدفاع، إضافة إلى ضربة استهدفت بناءً كاملًا، وأخرى استهدفت موقع رادار في نفس المنطقة بالسفيرة.
خريطة رقم (1): الضربات الإسرائيلية على معامل الدفاع في مدينة السفيرة 2 كانون الثاني/ يناير (2025)
للاطلاع على الخريطة بدقة عالية يرجى الضغط على الرابط
وفي ريف دمشق، نُفّذت ضربتان، استهدفت الأولى قاعدة عسكرية قرب سعسع كانت تستخدمها إيران خلال حكم الأسد، واستهدفت الثانية مستودعًا في منطقة دير علي، قرب الكسوة، زعمت التقارير الإسرائيلية أنه يحتوي على أسلحة لحماس. أما في السويداء فقد وقعت ضربة واحدة فقط، استهدفت مستودعًا داخل قاعدة خلخلة الجوية. وكانت هناك ضربة واحدة فقط في ريف القنيطرة الجنوبي، ونتج عنها مقتل شخص. [2]
التصعيد البري
استغلّت إسرائيل الفراغ الأمني بعد سقوط نظام الأسد في جنوب سورية، لتعزيز وجودها العسكري، متجاوزةً “خط ألفا” المحدد في اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، فخلال الأسبوع الأول من العمليات الإسرائيلية في المنطقة، فرضت القوات الإسرائيلية سيطرتها على مساحة 303 كيلومترات مربعة، ومع استمرار العمليات خلال كانون الثاني/ يناير 2025، انسحبت الوحدات الإسرائيلية من منطقة حوض اليرموك، لكنها وسّعت نطاق انتشارها على المحاور الشمالية، مما أدى إلى زيادة المساحة الخاضعة لسيطرتها إلى 366 كيلومترًا مربعًا مع نهاية الشهر.
لاحقًا، عززت إسرائيل انتشارها في المنطقة المنزوعة السلاح، حيث فرضت السيطرة إما عبر الانتشار المباشر أو من خلال السيطرة النارية التي استخدمتها لتقييد حركة المدنيين، ومنع قوات أمن الحكومة السورية من تنفيذ أي عمليات داخل المنطقة. ونتيجة لذلك، ارتفع حجم المساحة التي تقع تحت السيطرة المباشرة أو التأثير الإسرائيلي إلى أكثر من 460 كيلومترًا مربعًا.
وبالتزامن مع التقدّم البري وتمشيط المنطقة بحثًا عن أسلحة خلفتها التشكيلات التي كانت تعمل مع إيران وحزب الله، أنشأت القوات الإسرائيلية نقاطًا عسكرية جديدة داخل المنطقة العازلة، التي كان من المفترض أن تكون منزوعة السلاح، مبررةً ذلك بضرورة حماية أمنها القومي، ومنع استغلال الخلايا الموالية لإيران وحزب الله للفراغ الناجم عن انهيار النظام السوري، وكانت تلك الخلايا تنشط في مناطق مختلفة في المنطقة في فترة نظام الأسد، حيث نفّذت إسرائيل حملة عسكرية واسعة النطاق في جنوب سورية، بهدف تدمير القدرات العسكرية السورية، وإنشاء منطقة عازلة على طول الحدود، وتقدّمت القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة في القنيطرة، مستهدفة مواقع استراتيجية، أبرزها قمة عرنة في جبل الشيخ، حيث أنشأت نقاط مراقبة وثكنات عسكرية بعد أيام من توغلها[3].
في التلول الحمر، شرق بلدة حضر، استغلّت القوات الإسرائيلية انسحاب القوات الروسية لتعزيز وجودها بإنشاء قاعدة عسكرية توفّر سيطرة واضحة على المنطقة. وعلى سفوح جبل الشيخ، تحديدًا في قرص النفل شمال غرب حضر، عملت على فتح طرق جديدة وتعبيدها، ومدّ خطوط كهرباء لإنارة الموقع، ما عزّز من مراقبتها للشريط الحدودي وريف القنيطرة الشمالي.
وفي جباتا الخشب، بالقرب من برج الزراعة داخل المحمية الطبيعية، تم تجهيز نقطة عسكرية متكاملة تضم مهبطًا للطائرات المروحية وغرفًا مسبقة الصنع لإيواء العناصر، مع تأمين طريق يربطها بالحدود. وتمركزت وحدات عسكرية شمال بلدة الحميدية، بعد تجهيز الموقع بالكامل وإنارته، ليشكل نقطة متقدمة بديلة عن المباني الحكومية التي أُخلِيت. وفي العدنانية، قرب سد المنطرة، اختارت القوات الإسرائيلية تلة مرتفعة لإنشاء نقطة جديدة يجري تجهيزها حاليًا، في حين شهدت مدينة القنيطرة، قرب برج القنيطرة، تجهيز موقع مماثل لتعزيز السيطرة الميدانية.
وفي القطاع الجنوبي من محافظة القنيطرة، تم تفعيل الموقع العسكري في تل أحمر الغربي قرب بلدة كودنا بعد استكمال تجهيزه، حيث يتمتع بإحداثيات تكتيكية تمنحه إشرافًا ميدانيًا واسعًا، يمتد نحو ريف القنيطرة الجنوبي وأجزاء كبيرة من ريف درعا الغربي، ما يعزز القدرة الاستخباراتية، ويرفع من كفاءة المراقبة والسيطرة العملياتية في المنطقة.
خريطة رقم (2): مناطق السيطرة في الجنوب السوري – 13 شباط/ فبراير 2025
للاطلاع على الخريطة بدقة عالية يرجى الضغط على الرابط
الأهداف الإسرائيلية والتداعيات المحتملة
- تعزيز الأمن القومي الإسرائيلي وإمكانية التصعيد العسكري
تسعى إسرائيل إلى إنشاء منطقة عازلة في الجنوب السوري، بهدف الحد من التهديدات الأمنية المحتملة، لا سيما من قبل خلايا إيران وحزب الله أو الجماعات المسلحة غير النظامية، وعلى الرغم من أن النفوذ العسكري الإيراني في المنطقة قد تراجع، فإن إسرائيل تعتبر أن شبكات الدعم اللوجستي والبنية الاستخباراتية لهذه القوى لا تزال موجودة، وتعدّها مصدر تهديد مستقبلي.
لكن من الممكن أن تؤدي هذه التحركات إلى زيادة التوترات الأمنية في الجنوب السوري، حيث قد ترى الحكومة السورية الجديدة أن التوسع العسكري الإسرائيلي يشكّل انتهاكًا للسيادة الوطنية، وقد يدفعها ذلك إلى تعزيز انتشارها العسكري أو اتخاذ إجراءات ميدانية لمراقبة التحركات الإسرائيلية عن كثب، ومن المتوقع أن تثير إقامة القواعد العسكرية الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة اعتراضاتٍ من الأمم المتحدة، حيث قد يُنظر إليها على أنها مخالفة لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974، مما قد يدفع المنظمة الأممية إلى زيادة الضغط الدبلوماسي على إسرائيل لمراجعة هذه الإجراءات.
- منع إعادة تموضع القوات الإيرانية وحزب الله وتأثيره في التوازن الإقليمي
تخشى إسرائيل من أن تستغل الميليشيات المدعومة من إيران الفراغ الأمني في الجنوب السوري وأن تسعى لإعادة انتشارها، ولذلك، فإن التحركات الإسرائيلية، ومنها إنشاء قواعد عسكرية دائمة، تأتي كإجراء احترازي لمنع أي إعادة تموضع لخلايا وتشكيلات تتبع لإيران أو لحزب الله اللبناني.
في المقابل، قد تدفع هذه التحركات الإسرائيلية إيران وحزب الله إلى تعديل تكتيكاتهما العسكرية. ومن المحتمل أن يلجأ الطرفان إلى تعزيز وجود خلايا أمنية نائمة أو سرية، وتكثيف أنشطتهما الاستخباراتية في المنطقة. هذا التغيير في الاستراتيجية قد يؤدي إلى تصاعد حرب استخباراتية غير معلنة بين الأطراف المعنية.
- تغيير قواعد الاشتباك وإمكانية التأثير في الردع الإسرائيلي
من خلال تعزيز وجودها العسكري في الجنوب السوري، قد تسعى إسرائيل إلى تعديل قواعد الاشتباك بطريقةٍ تمنحها مرونة أكبر في تنفيذ ضربات استباقية ضد أهداف عسكرية داخل سورية، دون الحاجة إلى عمليات برية واسعة النطاق، ويُنظر إلى هذا النهج كجزء من استراتيجية الردع الإسرائيلي التي تهدف إلى تقليل المخاطر الأمنية على المدى الطويل.
قد يؤدي تعديل قواعد الاشتباك إلى زيادة احتمالية المواجهة، حيث من المتوقع أن تعمل القوات السورية الجديدة على تعزيز قدراتها الدفاعية، سواء عبر نشر أنظمة دفاع جوي أكثر تطورًا، أو من خلال رفع مستوى جاهزية وحداتها العسكرية في المناطق الحدودية. ومن الممكن أن تواجه إسرائيل ضغوطًا دبلوماسية من الولايات المتحدة، حيث تسعى واشنطن إلى تجنب أي تصعيد قد يؤثر في الاستقرار الإقليمي. وفي حال استمر التوسع الإسرائيلي في الجنوب السوري، فمن المتوقع أن تتصاعد المطالبات الدولية بضرورة ضبط هذه التحركات ضمن إطار تفاهمات دبلوماسية لتجنب تصعيد غير ضروري.
- السيطرة على الممرات الاستراتيجية وإمكانية تعقيد مستقبل الجنوب السوري
بالإضافة إلى الأهداف الأمنية، قد تسعى إسرائيل إلى فرض سيطرتها على الممرات الاستراتيجية المؤدية إلى الجولان ودمشق، عبر إنشاء بنية تحتية عسكرية دائمة، وقد يمنحها هذا ميزة استراتيجية تتيح لها مراقبة التحركات العسكرية السورية، وإضعاف قدرة أي طرف آخر على إعادة تنظيم قواته في المنطقة، وتشمل هذه الممرات الطرق والمحاور العسكرية الحيوية التي تربط جنوب سورية بالعاصمة دمشق، مرورًا بالمناطق القريبة من الحدود مع الجولان. ومن أبرز هذه الممرات:
- طريق دمشق-القنيطرة: وهو أحد أهمّ الطرق التي تربط العاصمة السورية بمنطقة الجولان، ويمثل شريانًا استراتيجيًا يتيح للجيش السوري أو أي قوى أخرى إعادة الانتشار أو نقل التعزيزات العسكرية.
- طريق خان أرنبة-جباتا الخشب-الجولان: وهو ممر مهم، يتحكم في حركة القوات في منطقة القنيطرة، ويمثل نقطة عبور حيوية نحو المناطق الحدودية.
- الممرات الجبلية في سفوح جبل الشيخ: حيث توفر تضاريس المنطقة طرقًا عن الطرق الرئيسية من أجل ارسال تعزيزات والتحرك في المنطقة.
من الممكن أن يؤدي هذا التوجه إلى إعاقة أي جهود مستقبلية لاستعادة السيادة السورية الكاملة على الجنوب، حيث قد تصبح مسألة الوجود الإسرائيلي في هذه المناطق نقطة خلاف جوهرية في أي مفاوضات سياسية مقبلة حول مستقبل سورية، وإن استمرار تعزيز القواعد الإسرائيلية قد يجعل من الصعب التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، حيث قد تصبح قضية الانسحاب الإسرائيلي جزءًا من الترتيبات الأمنية التي تحتاج إلى توافق دولي وإقليمي لحلها.
موقف الحكومة السورية الجديدة من التحركات الإسرائيلية في الجنوب السوري:
في ظل التوغلات الإسرائيلية المستمرة في الجنوب السوري، تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات كبيرة في التعامل مع هذه التحركات، وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية المبذولة، ومنها تقديم شكاوى إلى مجلس الأمن الدولي، فإن تأثير هذه المساعي يبقى محدودًا، بسبب عدم الاعتراف الدولي الكامل بالحكومة الجديدة، مما يضعف من قدرتها على حشد دعم دولي فعّال للضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية[4].
من جهتها، تبرّر إسرائيل وجودها العسكري في الجنوب السوري بحماية أمنها القومي ومنع أي تهديدات محتملة من الأراضي السورية، وصرّح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن القوات الإسرائيلية ستبقى في المواقع الاستراتيجية، مثل جبل الشيخ، لأجل غير مسمّى، مما يعكس نيّة إسرائيل في تعزيز وجودها العسكري في المنطقة[5].
وهذا التوسع الإسرائيلي المتكرر يُثير قلقًا متزايدًا بين السكان المحليين في الجنوب السوري، حيث أفادت تقارير بحدوث احتجاجات وتظاهرات ضد الوجود الإسرائيلي، إضافة إلى مواجهات بين القوات الإسرائيلية والمواطنين السوريين. هذه التوترات المتصاعدة تزيد من تعقيد الوضع الأمني والإنساني في المنطقة، وتضع الحكومة السورية الجديدة أمام تحديات إضافية في سعيها لاستعادة السيادة الكاملة على أراضيها وضمان أمن وسلامة مواطنيها [6].
السيناريوهات المحتملة
في ظلّ استمرار التحركات العسكرية الإسرائيلية داخل سورية، بعد سقوط نظام الأسد، يمكن تصور عدة سيناريوهات لمستقبل المنطقة بناءً على التفاعل بين القوى الإقليمية والدولية، وطبيعة الردود المحتملة من الأطراف المعنية:
السيناريو الأول: استمرار التصعيد العسكري
قد تواصل إسرائيل توسيع نطاق عملياتها العسكرية داخل سورية، مستغلةً الفراغ الأمني والاضطرابات الداخلية، وهذا السيناريو قد يؤدي إلى زيادة التوترات مع الجيش السوري الجديد، الذي يسعى إلى إعادة فرض سيطرته على الجنوب، إضافة إلى احتمالية تصاعد الضغوط الإقليمية، لا سيّما من الأردن، الذي يراقب بقلق التطورات على حدوده الشمالية، وقد يدفع استمرار التصعيد الحكومة السورية إلى إعادة تموضعها، أو السعي للحصول على دعم خارجي من أحد الحلفاء، ومنهم تركيا على سبيل المثال، لموازنة النفوذ الإسرائيلي في المنطقة.
السيناريو الثاني: تدخلات دولية وإقليمية (وهو السيناريو المرجَّح)
من الممكن أن تؤدي العمليات الإسرائيلية المكثفة إلى ردود فعل دولية متزايدة، حيث قد تسعى الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى التدخل لاحتواء التوتر، وقد يأتي هذا التدخل عبر ضغوط دبلوماسية على إسرائيل للحدّ من توسعها العسكري أو من خلال محاولات لإعادة التوازن الأمني في المنطقة، عبر ترتيبات جديدة تشمل مشاركة أطراف دولية في مراقبة الحدود أو تعزيز وجود قوات حفظ السلام.
السيناريو الثالث: تسوية سياسية وإعادة ترسيم مناطق النفوذ
في ظل الضغوط الإقليمية والدولية، قد تتحرك الحكومة السورية الجديدة نحو إبرام تسوية سياسية، تشمل إعادة ترسيم مناطق النفوذ والانتشار في الجنوب مع الجانب الإسرائيلي، مع وضع آليات تضمن انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي السورية. إلا أن نجاح هذا السيناريو سيعتمد على قدرة الأطراف الفاعلة على إيجاد حلول وسط، تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمنية الإسرائيلية، والتوازنات الإقليمية، وإمكانية فرض الترتيبات الأمنية الجديدة على الأرض.
خاتمة
تشير التحركات العسكرية الإسرائيلية داخل سورية مطلع 2025 إلى تحوّل استراتيجي بعيد المدى، حيث عملت إسرائيل على استغلال الفراغ الأمني والسياسي الناجم عن سقوط النظام السوري لتعزيز سيطرتها الميدانية، سواء عبر الضربات الجوية المكثفة أو التوسع البري في المنطقة العازلة. وعلى الرغم من التبريرات الإسرائيلية بأن هذه التحركات تهدف إلى حماية أمنها القومي، ومنع إعادة تموضع الميليشيات المدعومة من إيران، فإن التداعيات المحتملة قد تتجاوز الأهداف التكتيكية قصيرة المدى لتشمل تصعيدًا عسكريًا أوسع، وزيادة التوترات مع القوى الإقليمية، وإعادة تشكيل معادلات النفوذ في الجنوب السوري.
في ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل المشهد العسكري في سورية مرهونًا بتفاعل الأطراف الفاعلة، سواء من خلال استمرار التوسع الإسرائيلي والردود السورية المحتملة، أو عبر تدخلات إقليمية ودولية تهدف إلى احتواء التصعيد. وستتأثّر السيناريوهات القادمة بمدى قدرة الحكومة السورية الجديدة على استعادة السيطرة على المناطق الحدودية، وبموقف إسرائيل هل ستسعى لترسيخ واقع أمني جديد في الجنوب السوري أم ستُجري تحركات مضادة تعيد رسم معادلات النفوذ في المنطقة.
[1] لماذا هاجمت إسرائيل سوريا في هذا التوقيت؟، الجزيرة، نشر في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2024، شوهد في 9 شباط/ فبراير 2025، الرابط: https://shorturl.at/E34i2
[2] معلومات الضربات الإسرائيلية هي من أرشيف الرصد الخاص في مركز حرمون.
[3] مقابلة أجراها الباحث مع مصدر خاص في القنيطرة، بتاريخ 12/13 شباط/ فبراير 2025
[4] ما تبعات إعلان إسرائيل وجودها الدائم في سوريا؟، الحرة، 12 شباط/ فبراير 2025، شوهد في 16 شباط/ فبراير 2025، الرابط: https://shorturl.at/Ph11B
[5] وزير الدفاع الإسرائيلي: قواتنا ستبقى على جبل الشيخ بسوريا لأجل غير مسمى، CNBC عربية، 29 كانون الثاني/ يناير 2025، شوهد في 15 شباط/ فبراير 2025، الرابط: https://shorturl.at/ke7Da
[6] إسرائيل تتغول في الجنوب السوري: تعزيز الاحتلال يقابل بمقاومة محلية، العربي الجديد، 3 كانون الثاني/ يناير 2025، شوهد في 16 شباط/ فبراير 2025، الرابط: https://shorturl.at/Lseqz
المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة