يُعتقدُ أن تهجير قوات النظام لسكان قرى اللجاة شمال شرقي درعا كان بغرض تفريغ المنطقة وإقامة قاعدة عسكرية وأمنية إيرانية فيها، على حدود منطقة الـ80 كيلومتراً، المتفق عليها بين روسيا وإسرائيل، بحسب مراسل “المدن” خالد الزعبي.
مليشيا “قوات النمر” التي يقودها العميد سهيل الحسن، نفّذت في آب/أغسطس حملة اعتقالات وتفتيش وهدم لمنازل المدنيين في 10 قرى من اللجاة منها قرى حوش حماد والشومرة والسحاسل والمدورة وسطح القعدان والضهر، وهجّرت أهلها.
قوات النظام بثّت شائعات بأن ما جرى مدبر من أهالي السويداء للانتقام من أهالي اللجاة، نتيجة أعمال الخطف التي قامت بها بعض فصائل المعارضة من المنطقة خلال فترة سيطرتها. كما أشاعت وسائل النظام الإعلامية أن الهدف من الحملة هو ملاحقة خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” المتواجدة في اللجاة.
ولاقت تلك الشائعات قبولاً بين الأهالي الذين واجهوا مصير التهجير القسري إلى القرى المجاورة، بينما أجبر المئات من أبناء المنطقة على تركها والعيش في مدارس بلدات القطاع الأوسط من درعا؛ إبطع والشيخ مسكين.
مصدر مطلع، أكد لـ”المدن”، أن ما جرى مخطط إيراني هدفه تهجير أبناء اللجاة وتحويلها إلى منطقة عسكرية، تُمهّدُ لإنشاء قاعدة إيرانية فيها. ويشمل المخطط بحسب المصدر 15 قرية من قرى اللجاة، وتوقف التجريف عند حدود قرية الشياحة. ويؤكد مصدر “المدن” أن إخلاء المنطقة من سكانها وتجريف منازلهم هو رسالة واضحة بأن المنطقة باتت عسكرية، لا عودة للأهالي إليها.
الطبيعة الجغرافية الوعرة التي تتمتع بها اللجاة قد تكون وراء اختيار إيران لها كقاعدة عسكرية جنوبي سوريا. المُغرُ والكهوف الطبيعية في اللجاة يسهُلُ تحويلها إلى مستودعات أسلحة بدلاً من تلك الموجودة في تل المانع بريف دمشق، والتي تعرضت لغارات إسرائيلية أكثر من مرة.
في اللجاة يعمل منصور الرويضان، أحد قادة فصائل المعارضة المسلحة سابقاً، على تجنيد الشبان ضمن صفوف مليشيا “حزب الله” اللبنانية، بعدما عمل طيلة الأعوام الماضية مع قيادات من الحزب بتهريب الحشيش والحبوب المخدرة والسيارات إلى المناطق المحررة حينها.
استراتيجية إيران اليوم في المنطقة قائمة على تجنيد أبنائها ضمن صفوف مليشياتها، بتسهيل من النظام الذي عادت أجهزته الأمنية لإعتقال المعارضين السابقين، ما دفع بأكثر من 1600 شاب من الجنوب للانضمام إلى “قوات الرضوان” (النخبة) في مليشيا “حزب الله”.
ويتجاوز عدد قوات المليشيات الإيرانية في الجنوب، حالياً، ثمانية آلاف عنصر، من سوريا والعراق ولبنان وإيران، موزعين على أكثر من عشر مليشيات مسلحة، أكثرها نشاطاً “حزب الله” و”أبو الفضل العباس” و”قوات العرين 313″ و”لواء الإمام الحسين”، وتنتشر في درعا وريف دمشق والقنيطرة.
ويتوقع ناشطون ازدياد نشاط المليشيات الإيرانية، خلال الشهور المقبلة، مع استمرار تجاوزات النظام والصمت الروسي إزاءها. الدور الروسي كان قد تراجع بشكل ملحوظ في درعا، وباتت القوات المدعومة من روسيا تنحصر فعلياً بـ”الفيلق الخامس” في ريف درعا الشرقي، والذي لا يتجاوز عدد عناصره 1500 عنصر.
التمدد الإيراني في الجنوب دق ناقوس الخطر في الأردن الذي يحاول، بحسب ناشطين، العمل مع بعض قادة المعارضة السابقين على تشكيل فصيل جديد مدعوم من روسيا يحمي حدوده الشمالية ويمنع تمدد تلك المليشيات. ونشر ناشطون أخباراً عن اتصالات مكثفة تجريها المملكة مع بعض القيادات في المعارضة المتواجدين على أراضيها، بهدف عودتهم إلى سوريا، وتنظيم صفوفهم للحد من نشاط المليشيات.
واعتبر ناشطون أن هذه الخطوة متأخرة جداً. فالمد الإيراني اليوم في الجنوب انتشر كالنار في الهشيم، ومن غير الممكن إيقافه طالما أن إيران موجودة في سوريا.
المصدر: المدن