يحتفي العالم أواخر (تشرين الثاني/ نوفمبر) باليومي الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. هذا الشعب الذي عانى مالم يعانيه شعب في التاريخ الحديث للبشرية، من ظلم وقهر وسلب للوطن واستلاب لإرادة الانسان. ولم يكن ذلك من إسرائيل فحسب، فقد شارك في هذا الكثير من النظم العربية الرسمية، وباسم نصرة فلسطين.
وكان النظام السوري أحد هذه الأنظمة التي ساهمت بأشنع الأفعال ضد شعب فلسطين في سورية وخارج سورية، حيث عمل النظام السوري عبر مسيرة بشار الأسد، ومسيرة أبيه من قبله مع الشعب الفلسطيني المنكوب كل أنواع السلب والنهب والتهجير والقتل. من هنا فقد طرحنا هذا السؤال وفي هذه المناسبة على العديد من الباحثين والكتاب الفلسطينيين والسوريين. كيف يمكن أن يستمر هذا النظام (الممانع) في التغني بالقضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني وهو على ما هو عليه من عسف وقتل تهجير واعتقال للفلسطينيين السوريين في مخيم اليرموك، وغير مخيم اليرموك، وعلى امتداد الساحة السورية واللبنانية حيث ينتشر الشعب الفلسطيني؟
الباحث الفلسطيني والمنسق العام لتجمع مصير السيد أيمن أبو هاشم تحدث لجيرون بقوله ” منذ أن تولى حافظ الأسد السلطة في سورية عام 1970، قدم خطابًا قوميًا يتحدث فيه عن أولوية القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية، وبعد حرب تشرين 1973 على وجه التحديد، بدأت خطواته الواضحة في محاولة احتواء الحركة الوطنية الفلسطينية، وبدأ بدعم فصائل فلسطينية موالية له في سورية ولبنان، وعندما قويت شوكة المقاومة الفلسطينية في لبنان، قام النظام السوري وبغطاء أميركي وإسرائيلي بالدخول إلى لبنان تحت شعار وقف الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975، ولكن الهدف الحقيقي من وراء ذلك كان ضرب الحركتين الوطنيتين الفلسطينية واللبنانية، وكانت مجزرة مخيم تل الزعتر التي ارتكبها النظام بالتنسيق مع القوى الانعزالية اللبنانية في عام 1976، أكبر مثال دموي في ذلك الوقت، على الدور المشبوه للنظام في إضعاف القرار الفلسطيني، واحتواء منظمة التحرير الفلسطينية والسيطرة عليها، وكل ذلك لإبعاد خطر المقاومة عن الحدود الفلسطينية – اللبنانية، وتحقيق ما تسعى إليه إسرائيل في هذا الخصوص، وفي عام 1983 بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، قام النظام السوري بشق صفوف منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح مستغلًا الأخطاء التي حدثت خلال الاجتياح، ونجم عن ذلك صراع داخلي فلسطيني لم يكن النظام بعيدًا عنه، بهدف منع عودة القيادة الفلسطينية إلى لبنان” وأضاف أبو هاشم ” ما بين عامي 1985 و1986 استخدم حافظ الأسد حركة أمل لتقوم بحرب ضارية ضد المخيمات الفلسطينية في بيروت، كانت استكمالًا لدوره في مجزرة تل الزعتر، وقد تسببت سياساته الخبيثة تلك، في استنزاف المقاومة الفلسطينية، وإلحاق المآسي بأبناء المخيمات الفلسطينية، بينما كان يغطي على جرائمه المشهودة منذ ذلك الوقت بالشعارات الكاذبة عن فلسطين ودعم المقاومة، وقد استفاد حافظ الأسد من إبعاد المقاومة الفلسطينية عن الحدود، فقام كذلك بالاتفاق مع الإيرانيين، على دعم حزب الله وجعله القوة الوحيدة القادرة على ضبط الحدود في جنوب لبنان، وإزالة الصداع الإسرائيلي الذي كانت تسببه المقاومة الفلسطينية قبل خروجها من تلك المنطقة. أما في عهد وريثه بشار وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، فقد عمل الأسد الابن على التنكيل بفلسطينيي سورية وارتكاب جرائم وحشية بحقهم، عقابًا لهم من جهة بسبب انحيازهم لثورة أخوتهم السوريين، ومن جهة أخرى بهدف ضرب وتدمير مخيماتهم، واعتقال وقتل أبناء تلك المخيمات بدم بارد، كي يؤكد لإسرائيل التي تحمي وجوده، أنه يقوم بمهمة تصفية الوجود الفلسطيني في سورية بالنيابة عنها وعلى أكمل وجه”. ثم أشار أبو هاشم إلى أن النظام السوري ” قام بتهجير أهالي مخيم اليرموك أكبر المخيمات الفلسطينية في سورية، و حاصر المتبقين فيه حتى مات العديد منهم بسبب الجوع، وكيف قام أخيرًا بتدمير المخيم عن بكرة أبيه بحجة محاربة ( داعش )، وهذا كان حال مخيمات أخرى شهدت المصير عينه على يد النظام مثل مخيمات ( السبينة – حندرات – خان الشيح – السيدة زينب – الحسينية ) وقد نجم عن حرب النظام ضد فلسطينيي سورية تهجير أكثر من 200 ألف خارج سورية، واعتقال وقتل الآلاف منهم، كما فعل مع الشعب السوري في مختلف المناطق السورية المنكوبة. إزاء ذلك لم يعد دور النظام في خدمة الكيان الصهيوني خافيًا على أحد سواء عبر حماية حدوده كما فعل طيلة العقود الماضية على جبهة الجولان، أو عبر إضعاف المقاومة الفلسطينية، وشطب مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية وقبلها في لبنان، لتصفية قضية اللاجئين وحق العودة. وكان غطاء نظامي الأب والابن في كل ما قاما به تجاه الفلسطينيين، هو المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وبشعارات المقاومة والممانعة، على حساب قهر وتشريد وقتل أصحاب القضية أنفسهم، وتحويل جزء من الفصائل الفلسطينية الموالية له إلى أدوات تشبيحية يستخدمها لضرب شعبها وقمعه”.
الدكتور خليل سيد خليل كاتب وناشط سوري قال لجيرون ” يحتفل العالم بتاريخ ٢٩/١١من كل عام باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، هذه المناسبة التي تبنتها ونظمتها الأمم المتحدة للتذكير بالقرار ١٨١ الخاص بفلسطين، والمجتمع الدولي يدين الاحتلال الإسرائيلي وما يتصل به من سياسات عدوانية من استيطان وتهويد وانتهاك الحرمات الدينية وتكدير حياة الشعب الفلسطيني بالحواجز والاغلاقات والتعديات وعمليات الخطف والتدمير للبنى التحتية وصولًا إلى قتل الآلاف، بشن الحروب بشكل متواتر، مثلما حدث للفلسطينيين من النظام الممانع في سورية وغيرها من البلاد العربية فالنظام السوري في زمن الأب حافظ الأسد قتل الآلاف من الفلسطينيين في لبنان /تل الزعتر، إلى الإبن بشار الأسد في دمشق مخيم اليرموك بالقتل والتدمير والاعتقال القسري للفلسطينيين، وتدمير البنى التحتية باسم الممانعة والمقاومة ومناصرة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية” .
أما الكاتب والشاعر الفلسطيني أكرم عطوة فتحدث لجيرون بقوله ” في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني فإنه يمكنني أن أقول وبكل ألم وحرقة أن القليل القليل من يتضامن مع هذا الشعب المنكوب، ولا مع قضيته لا على المستوى العربي، ولا على المستوى الدولي. أما بما يخص نظام الاستبداد الأسدي في سورية. فلا يمكن أنْ ننسى نحن الفلسطينيون مواقفه وأعماله التي استهدفت شعبنا الفلسطيني وقضيته، وكيف ننسى مثلاً تعاونه مع النظام الأردني عام 1971 في مجازر أحراش جرش وعجلون. والحيلولة دون السماح لقوى المقاومة ولجيش التحرير الفلسطيني من الدفاع عن الفدائيين المحاصرين في تلك المنطقة، مما مكن جيش النظام الأردني من إبادة معظم أولئك الفدائيين الأبطال واستشهاد القائد أبو علي إياد. وبعد هذه المجازر تؤكّد العلاقة الحميمة التي نشأت بين النظامين السوري والأردني إلى حد التطابق في المواقف السياسية والاعلامية. أنّ النظام الأسدي في دمشق كان متوافقا مع النظام الأردني في تصفية المقاومة الفلسطينية في الأردن.” وأضاف عطوة ” كيف ننسى نحن الفلسطينيون ما فعله النظام الأسدي بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية في عام 1976. ومجازر تل الزعتر. كيف ننسى نحن الفلسطينيون ما فعله النظام حين ضيق الخناق على المخيمات الفلسطينية المتواجدة على الأرض اللبنانية. وتخاذله في الدفاع عن لبنان وعن بيروت، عندما اجتاحها الصهاينة في عام 1982 كيف ننسى نحن الفلسطينيون مجازر صبرا وشاتيلا. والتي لانشك في وجود دور مشبوه للنظام الأسدي في هذه المجازر مكملا للدوري الكتائبي والصهيوني. وإلا ما معنى أن يصبح قائد هذه العملية الإجرامية “إيلي حبيقة” الشخص الأقرب إلى النظام الأسدي، كيف ننسى نحن الفلسطينيون مأساة حرب المخيمات ودعم النظام الأسدي المباشر لحركة أمل لتنفيذ أسوأ حصار على المخيمات الفلسطينية في الضاحية.” وأردف قائلاً ” كيف ننسى نحن الفلسطينيون امتناع النظام الأسدي عن السماح لأي عمل مقاوم للوجود الصهيوني في الجولان السوري طيلة أربعين عام، كيف ننسى نحن الفلسطينيون ما قاله رامي مخلوف السارق الكبير للاقتصاد السوري في بداية الثورة السورية (أن استمرار وجود النظام الأسدي في سورية هو عامل استقرار لإسرائيل) وأخيرًا لن ننسى أن النظام قد قام بتدمير مخيم اليرموك في جنوب دمشق بصفته المخيم الذي كان رمزًا للكفاح المسلح الفلسطيني والذي قدم الكثير من الشهداء في مسيرة الثورة الفلسطينية التي انطلقت في بداية عام 1965، وكما فعل هذا النظام بالشعب السوري بمختلف مكوناته أيضًا تعرض الفلسطينيون للحصار وللتجويع وللقتل وللاعتقال والتعذيب والتهجير وللأسف فهو فعل ويفعل كل هذا من منطلق أنه ركن أساسي في محور المقاومة والممانعة، هذه الأكذوبة التي لم تعد تنطلي على أي عاقل”.
الكاتب الفلسطيني عبد الله أبو راشد أكد لجيرون أنه ” مجرد العودة ليوميات (حافظ الأسد) منذ التحاقه بالجيش السوري. والمعابر التي ساهمت في تأهيله وصناعته كأحد أبرز القادة العرب الممانعين، والذين اتخذوا من القضية الفلسطينية وشعبها المكلوم جسر مزاودة وعبور لتحقيق طموحات استملاك سورية كمزرعة وراثية له. تشي بحقيقة ظهوره المشبوه في أكثر من موقف ومرحلة. وما حصل للشعب الفلسطيني السوري عموما، وفي مخيم اليرموك منذ وجود ربيع البؤس العربي. يؤكد حقيقة الادوار المرسومة له ولأقرانه الزعماء العرب من المحيط للخليج. وغايتها تدمير القضية الفلسطينية وتهجير شعبها والغاء حق العودة. نصرة للمنافع الأميركية الصهيونية والحكام العرب العبيد.”
الكاتبة والشاعرة الدمشقية نائلة الامام قائلة ” أتساءل بكثير من الدهشة والاستغراب.. هل بقي فلسطيني على ظهر هذه البسيطة يجهل تاريخ إجرام نظام عصابة الأسد من الأب إلى وريثه غير الشرعي بحق هذه الأمة وبحق شعبين من أعرق وأعظم شعوبها عراقة وأصالة وبسالة؟!!!! الشعب الفلسطيني الصامد الذي كتب عليه أن يسام الخسف والغدر والقتل والتنكيل من هؤلاء الذين صدعوا رؤوسنا بجعجعة من دون طحن، وبشعارات العشق لفلسطين، والتصميم على فدائها بالروح والدم، وتحريرها حتى من أطلال مدننا المدمرة بصواريخ حلف المقاومة والممانعة وبوتين حليف نتنياهو ….. بماذا نذكر هؤلاء الأخوة الفلسطينيين الذين يحج بعض شعرائهم وأدبائهم الى قلعة العروبة الشامخة على أنقاض مدننا وقرانا، يقبع حاكمها العميل في جحره، وقد سلم مفاتيحها لبوتين حليف نتنياهو، وحثالة مليشيات نظام الملالي المتخلف؟! أنذكرهم بمن أنهى منظمة التحرير والمقاومة الفلسطينية في لبنان شارون العرب كما قال عرفات يحاصرنا من البر وشارون من البحر؟!! أنسترجع ذكرى مجازر تل الزعتر وجسر الباشا، حيث قضى ثلاثة آلاف شهيد فلسطيني بالطريقة ذاتها التي اتبعها بائع الجولان في مجزرة حماة، والفرق الوحيد في العدد حيث قضى في حماة 40000 ألف شهيد ظلمًا وافتراء وعدوانا …..وقد سارع رابين رئيس وزراء الكيان الصهيوني الى تأييد القاتل في الفتك بالإرهابيين، تمامًا كما يفعل نتنياهو وحليفه بوتين اليوم الذي تم الاستنجاد به على عجل ليحول دون سقوط سفاح الكيماوي حامي أمن اسرائيل ” وأضافت ” لقد أحصى أحد الباحثين الفلسطينيين عدد من قتلتهم اسرائيل في هجومها الوحشي على غزة فيما أسمته الحديد المسكوب فوجده أقل عددًا من الفلسطينيين الذين قتلهم نظام عصابة الوريث غير الشرعي، ناهيك عن من تم تعذيبهم حتى الموت والمفقودين الذين سقطوا أشلاء تحت أنقاض بيوتهم المدمرة في مخيمهم العامر الذي تم قلب أسافله أعاليه بحجة داعش التي تم نقلها بالباصات المكيفة لاستخدامها في استهداف صرح آخر، ومازال إعلام عصفورية الأسد يعيد على مسامعنا ما تهرأ من شعاراته وقد أسقطت هذه الثورة الفاضحة عن عاره أوراق التوت واسرائيل تطالب أن يرابط جيشه المقاوم بعد أن ينهي مهماته التعفيشية على حدودها، فوحده من تأمن له، ربَّته على الغالي تقصفه فينتظر الزمن المناسب الذي يأتي ولا يأتي وتصفعه على الأيسر فيقبل يدها ويدير لها الأيمن ويغمز لها بعينه وهو يردد للمغفلين الموت لإسرائيل، وتسأله عن الجولان فيشير الى اسكندرون هدفنا، أما الجولان فكان يا ما كان، باعها الأب مفروشة وطوبها الغلام، قد باتوا واعلامهم اضحوكة العصر ونكتة الزمان “.
أما الباحث السوري عمر العبيد فقال ” كعادة النظم الاستبدادية التي لا تملك شرعية، فهي تبحث دائما عن قضايا كبرى تدعي مساندتها وتغطي من خلالها على طبيعتها اللاشرعية وممارساتها القمعية وهو ما تميز به النظام السوري. وقد حرص النظام السوري دائماً على التمظهر بصورة الداعم والمساند للقضية الفلسطينية على المستوى الإعلامي وضمن المجتمع السوري، وهو ما ينسجم – نظرياً – مع موقف المجتمع السوري في موقفه الإيجابي تجاه القضية الفلسطينية ومساندتها ودعم الحق الفلسطيني باعتباره جزء من النسيج العربي وكقضية إنسانية أخلاقية. إلا أن الممارسات الحقيقية للنظام السوري لم تخرج عن إطار التوظيف والاستثمار بما يخدم استمرار هذا النظام على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، في حين لعب النظام السوري على تعزيز الانقسامات الفصائلية الفلسطينية وكشف الغطاء عن المقاومة الفلسطينية سياسيًا ولوجستياً في عدة مراحل لدرجة وصلت لحالة الاستهداف المباشر”. وأضاف العبيد ” لا تزال أحداث مخيم تل الزعتر حاضرة في الوجدان الفلسطيني والوجدان العربي والانساني. واليوم نجد في المعتقلات السورية من الأخوة الفلسطينيين وما يتعرضون له من أعمال بطش وتعذيب كما السوريين وبتجربتي الشخصية في الاعتقال عام 2013-2014 لا أزال أذكر (أبو صالح) ذلك الرجل الخمسيني الذي كان قد مر على اعتقاله 29 تسع وعشرون عاماً تنقل خلالها بين سجني تدمر وصيدنايا سيئي الصيت قبل أن ينتهي مقامه في سجن عدرا المركزي. وهذه الشخصية الفلسطينية تختزل طريقة تعامل النظام السوري مع الفلسطينيين”.
ولسوف يزداد انكشاف النظام السوري المجرم يومًا بعد يوم، بما فعله من أجل (الممانعة) و(تحرير فلسطين)، التي أطنب آذاننا بها، وهو يفعل العكس مع شريكته إيران ومدللها حزب الله.
المصدر: جيرون