يقول الدكتور خضر زكريا “أعتقد أن الشعوب العربية أصيبت بالإحباط نتيجة لما بدا أنه فشل ثورات الربيع العربي. وحتى في تلك البلدان التي عرفت تقدمًا واضحًا من حيث طابع النظام السياسي (تونس مثلًا)، فإن الأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها الشعب، سببت أنواعًا من اليأس والإحباط.”
سبع سنوات متواصلة ومازالت ثورة الشعب السوري تُحارَب في كل مكان، وتعيش حالات الخذلان من الجميع، والقتل البراميلي والكيماوي نازل فوق رؤوس المدنيين في كل الجغرافيا السورية، بينما يقف الشارع العربي برمته فاغرًا فاه، وكأن الشعب السوري المقهور لا يعنيه في شيء، مما يشكل حالة ألم وإحباط كبيرين لدى شعبنا السوري. وهو ما يدفع الباحثين للتفكير في هذه الظاهرة الغريبة، لأن الشعب السوري لم يدخر جهدًا في الوقوف إلى جانب معظم، إن لم يكن كل الشعوب العربية، في كل مفاصلها التاريخية ومنعرجاتها، وآلامها وأزماتها.
جيرون حملت هذه القضية وطرحتها على بعض الباحثين السوريين والعرب وسألتهم لماذا كل هذا العزوف أو الخذلان من قبل شعوب الأمة، وليس حكامها، الذين لا أمل فيهم كما ندرك؟ ومن ثم هل من أمل في إعادة استنهاض حقيقية للشعوب العربية نصرة للشعوب المظلومة ومنها الشعب السوري؟
خضر زكريا الباحث السوري وأستاذ علم الاجتماع في جامعات الدوحة قال لجيرون” أعتقد أن الشعوب العربية أصيبت بالإحباط نتيجة لما بدا أنه فشل ثورات الربيع العربي. وحتى في تلك البلدان التي عرفت تقدمًا واضحًا من حيث طابع النظام السياسي (تونس مثلًا)، فإن الأوضاع المعيشية السيئة التي يعاني منها الشعب، سببت أنواعًا من اليأس والإحباط. النظام العالمي السائد، وكذلك القوى الإقليمية ذات النفوذ الأقوى، لا تريد لثورة شعبية أن تنتصر. ولذا تعمل، بكل الوسائل، على إفشال تلك الثورات، ولا تهتم بالقتل والتدمير والتهجير التي تمارسها
السلطات المستبدة الفاسدة، وعلى رأسها نظام الأسد. ناهيك عن غيره من الإرهابيين الذين دخلوا على خط الثورة باسم الإسلام، وارتكبوا الفظائع التي نشرها وضخمها كل من كان همه هزيمة الثوار الحقيقيين” ثم تابع يقول ” عليّ أن أقول أيضًا، إن الشعوب العربية، في ظروف النظام العالمي الحالي، وفي ظروف سيطرة الإعلام ووسائل التواصل العالمية، صارت أقل حساسية تجاه القضايا المصيرية الكبرى بوجه عام. لكنني واثق من أن شعوب العالم كله، بما فيها الشعوب العربية، ستنتفض، عاجلًا أو آجلًا، ضد هذا النظام العالمي، وترفع راية الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية عاليًا”.
كفاح كيال رئيسة ملتقى العروبة في فلسطين قالت لجيرون ” من فلسطين نبرق تحية الثورة والألم والجرح الواحد المشترك الذي يجمع جماهير وأحرار وحرائر الأمة العربية، وكذلك الشعوب الأخرى التي تقاتل الظلم والاستبداد والعدوان لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، إن الثورة السورية التي انطلقت منذ سبع سنوات، والمستمرة رغم عمق جراحها ومعركتها العالمية التي فرضت على الشعب السوري البطل من خلال عمالة النظام الأسدي السوري، الذي استجلب الأجنبي ليستقوي على شعبنا، ستنتصر حتمًا طال الزمن أم قصر، وهي رافعة كرامة وتحرير للأمة العربية جمعاء، ولكل أحرار العالم. إن الموقف العربي الرسمي أو الشعبي غير مبرر، فهو يصب في خانة التواطؤ مع النظام الأسدي، والعدوان الأجنبي ويشكل حالة من الخذلان لشعبنا العربي السوري، وبرأيي أن الحالة العربية عمومًا متردية بسبب عسف الأنظمة العربية من جهة، وغياب مشروع عربي ثوري، وانشغال الأحزاب العربية بالإصطفافات التي توفر لها نوعًا من الدعم والاستمرارية، على حساب الموقف المبدئي.” وتكلمت بكل صراحة قائلة ” الثورة السورية كانت مفرزة لكل الساحات العربية، ودماء السوريين والفلسطينيين أماطوا اللثام عن مكونات عربية شعبية وعلى رأسها الأحزاب. والأمة أمام امتحان قاسي وتاريخي، ويجب العمل على بناء رافعة عمل مركزية ثورية حقيقية تعمل في الميدان بعيدًا عن ديباجات المؤتمرات وفذلكات الفضائيات، رافعة تعلن موقفًا واضحًا ضد الاستبداد العربي بكافة نظمه وضد العدوانيات الأجنبية، وضد الأحزاب التي اصطفت مع الاستبداد والعدوان، ومحاكمة كل هؤلاء، والانطلاق نحو تحرير وطننا العربي الكبير وكنس العدوان الأجنبي عنه، وإسقاط كل الأنظمة العربية، ولا أستثني منها أحدًا، ومحاسبة كل من خان الدم السوري، وكل من تواطء مع النظام السوري العميل، أيًا كان موقعه وحيثما تواجد”.
الباحث السوري عصام المحاميد قال لجيرون “هناك خذلان، وهناك تقاعس، وهناك منطق اللامنطق، لأن ما جرى في سورية أدخل المنطقة في حيرة من أمرها، هل هي ثورة على الظلم؟ هل هي ثورة من أجل الحرية؟ أم أن هناك كثيرين صدقوا أن سورية هي محور مقاومة، ويجب مساندتها لتستمر في هذه المقاومة، والمتصدية للعدو الإسرائيلي، ثم بعد قليل نجح هذا النظام بأن يقول للعالم إن ما يجري على أرضه عبارة عن مجموعات إرهابية، تريد إقامة إمارات إسلامية، وكثير من الناس صدقوا هذا الادعاء، وكثير من الناس أيضًا من تمكن من القراءة الدقيقة لكذب هذا الادعاء، وهكذا جعلوا البلبلة تصل إلى (ليس فقط جيران سورية وأمتها العربية والكثير من الدول الإسلامية) بل انتشر هذا الكلام لدى شعوب العالم، شعوب أوروبا الحية”. ثم تابع يقول ” عندما ساهمت حكومة انكلترا في العدوان على العراق، خرجت في لندن مظاهرات مليونية، ولا يمكن لنا أن نقول إن شعوب أوروبا تخلت عن إنسانيتها، لكن شعوب أوروبا ضُللِت من قبلنا، ومن قبل حكوماتها، فالسياسة شيء والحقيقة يبدو أنها شيء آخر، هذه الحكومات في أوروبا تستحوذ على قرارها أميركا، وأميركا تستحوذ على قرارها الصهيونية العالمية والايباك، وهؤلاء جميعًا من مصلحتهم أن لا تظهر الحقيقة، وأن يستمر هذا الاقتتال، وشلال الدم، وأن تنتهي إحدى العقبات، أن تعود كما صرحوا مراراً، إن عليهم الخلاص من العراق وسورية، ثم كانت نصف الجائزة الكبرى وانتهوا من العراق، ويصرون على استمرار هذا الاقتتال بأدوات صنعوها هم كداعش وغيرها، بحيث أدخلونا في إرباك، وأدخلوا العالم معنا في عدم وضوح الرؤيا، لما يجري”. المحاميد أكد لنا قائلًا ” شعب قام من أجل الحرية والكرامة ومحاربة الفساد والاستبداد، حاولوا وصمه أنه عصابات إرهابية تريد إقامة دولة وإمارات إسلامية، ولن نخرج من هذا إلا عندما نلتقي على مقولة المواطنة والدولة المدنية الحديثة لكل مواطنيها، بكل انتماءاتهم الدينية والطائفية والشعوبية والقومية وغير ذلك، دولة يتساوى فيها جميع مواطنيها في الحقوق والواجبات، دولة مهمتها الأساسية حماية حرية الإنسان، نلتقي لنعمل على هذا الهدف بعد ذلك يمكن أن يكون أمر آخر، ثم مسيرة التاريخ أمامنا، وأوروبا التي اقتتلت عقود طويلة وضحت بالعشرات، وقتل منها عشرات الآلاف، والناس تنتخب من يحكمها وليس الكنيسة التي تسمي الحكام للأمم، عندها انطلقت أوروبا وتخلصت من أوزارها ووصلت إلى ما هي عليه اليوم، وهذا المخاض تخوضه الأمة العربية، وسنة التاريخ تقول، سوف تصل إلى هذه المرحلة التي سبقتها إليها أوروبا”.
المصدر: جيرون
Very interesting topic, appreciate it for putting up.Expand blog