أحمد مظهر سعدو
يقول نشطاء معارضون في دمشق وريفها إن ” الشعارات المناهضة للنظام والمطالبة برحيل الأسد عادت لتظهر مجددًا في مدينة قدسيا/ ريف دمشق منذ سبعة أشهر وحتى الآن؛ حيث ظهرت الكتابات على عدد من جدران الأبنية الحكومية والمدارس، لتعود وتتجدد قبل يومين وسط حالة من التوتر الأمني الكبير”.
وذكر موقع (صوت العاصمة) الإخباري المعارض أن صورة الأسد الكبيرة، الموجودة في ساحة مدينة قدسيا، تم تمزيقها، وشوهت بطلاء أبيض، وعادت عبارات (الشعب يريد إسقاط النظام، وارحل، وحرية للأبد) للظهور مجددًا على جدران البلدة في عدة أحياء.
وهذا ما يدعونا اليوم للتساؤل ومع نخبة من السياسيين والنشطاء من ريف دمشق لنقول: هل يمكن أن تعود الثورة السورية إلى أيامها الأولى؟ ولماذا قدسيا بالذات؟ وهل يمكن أن نشهد تصعيدًا في ريف دمشق مرة أخرى؟
الشيخ سمير صالح ابن قدسيا قال ” إذا اتفقنا على أن الثورة فكرة وإن الفكرة لا تموت، نستطيع عندها أن نقول إن استعمال القوة الغاشمة لإخراس الأفواه التي صدحت بنداء الحرية، يمكن أن يسكتها عن الكلام لفترة، لكنه لن يغير الحقيقة الكامنة في الصدور، والحقيقة هي إن هذا الإنسان الاجتماعي بطبعه، والذي يكره العنف والدم، والذي يعشق بفطرته الحرية، ويتطلع لأن يختار حكومته بنفسه، وأن يحاسبها على أخطائها بنفسه، أن يصفق لها ويعيد انتخابها بنفسه، حينما تكون صادقة الوعد، تحترم الانسان وانسانيته، وتعمل على خدمة الوطن والرقي بالمواطن، وهنا نقول إن مدينة (قدسيا) هي جزء من هذا الوطن الذي تم إحراقه بنيران الحقد، المنطلقة من طائرات الغدر، ومدافع دبابات كنا نظنها قد أُعدت لقتال عدو لئيم، ولكن للأسف كم من شاب قتل، وكم من مسجد أُحرق، أو هدم وكم من رجل سجن وكم من أسرة شرد أبناؤها، كل هذا وغيره يجعل النيران التي تثور في الصدور تظهر بين الفينة والأخرى على الأرض، وعلى جدران المنازل، تقول للجلاد ارحل فقد حولت بلادنا جحيمًا، ارحل أيها القاتل المأجور أنت تعيش في النعيم بينما نحن نتمنى الموت لنلحق بأحبتنا الذين قتلتهم، لنرتاح من ظلمك يا عميل الاستعمار وأجير روسيا وايران، يامن دفعت الوطن وأبنائه ثمنًا لهذا الكرسي الزائل”. ثم أضاف صالح ” أنا على يقين بأن الثورة لم تمت لذلك لن استغرب من عودتها إلى الحياة، الثورة قائمة ومستمرة بل نحن نشهد اليوم ثورة حقيقية من المؤيدين للنظام، والذين أيقنوا بأن النظام قد باعهم كما باع البلاد كلها، نعم الثورة ستعود إلى واجهة الأحداث، متحدية الحرب المضادة التي شنها أعداء الثورات في الوطن العربي، للقضاء على أحلام الشعوب، وبدعم دولي كبير، ليس بالضرورة أن تظهر الثورة بذات صورتها السابقة، بل ستظهر أكثر رشدًا وأعمق خبرة، وأشد تأثيرًا، وستحقق أهدافها العظيمة في نيل الحرية والكرامة ومحاسبة الطغاة، ولن يطول العهد حتى نرى ذلك اليوم إن شاء الله بعز عزيز وذل ذليل، كل قلب حر في سورية والمنطقة يردد قول أمير المؤمنين العادل عمر بن الخطاب (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارًا) .”
أما السيد عزت الشيخ سعيد معارض سوري عروبي من عربين فقال :” شاركت قدسيا كبقية المدن السورية في الثورة ضد نظام القتل والفساد وقدمت كغيرها قافلة من الشهداء والمعتقلين وعانت كما غيرها أيضا من سياسة الحصار والتجويع بغية إركاعها بعد أن فشلت سياسة القصف الهمجي وكانت النتيجة عبر ما عرف بلجان المصالحة أن أعاد النظام بسط سيطرته عليها وتهجير ثلاثة آلاف من أبنائها إلى الشمال المحرر مع وعود قطعها على نفسه بعدد المساس بمن تبقى من شبابها لكنه نظام العمالة والإجرام حث بوعده فأعتقد من اعتقل وساق من ساق إلى الخدمة العسكرية لا يمكن لقيا أن تنسى أو تتناسى دماء الشهداء وعذابات المعتقلين فكان ذلك التعبير عن استعادة الثورة في أيامها الأولى في الكتابة على الجدران تلك الشعارات التي لن ننساها في المطالبة بالحرية وإسقاط النظام مع تمزيق صور طاغية الشام لا ننكر أن الموجة الأولى من ثورات الربيع العربي تم احتوائها بطرق مختلفة لكنها ليست الخاتمة ستعود الموجة الثانية بطرق جديدة أيضا طالما أن الأسباب التي أدت إلى الثورات مازال قائمة الثورات لا تفشل ولا تتوقف حتى تصل إلى ما قامت من أجله ولا ننكر أن الثورات قامت بفعل كبير فينا جميعا أثرت في الجميع وكشفت الكثير ومن ضمن ما كشفت حالة الترهل والعجز الذي تعاني منه النخب العربية ثورات الربيع العربي شي جديد في التاريخ وفي حركة الشعوب ولذلك يخطئ من يقيم عليها الحد القيمي التاريخ لم يقل كلمته بعد والطريق طويل وبكل تأكيد بالغ الصعوبة أنها أشبه بالتحول التاريخي المضني والذي سيعقبه نور فجر الحرية أنها الأنوار التي ستلهمنا وتلهم الأجيال القادمة آليات بناء الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية”.
محمد الكحيل أحد ناشطي قدسيا فله رأي آخر فيما جرى في قدسيا إذ يقول لجيرون “
الفكرة أن كثير من الشباب يطمح للتغيير، وما زال يؤمن بذلك، لكن من خلال حديثي معهم أخبروني أن العمل في ظل هذه الظروف الحالية محرقه لهم، ومعظمهم ينتظر أجواءً أفضل كي لا يستثمر عملهم من قبل الغير، وأنا أن الأمر مازال في بداياته ويحتاج الوقت، على الرغم من وجود الكثير من الشباب الثائر الذي عمل بصمت طيلة السنوات السابقة”.
الناشطة رحاب حسون من دوما قالت لجيرون ” في إحدى مدارس الغوطة وبعد المصالحة تقدمت تلميذة من معلمتها لتقول لها أنا أكره بشار الأسد هو الذي قتل أبي وأخي، وفي درعا كتب مجموعة من الناس على الجدران شعارات مماثلة لما كُتبَ في قدسيا. فعن أي مصالحة يتحدثون!؟ ما جرى من قتل وتهجير واعتقال وتدمير وتشريد كفيل باشتعال ألف ثورة وثورة، أضف إلى ذلك إذلال المواطنين في تأمين احتياجاتهم كالغاز والخبز ووسائل التدفئة، والخوف الملازم للسوريين من الاحتكاك بأي مؤسسة من مؤسسات الدولة، وحالة الغرور والعجرفة التي يمارسها أتباع النظام وشبيحته، كل هذا يجعل الأرضية خصبة لثورة جديدة تخلق مجتمعًا جديدًا بعد كل الدم الذي سال”.
أحمد معتوق ناشط معروف من وادي بردى قال لجيرون ” لا شك أن شعبنا السوري نبع من الثوار لا ينضب أبدًا ولن يسكت على الظالم، ولن ينحني له، وسينهض في كل لحظة، ليجدد ثورته ولينتزع من المغتصب والمحتل حقه وحريته، وإن دمشق وريفها وغوطتيها، هم جناحي دمشق، وستحلق بهم لتصبح طائرة حديثة محدثة، وتُطهر أرضها من عصابة الأسد ومن دعمه”.
أما حمزة الحجة ناشط من دوما أكد لجيرون أن ” الثورة هي فكرة وأمل بالتغيير نحو الأفضل، والقضاء على الاستبداد، وتحقيق الرفاه والسعادة لجميع أفراد وفئات الشعب، ولذلك الثورة مستمرة، وما تلك الثورة التي ظهرت على السطح، إلا تعبير عن تراكمات ثورية وخطوة إلى تحقيق أهداف الشعب، بالحرية والرفاه، ولا أحد يستطيع أن يوقف المسير نحو تحقيق هذه الأهداف والنضال”. لكنه أشار إلى أن ” الثورة ستأخذ أشكالًا وطرقًا أخرى بالنضال من أجل الوصول للأهداف في الحرية والكرامة، وما هذه التحركات إلا أحد هذه الأشكال، والشعب دائمًا هو المبتكر للأساليب والطرق، وأخيرًا الثورة ليست مظاهرات وعمل مسلح فقط، وإنما هناك دائمًا ابتكارات وطرق جديدة، سيقوم بها الشعب لتحقيق أهدافه في الحرية والكرامة، ولن تبقى في قدسيا فقط، وإنما ستمتد لباقي المدن السورية “.
الكاتب والناشط مأمون خليفة أكد لجيرون أن ” ثورة الشعب السوري على الرغم من الانتكاسات الخطيرة التي أصابتها لأسباب مختلفة لا مجال لذكرها هنا. إلا أنها ثورة محقة شاملة وعميقة الجذور بوجدان الإنسان السوري التواق لاستعادة حريته وكرامته واستعادة وطنه. وكلي ثقة أن الموجة الثانية لثورة السوريين آتية ومستمرة لغاية تحقيق أهدافها وإن بأساليب ووسائل مختلفة أخرى.”
المصدر: جيرون