محمد خليفة
6ابريل 2019 يوم آخر من أيام العز والعنفوان في السودان، خرج الشعب فيه الى الساحات العامة ليسمع صوته الى حاكم طاغوتي أصم أذنيه عن أصوات العقل والضمير والحكمة، بل والسياسة، ولم يستمع إلا لصوته وخطبه العجفاء الجوفاء التي يحشوها بالآيات القرآنية تعزيزا لمصداقيته المفقودة.
دعت قيادة الانتفاضة ممثلة بالمهنيين الشعب للتحرك في هذا اليوم الأغر إحياء للأمثولة التاريخية التي قام بها الشعب والجيش عام 1985 لعزل جعفر النميري، فاستجاب الشعب يوم أمس، وزحف بمئات الآلاف الى مخبأ الطاغية، ومقر قيادة الجيش مطالبا بعزله ورفع الحماية عنه. وقد وصلت الرسالة لمن يعنيهم الأمر، فوقف الجيش على مسافة واحدة بين الشعب والحاكم وسمح للمحتجين بدخول مقر قيادته واقتحام مخبأ الطاغية. وقدم عدد من الضباط الاحرار والشبان مذكرة الى قيادتهم يدعونها لحسم الموقف وعزل البشير كما فعل الجنرال عبد الرحمن سوار الذهب قبل 34 سنة.
البشير يتخبط ويدرك مصيره في الرئاسة، ويدرك ما ينتظره بعد خروجه منها، جزاء ما اقترفته يداه بحق السودان والسودانيين من جرائم وتخريب وفساد باسم الاسلام الاخواني المحرف والمنحرف عن الشرع والخلق. الحصار يضيق والخناق يشتد ويبحث في اللحظات الأخيرة عن ملاذ آمن يحتمي به من يد العدالة ويتوسل القاهرة مرة والرياض مرة بعد أن أوصدت الدول الكبرى أبوابها دونه.
ومما لا شك فيه ولا ريب هو أن طاغوتا آخر من طواغيت العالم العربي قد سقط وانتهى، وأن شعبا عربيا عظيما آخر قد أمسك بمصيره وبدأ يستعيد حريته. وبهذه المناسبة نصرخ بأعلى أصواتنا من كل العواصم العربية، عاش الشعب السوداني العربي العظيم، والتحية لثورته وجماهيره، وليسقط الطغيان والطغاة جميعا.
ولا ننسى التعبير عن تضامننا الاخوي مع رفاقنا وزملائنا واخوتنا في السودان الذين اصيبوا جراء القمع واستعمال الغازات الخانقة من أجهزة شرطة النظام واستخباراته، ونحيي الجيش وضباطه الاحرار ونطالبهم بحسم الموقف وتطبيق القانون الجنائي على الفار من وجه العدالة المدعو عمر البشير، وتسليمه للقضاء لينال جزاءه العادل كمجرم جنائي وقاتل وخائن سياسي لبلاده.