هبة محمد
في دلالة على تماسك التنسيق بين أبرز الفاعلين الدوليين والإقليميين في الملف السوري تجاه ملف إدلب شمال غربي سوريا، تظهر محاولات موسكو في إنهاء الوضع المتأزم هناك بما يرضي حليفها التركي، حيث تبدو التصريحات الصادرة عن الخارجية الروسية بمثابة اعلان خارطة طريق بخطوطها العريضة، لتعاون سيكون عنوان المرحلة المقبلة، وسط قناعة واضحة على وجود تباينات بين الحليفين.
وأظهر نائب وزير الخارجية الروسي، أوليغ سيرومولوتوف حرصه على التعاون مع الجانب التركي بشأن تسوية الأزمة في إدلب، وقال، في مقابلة مع وكالة سبوتنيك الروسية «تخضع عملية إدارة الوضع في إدلب للمذكرة الروسية التركية المؤرخة في 17 أيلول/ سبتمبر 2018، والتي ينبغي أن يؤدي تنفيذها إلى القضاء على الوجود الإرهابي هناك. وبناء على هذا، تمتنع القوات المسلحة السورية عن تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد الإرهاب في المنطقة».
وأشار سيرومولوتوف إلى التعاون الروسي التركي في إدلب، قائلاً: «سنواصل تعاوننا النشط مع أنقرة في إطار هذه المذكرة بشأن تسوية الأزمة في إدلب».
ويبدو اتفاق سوتشي الروسي التركي، حول ادلب برأي الباحث والمستشار السياسي د.باسل الحاج جاسم اليوم متماسكاً أكثر من أي وقت مضى، و الواضح «أنه لا يوجد استعجال في تنفيذه كاملاً دفعة واحدة لا من جانب موسكو ولا من جانب انقرة، والعمل جارٍ بشكل تدريجي، وهذا ما كشفت عنه بعض التصريحات المتعلقة بالدوريات المشتركة الروسية التركية والمقررة في أيار/مايو المقبل».
وأوضح الخبير في العلاقات الدولية لـ «القدس العربي» أن كلاً من روسيا وتركيا في حاجة للسلام في المنطقة بالإضافة للشق الاقتصادي وقطاع الطاقة وهو ما يشكل أساساً للتعاون أكثر بين البلدين، واستمرار المعارك يعني المزيد من الخسائر بين القوات الروسية وانتشار التطرف والانفصالية في المنطقة.
وامام المعطيات، يصعب القول حتى الآن أن إدلب قد تجاوزت مرحلة الخطر، حسب الحاج جاسم، وذلك «لوجود مجموعات على قوائم الإرهاب منتشرة فيها».
وأضاف، أن التعامل مع هذه المجموعات الجهادية سيأخذ طابعا أمنياً استخباراتياً بحتاً مع ضربات وأعمال عسكرية محدودة ومنظمة ومدروسة، فلا أحد يريد مزيداً من موجات اللجوء، كما أنه لا أحد ايضاً يقدر اليوم على تحمل تداعيات أي كارثة إنسانية جديدة قد تحدث مع وجود قرابة خمسة ملايين مدني في إدلب ومحيطها، بالإضافة إلى ان روسيا لا تريد استفزاز الدول الأوروبية لا بموضوع موجات اللاجئين أو تسرب المتطرفين حاملي الجنسيات الأوروبية بتسربهم وعودتهم من جديد بلدانهم في حال شن اي عمل عسكري واسع و غير مدروس
والاهم من ذلك هو أن روسيا تريد إنهاء ملف إدلب ولكن ليس رغماً عن موقف تركيا وإنما برضى وتنسيق مع انقرة.
إيران اليوم حسب الحاج جاسم لاعب ثانوي في سوريا في ظل الاستهداف الإسرائيلي الدوري لمجموعاتها داخل الأراضي السورية، كما أنها أشبه بحليف صامت لروسيا، فطهران تستطيع التأثير في بعض مجريات الأمور، لكن لا يمكنها تغيير مسار الأحداث، ورأينا كيف تم استبعادها من قمة اسطنبول الرباعية حول سوريا وإدلب على وجه الخصوص، التي جمعت قادة روسيا وفرنسا وألمانيا وتركيا في اسطنبول وسيكون هناك قمة ثانية على المستوى نفسه قريباً».
ميدانياً تواصل قوات النظام السوري خرقها لاتفاق سوتشي، وتصعيدها في المناطق المشمولة بالاتفاق حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان استهداف قوات النظام بنحو 75 قذيفة صاروخية مناطق في بلدة التمانعة ومحيطها في ريف إدلب الجنوبي، دون وقوع خسائر بشرية.
كذلك تعرضت مناطق في بلدة مورك بريف حماة الشمالي ضمن المنطقة منزوعة السلاح، ومناطق أخرى في بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي لقصف من قبل قوات النظام.
وعلى صعيد الاشتباكات فقد دار فجر أمس اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وعناصر فصيل حراس الدين من جهة أخرى في محور وريدة في ريف حلب الجنوبي، إثر هجوم للأخير على مواقع قوات النظام في المنطقة، فيما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 301 مدني منذ تطبيق اتفاق «سوتشي».
المصدر: القدس العربي