سعيد عبد الرازق
قالت مصادر دبلوماسية تركية إن تصعيد النظام السوري وحلفائه الهجوم على إدلب يهدف إلى تمكين النظام من توسيع مناطق سيطرته، لافتة إلى أن تركيا تتعامل مع هذا التصعيد في إطار الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع الأطراف المختلفة بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب عبر محادثات آستانة وكذلك اتفاق سوتشي بشأن المنطقة العازلة منزوعة السلاح، الذي تم التوصل إليه مع روسيا.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن تركيا مستمرة في اتصالاتها مع موسكو وطهران من أجل الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار وخفض التصعيد، وأن الاتصالات الجارية مع موسكو مهمة نظراً إلى التنسيق القائم بشأن إدلب. وأشارت المصادر إلى أن اتصالات تدور على مستوى السياسيين والعسكريين وجهازي المخابرات مع روسيا بهدف وقف الهجمات وتسيير دوريات مشتركة في تل رفعت بعد الهجوم الذي نفذته «وحدات حماية الشعب» الكردية السبت الماضي وأدى إلى مقتل ضابط تركي وإصابة آخر، ومن أجل حماية الاتفاقات في إدلب.
وترى موسكو أن أنقرة لم تقم بدورها لتنفيذ التزامها بإخراج المجموعات الإرهابية وبخاصة «جبهة النصرة» من إدلب بموجب اتفاق سوتشي المعلن في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، أو فتح الطريقين «إم 5» و«إم 4» اللذين يربطان المدن التي تسيطر عليها الحكومة ويمتدان من الطرف الجنوبي لسوريا قرب الحدود مع الأردن إلى الحدود الشمالية مع تركيا.
واستهدفت الأيام القليلة الأولى من الهجوم بلدات في شمال حماة وجنوب محافظة إدلب داخل المنطقة العازلة التي تم الاتفاق عليها في سبتمبر بين روسيا وتركيا في إطار اتفاق سوتشي الذي أدى إلى تفادي شن هجوم ضخم على إدلب، آخر معقل رئيسي للمعارضة السورية.
وتقول روسيا وجيش النظام إنهما يردان على تصعيد لهجمات المتشددين على مناطق تسيطر عليها الحكومة، وتنفيان شن هجمات عشوائية. بينما قال مسعفون ورجال إنقاذ إن هذه الهجمات قتلت عشرات المدنيين في الأيام الأخيرة وأدت إلى تدمير ما لا يقل عن 5 مراكز طبية وإصابة الحياة اليومية بالشلل. وفي غضون هذا التصعيد، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمام اجتماع لمجلس الحوار المتوسطي مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أنقرة أمس، بحضور أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ أمس، إن بلاده بذلت جهوداً نجحت في إعادة الهدوء إلى إدلب ومنعت قتل مئات الآلاف من الأبرياء، وبذلك قطعت الطريق على موجة لجوء كبيرة كانت ستهز أوروبا. وانتقد إردوغان موقف أميركا وفرنسا الداعم لوحدات حماية الشعب الكردية، قائلاً إنه «لا يوجد مبرر لحلفائنا في دعم (تنظيم إرهابي) يقتل مواطنينا أو يستقبلون قادته».
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، إن عمليات بلاده ضد «الإرهابيين» في سوريا وأماكن أخرى ستتواصل في المرحلة المقبلة. وأكد تشيليك أن بلاده سترد بقوة على هجمات حزب العمال الكردستاني وأذرعه أياً كان مصدرها، منتقداً ما سماها «الجهات التي تتّبع ازدواجية المعايير في مسألة الإرهاب وتقدم الدعم للمنظمات الإرهابية»، التي لم تتعظ من الأحداث التي جرت في الماضي.
وأضاف تشيليك أن «الذين يدعمون منظمة إرهابية ضد أخرى (في إشارة إلى الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية في الحرب على داعش)، ليست لديهم شرعية أخلاقية وسياسية لمحاربة الإرهاب».
وقُتل 3 جنود أتراك، السبت، في هجوم لـ«العمال الكردستاني» من شمال العراق، استهدف قاعدة عسكرية تركية في ولاية هكاري الحدودية جنوب شرقي البلاد، كما أعلنت وزارة الدفاع التركية، مقتل ضابط وإصابة آخر في هجوم للوحدات الكردية من تل رفعت على عفرين.
وفي تطور لافت، وجّه زعيم حزب العمال الكردستاني السجين في تركيا مدى الحياة، عبد الله أوجلان، رسالة إلى تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي تشكل الوحدات الكردية عموده الفقري، يطلب فيها العمل على التوصل إلى حل سلمي بشأن الصراع في سوريا مع الأتراك.
وقال أوجلان، حسبما نقل محاميه أمس، إن «الحساسيات التركية في سوريا ينبغي أن توضع في الحسبان»، داعياً «قسد» إلى «السعي للحقوق في سوريا بعيداً عن الصراع».
وتَعتبر تركيا وحدات حماية الشعب امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه منظمة إرهابية.
المصدر: الشرق الأوسط