سعيد عبد الرازق
دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية جديدة إلى قواته المنتشرة على الحدود مع سوريا في الوقت الذي تشهد فيه منطقة خفض التصعيد في إدلب، استمراراً للعمليات من جانب قوات النظام السوري بدعم من روسيا.
وتضمنت التعزيزات العسكرية وحدات من القوات الخاصة انطلقت من عدد من المواقع العسكرية في أنحاء تركيا، ووصلت فجر أمس (الأحد) إلى قضاء كيريكهانه بولاية هطاي الواقعة على الحدود السورية في جنوب البلاد. وقالت مصادر عسكرية إن التعزيزات ستنتقل إلى وحدات الجيش التركي المنتشرة على الحدود مع سوريا.
وهذه هي المرة الثانية خلال أسبوعين التي يدفع فيها الجيش التركي بتعزيزات من القوات الخاصة إلى المناطق الحدودية مع سوريا، فضلاً عن التعزيزات التي أرسلها إلى نقاط المراقبة في إدلب بعد استهداف النظام لنقطة مراقبة في غرب حماة مرتين؛ الأولى في 4 مايو (أيار) الحالي ما أسفر عن إصابة جنديين، ثم في الثالث عشر من الشهر نفسه، دون وقوع إصابات.
وجاءت التعزيزات التركية على الحدود بعد يوم واحد من الاجتماع الأول لمجموعة العمل المشتركة التركية الروسية الذي عُقِد في العاصمة أنقرة يومي الخميس والجمعة الماضيين، لبحث الوضع في محافظة إدلب السورية والتصعيد الذي تشهده من جانب قوات النظام.
وصعّدت قوات النظام السوري وحلفاؤها، بدعم من روسيا، منذ مطلع مايو الحالي، وتيرة عملياتها العسكرية التي تستهدف مناطق «خفض التصعيد» في إدلب، التي أعلنت في منتصف سبتمبر (أيلول) 2017. باتفاق بين الدول الثلاث الضامنة لمسار آستانة (تركيا، وروسيا، وإيران).
وفي 17 سبتمبر (أيلول) 2018، أبرمت تركيا وروسيا، اتفاق «سوتشي»، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، وسحبت بموجبه المعارضة أسلحتها الثقيلة من المنطقة، لكن موسكو اتهمت تركيا بعدم الوفاء بالتزاماتها بإخراج الجماعات المتشددة من إدلب وفتح الطرق الدولية في جنوب المحافظة السورية.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في بيان أول من أمس، إن قوات النظام السوري تنتهك «اتفاق سوتشي» لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، وإن النظام لا يفي بوعوده رغم الاتفاق، وينتهك وقف إطلاق النار، وإن تصعيد العنف قد يؤدي إلى مأساة إنسانية. وأضاف أن «اتفاق سوتشي» يستلزم وقف إطلاق النار، وهذا ما نريده من الروس، وما تم التعبير عنه في اجتماع مجموعة العمل المشتركة في أنقرة.
وتواصل موسكو ممارسة ضغوط على أنقرة لبدء عملية في مناطق خاضعة للمعارضة، بعد فشل تركيا في دفع مسلحي المعارضة إلى الموافقة على وجود دوريات روسية وإخراج متشددين يستلهمون فكر «القاعدة»، في إشارة إلى «جبهة النصرة»، من المنطقة العازلة التي أنشأها الاتفاق التركي الروسي للفصل بين النظام والمعارضة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أكد مجدداً، الخميس، أن بلاده لن تسمح أبداً بإنشاء ما سماه بـ«ممر إرهابي» مجاور لحدودها في شمال سوريا، في إشارة إلى أنها لن تسمح ببقاء مقاتلي «وحدات الشعب» الكردية في المناطق القريبة من الحدود التركية – السورية.
وقال إردوغان: «لن نترك مستقبل إخواننا الأكراد والعرب والتركمان السوريين تحت رحمة الأطماع الاستعمارية الجديدة»، مشيراً إلى أن تركيا ألحقت خسائر كبيرة بالإرهابيين، منذ أن بدأت عملياتها ضد الإرهاب بشكل متواصل، وأنزلت ضربات موجعة بتنظيم «داعش» الإرهابي، وامتدادات «حزب العمال الكردستاني» في سوريا (في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية)، وطهرت مساحة تقدر بأكثر من 4 آلاف كيلومتر مربع من «الإرهاب». وهدد إردوغان أكثر من مرة بقيام القوات التركية بعملية عسكرية واسعة «بين عشية وضحاها»، تشمل مناطق سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية في منبج وشرق الفرات. وحشد الجيش التركي أعداداً ضخمة من قواته على الحدود مع سوريا، معلناً اتخاذ جميع الاستعدادات للعملية العسكرية.
وعقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، انسحاب القوات الأميركية من سوريا، أعلنت أنقرة تأجيل خططها لعملية «شرق الفرات»، على ضوء اقتراح ترمب بإقامة منطقة آمنة فيها، وبادرت تركيا إلى إعلان أنها ستكون لها السيطرة عليها، إلا أن ما رشح عن خطة الولايات المتحدة حتى الآن يشير إلى رغبة واشنطن في أن تكون السيطرة على تلك المنطقة لقوات أوروبية من الدول المشاركة في التحالف الدولي للحرب على «داعش»، وهو ما ترفضه تركيا.
كما تتهم أنقرة، واشنطن، بالتباطؤ في تنفيذ اتفاق خريطة الطريق في منبج، الموقع بين الجانبين في 4 يونيو (حزيران) 2018، الذي يستهدف إخراج الوحدات الكردية من المدينة (في مدى زمني كان مقرراً أن يكون 90 يوماً).
المصدر: الشرق الاوسط