ابتسام الصمادي
لا بدّ بعد الحرب أن يأتي أحد
ليعدّ قتلانا ويُحصي دمعنا
فيما تبقى من بلد
ليوثّق الأرض الخراب وما
تناثر واندثر
ويبُثّ تكلفة السكوت عن المظالم والقهر
————————
بعد انتهاء الحرب نحتاج الكثير
نحتاج أن مثلاً نُرممَ ظِلّنا
ونُعيد للطيّون فوحته ولليمون نكهته وللنعناع رقته
وللإصباح صحوته وللعشب الندى
نحتاج أن نرفو المدى
ونُعيد طعم الملح ،أو لون الدفاتر ،أوبياض الياسمين
نحتاج شاشاً للحنين
————————
لا بدّ أن نطوي شروق الشمس فوق الهدمِ
حتّى يخجل الآتون والزوار من صمتٍ مُريبٍ
أو ضميرٍ إن بقيْ
لا بدّ من أن نشطفَ الطرقات
من دمهم ومن دمنا النقي
لن تقبل الأرضُ الأصيل مع الدخيلِ
ستلفظ البذر الحرام
من طبعها إن عاجلاً أم آجلاً أرض الشآم
—————————
لا بد من أن نسجن الغاوين في أشعارهم
نُحصي رصاص الغدر من افكارهم
نُلغي ملف الحقد من أعمارهم
ونُنقّح الزّنَّ الذي
أسمونه فناً عظيماً حين مجّدَ زيفهم
عبر السنين.
ونزجّ أفاقينهم في مكتبات العلم ِ
والتاريخ كي يتأدبوا
يتعلموا معنى الحضارة والفنون
————————
بعد انتهاء الحرب يلزمنا الكثير
أن نفرِدَ الغيم النقيّ شراشفاً لنسائنا
يغسلنها بعد الولادة، أمهات ُالقاتلين المجرماتْ
حتى يُقاربن المخاض وكيف تنبلج الحياةْ،
يفصلن ما بين الرضاعة والوضاعةِ من حُماةٍ أو طُغاةْ
لا بدّ من رفّاعةٍ
تُعلي بهنّ الى أواخر نقطة عند السماء
حتى ينظّفنَ الهواءَ..وما تلطّخ من نجوم بالدماء
—————————-
لا بدّ من عملٍ لمن
يدعونهم “علماء دين“
لينظّفوا كلّ الحظائر في مآسي قهرنا
ويلملموا روث السنين
من خلف خيل الفُرْس والأغراب والأنجاس والمتطاولين
—————————-
لا بدّ من ماء غزير
دفقٍ يُزيل غشاوة الرؤيا
عن الوعي المزيف والضمير
لا بد من جهد كبير
من غرفة سوداء مثل قلوبهم
لنُحمّضَ الصور التي قلبوا بمنطقها الكثير:
قلبوا العِواء إلى زئير
والسيد الأرقى إلى عبد أجير
والحرّ في أعلى الفضاء إلى أسير
وابن الحقير إلى أمير
————————
لن نقطع الماء ولا عنهم… هواءً أو طعام
سنُباشر السُقيا ليكفينا معاً
قمح ودفء والتِئام
أمّا البرابرة الجدد
صُنّاعُ برميل الحقد
قوّاد أسوار الحدود
همج التصدي والصمود
تُجّار كيماوي الهواء
سرّاق أقبية الضمائر والشقاء
هُدّام أبنية العباد
قُتّالُ أطفال البلاد
نُشّافُ دمع الأمهات
هُتّاك أعراض البنات
الممانعون الثائرون..على الأعادي والأعارب
المحافظون على دوام حقوقهم بالردّ في الوقت المناسب
المُزَوِّرون المُزَوَّرون
لو بعد آلاف السنين
سيُحاكَمونَ ..يُحاكَمونْ
—————————
أما عن الكون اللئيم بل اللعينْ
سنسدُّ بابك يا وطن
وعليه نكتب لوحةً : عُذراً… لكل القادمين
ونسير فوق أديمها
حُفاً… نُخففُ وطأنا
عن جرحها المفتوح من غدر السنين
وسنختلي مع روحنا
حتى يجفّ الدمع أو تشفى حروق الياسمين
*****