دعا عشرات الأطباء البارزين في العالم إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف حملة القصف التي تقوم بها الطائرات السورية والروسية، والتي استهدفت أكثر من 20 مستشفى في شمال غربي سوريا، ما أدى إلى خروج كثير منها عن العمل، وترك ملايين الأشخاص دون رعاية صحية مناسبة. جاء ذلك في رسالة نشرها الأطباء في صحيفة «الأوبزيرفر» البريطانية (العدد الأسبوعي لصحيفة «الغارديان»).
وذكرت الرسالة بأن الأمم المتحدة شاركت إحداثيات مواقع المستشفيات مع النظام وداعميه الروس في محاولة لحماية المدنيين، ووعدت المعارضة السورية بأن الطائرات الحربية ستتجنب المواقع التي تم تحديدها في غارات القصف؛ لكن بدلاً من ذلك، استهدفت الهجمات الشرسة تلك المواقع تحديداً منذ أكثر من شهر. ونوّهت صحيفة «الأوبزيرفر» أنه منذ أبريل (نيسان) الماضي، تشنّ غارات جوية منتظمة على إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، في تحدٍ واضح لهدنة خفض التصعيد، التي اتفقت عليها موسكو وأنقرة العام الماضي. وذكرت الرسالة بأن الغارات أدّت إلى مقتل مئات المدنيين، وتشريد مئات الآلاف، ودمرت أجزاء أساسية من نظام الرعاية الصحية في تلك المناطق.
وعبّر الموقّعون على الرسالة من أطباء حول العالم، بارزين في مجالاتهم، عن «شعورهم بالفزع من الاستهداف المتعمد والمنهجي لمرافق الرعاية الصحية، والطاقم الطبي، الذي وظيفته هي إنقاذ الأرواح، ولا يجب أن يفقد حياته في العملية (الحربية)».
وتقول جماعات حقوقية إنه منذ أواخر أبريل، أسفرت غارات جوية منتظمة على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة في شمال محافظة إدلب عن مقتل مئات المدنيين وتشريد مئات الآلاف.
يشار إلى أنه من بين الموقعين على الرسالة، الأطباء، دينيس موكويج، طبيب أمراض النساء الذي فاز بجائزة نوبل للسلام العام الماضي، بيتر كونك، الفائز بجائزة نوبل في الكيمياء عام 2003، والنائبة والطبيبة سارة ولاستون، وتيرينس إنجليش، الرئيسة السابقة للكلية الملكية للجراحين، وكذلك ديفيد نوت، الجراح الذي يعمل في مناطق الحرب، وزاهر سحلول، وهو طبيب منفي سوري ومؤسس لجمعية خيرية طبية. حثّوا جميعهم الأمم المتحدة على التحقيق في استهداف المستشفيات المدرجة في القائمة، وطالبوا المجتمع الدولي بالضغط على روسيا وسوريا للتوقف عن استهداف المراكز الطبية، وعكس تخفيضات التمويل للمستشفيات والعيادات الباقية على قيد الحياة، التي يغمرها اللاجئون الآن.
طبيب الأطفال السوري، عبد القادر رزوق، وصف لصحيفة «الأوبزيرفر» كيف أفرغ هو وزملاؤه مستشفى بكاملها، بمن في ذلك مرضى غسيل الكلى والأمهات في المخاض والخدج في الحاضنات، بعد أن بدأت الغارات الجوية على بلدتهم، على بعد 12 ميلاً على الأقل من خط المواجهة. وقال في مقابلة عبر الهاتف حول مستشفى تارمالا، الذي ضرب في نهاية المطاف في 10 مايو (أيار): «بعد الغارات الجوية، ولكن قبل الهجوم المباشر، علمنا أن المستشفى سيتم استهدافه». وتابع: «لم يبق سوى عدد قليل من الطاقم الطبي لتقديم الاستجابة للطوارئ».
وقد دمرت الغارة الجوية أكثر من نصف المستشفى وكثيراً من معداتها من الأسرّة والمولدات، إلى غرف العمليات وخدمات الطوارئ والصيدلية. وعاد الموظفون لفترة وجيزة للبحث في الأنقاض عن أي إمدادات نجت من الهجوم، ولكن المبنى مهجور الآن. وأضاف رزوق: «سيكون من المستحيل إعادة بنائه وإعادة افتتاحه الآن… الغارات الجوية مستمرة، ولا تزال تستهدف المستشفى حتى هذه اللحظة، على الرغم من أنه فارغ».
المصدر: الشرق الأوسط