هبة محمد
تحتدم المواجهات بين قوات النظام السوري والميليشيات المحلية والأجنبية المساندة لها، من جهة، والفصائل المعارضة المسلحة المنتشرة في أرياف إدلب وحماة، من جهة ثانية، ما ينذر بانزلاق الموقف العسكري في مناطق شمال غربي سوريا، نحو الأسوأ، في ظل مساعدة حلفاء النظام الروسي جواً، والميليشيات الإيرانية براً، لإخضاع المنطقة والتوغل فيها.
ومنذ بداية المعارك في ريف حماة الشمالي كانت الميليشيات الإيرانية ذات الارتباط بحزب الله اللبناني مشتركة بطيران الاستطلاع، وموجودة ضمن النسق الثاني تمهيداً لزجها بالمعركة في حال الحاجة إليها. وبعد ظهور ضعف القوات المهاجمة التابعة للنظام، طلب استقدام مجموعات من الميليشيات الإيرانية المنتشرة في دير الزور، حيث تم تحشيد قسم منهم باتجاه محور الساحل، وقسم آخر على محاور حماة، اذ شاركوا في المعارك تلبية لرغبة ايران في نسف اتفاق التهدئة الذي همشها، واثباتاً على قدرة اذرعها الميدانية على الأرض، في تأجيج الوضع العسكري في حال تزايد الضغوط الدولية والإقليمية عليها.
دوافع إيرانية
الباحث السياسي لدى مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، ايمن الدسوقي قال ان الميليشيات الموالية لإيران ساهمت في العمليات العسكرية في ريف حماة الشمالي منذ بداية انطلاق المعارك، في الوقت الذي نفى فيه العديد من المحللين إلى جانب المسؤولين الإيرانيين أي مشاركة إيرانية في هذه العمليات، حيث أفادت مصادر مطلعة باتخاذ حزب الله قرار المشاركة ونقل جزءاً من قواته إلى ريف حماة الشمالي، كذلك تعبئة مجموعات عدة من المقاومة الإسلامية «الميليشيات الشيعية السورية العاملة مع حزب الله في سوريا» ونقلها إلى منطقة العمليات.
مؤكدا لـ «القدس العربي» مشاركة الميليشيات الشيعية كلواء أبو الفضل ولواء الإمام الحسين العاملين ضمن تشكيلات عسكرية رسمية كالفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، علاوة على ما سبق، حيث أفادت مصادر ميدانية بتحليق طائرات من دون طيار إيرانية الصنع «يعتقد أنها من نوع مهاجر» في منطقة العمليات العسكرية، ولكن قامت إيران بإخفاء وتمويه مشاركتها عبر دمج ميليشيات بقوات الجيش وارتدائها اللباس العسكري النظامي، فضلاً عن تواجدها في الصفوف الخلفية. وبحسب معلومات موثقة لدى الدسوقي، فقد اعتبر ان الدور الإيراني قد ظهر إلى العلن مع الإعلان عن مقتل عدد من مقاتلي الميليشيات الإيرانية، ومع التأزم الميداني وارتفاع حجم خسائر قوات النظام والفيلق الخامس، حيث اتخذ القرار بزج الميليشيات الإيرانية بما فيها قوات من حزب الله كرأس حربة في العمليات العسكرية، على أمل كسر مقاومة فصائل المعارضة.
وعن الأسباب التي دفعت إيران لاتخاذ قرار المشاركة في هذه العمليات فيمكن ردها بحسب قراءة الدسوقي إلى: محاولة استثمار الخلاف الروسي – التركي على أمل إنهاء اتفاق سوتشي الذي استثناها أو تعديله لتكون جزءاً منه، وممارسة الضغوط على تركيا للتشويش على الترتيبات الأمريكية – التركية الناشئة وغير المتبلورة بعد، اذ ترى إيران أنها ستطال المصالح الإيرانية في سوريا بشكل أو بآخر، فضلاً عن محاولة تعزيز الموقف الميداني لحليفها النظام السوري، كذلك إثبات قدرة ميليشياتها الميدانية للجانب الروسي وعجز الأخير عن تحقيق أي إنجاز ميداني بمعزل عن الدور الإيراني، يضاف لما سبق محاولة إثبات قدرتها على تأجيج الوضع العسكري من خلال أذرعها المحلية، في حال تزايد الضغوط الدولية والإقليمية عليها.
العقيد فاتح حسون تحدث عن الميليشيات الإيرانية التي شاركت في معارك ادلب وحماة، مؤكداً ان «فيلق القدس» على رأس الميليشيات الأجنبية التي تساند قوات النظام السوري في المعارك الجارية، وقال حسون لـ»القدس العربي» ان «لواء القدس» شارك في العديد من المعارك إلى جانب قوات النظام والميليشيات الإيرانية، واكتسب خبرة قتالية من معارك الميادين والبو كمال ودير الزور، حتى أنه أصبح قوة عسكرية منافسة لميليشيات أخرى.
ميدانياً
ومع انخراطه في المعارك الاخيرة الى جانب ما يعرف بقوات النمر في مناطق عدة ، وآخرها المعارك الدائرة في جبهات ريف حماة الشمالي والغربي، تبين ان محاور هجوم لواء القدس قد غلب عليها البطء، وظهر ضعف المهارات القتالية لمقاتليها عند الاشتباك، عدا عن عدم قدرتهم على الثبات في المناطق التي يحتلونها، مثلهم مثل كثير من مقاتلي جيش النظام، مضيفاً «عندما نفذ الثوار هجوماً معاكساً على القوات المعتدية، هرب العديد من مقاتلي اللواء وقادته، وحالياً ما زالوا في السجن مع قوات فارة من الفيلق الخامس، بعدما قبضت عليهم القوات الروسية، متهمة إياهم بالخيانة والجبن، والإدلاء بمعلومات كاذبة أثناء المعركة أدت لخسائر جسيمة بالقوى والوسائط».
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان مزيداً من الغارات الجوية من قبل طائرات النظام الحربية على مناطق متفرقة من ريف إدلب الجنوبي وجبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، موثقاً 56 غارة نفذت صباح الاحد على أرياف إدلب وحماة وحلب، سقطت في بلدات، خان شيخون والهبيط والشيخ مصطفى والفقيع وكرسعة وكفرلاتة وسفوهن وترملا وأطراف كنصفرة ومعرشورين وبنين ومعرة حرمة ومحيط حزارين والفطيرة في ريف إدلب الجنوبي، واللطامنة وكفرزيتا بريف حماة الشمالي، ومحيط الإيكاردا في ريف حلب الجنوبي، بالإضافة لمحور كبانة ضمن جبل الأكراد.
كما ألقى الطيران المروحي 10 براميل متفجرة على محور كبانة في ريف اللاذقية الشمالي، فيما ردت الفصائل بالقذائف والصواريخ في مناطق كفرنبودة وتل عثمان وقمحانة ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة قوات النظام في الريف الحموي، مشيراً إلى مقتل شخص بعد إصابته بجراح بليغة جراء قصف طائرات حربية روسية على مدينة خان شيخون.
لترتفع أيضاً حصيلة الخسائر البشرية في التصعيد المتواصل في يومه الـ 43، إلى 1151 شخصاً ممن استشهدوا وقتلوا خلال الفترة الممتدة منذ صباح الـ 20 من شهر نيسان الجاري، وحتى يوم الأحد الثاني من شهر حزيران الجاري، وهم 373 مدنياً بينهم 91 طفلاً و 79 مواطنة، استشهدوا في القصف الجوي الروسي والسوري، وقصف قوات النظام على مناطق في حلب وحماة واللاذقية وإدلب، ومن ضمنهم 26 مدنياً بينهم 10 أطفال و5 مواطنات استشهدوا في سقوط قذائف أطلقتها الفصائل على مدينة حلب وبلدة الحاضر جنوب حلب وقرية الخندق وبلدة السقيلبية بريف حماة، و19 شخصاً استشهدوا وقضوا في انفجار شاحنة محملة بمواد شديدة الانفجار تعود ملكيتها للمجموعات الجهادية وذلك في مدينة جسر الشغور غرب إدلب، و411 من المجموعات الجهادية والفصائل قضوا خلال قصف جوي وبري وهجمات واشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها، و348 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها قتلوا في هجمات للمجموعات الجهادية على مناطق متفرقة من المنطقة منزوعة السلاح.
المصدر: القدس العربي