أحمد مظهر سعدو
بالرغم من أن اجتماع القدس اليوم بين رئيس الأمن القومي الأميركي ورئيس الأمن القومي الروسي، ومعهم رئيس الأمن الإسرائيلي، غايته الوضع السوري برمته، ومن ثم إعادة صياغة الواقع الإقليمي السوري وما حوله وفق المعطيات المصلحية للأميركان والروس والإسرائيليين، وبينما يفترض وفق ذلك أن تقف الحرب المجنونة التي يشنها الروس والنظام السوري على إدلب وما يحيط بها، إلا أن العدوان الأسدي الروسي الإيراني مازال مستمرًا، وقد طال الكثير من المرافق الصحية، وهجر معظم السكان، وخلف المزيد من الشهداء، أكثرهم من المدنيين، حتى باتت محافظة إدلب تسمى ( إدلب غراد) نتيجة الحرب التي لا تبقي ولا تذر، ونتيجة الصمود الأسطوري الذي تقوم به مجمل الفصائل المقاتلة، حتى أنها باتت محرجة لعنجهية السلاح الروسي المفترض أنه يتبع دولة، إن لم نقل عظمى فإنها كبرى، ونتاج دولة عظمى كان اسمها الاتحاد السوفياتي قبل أن تصبح الاتحاد الروسي.
ويبدو أنه كما قالت الباحثة (إيفا كولوريوتي) فإن ” صاحب الأرض أقوى مهما كانت الفوارق في القوة العسكرية واسعة، فتوحيد الفصائل كخطوة أولى ثم تفعيل كامل الموارد البشرية، مع استغلال الحاجة التركية لورقة إدلب، قد يكون كفيلًا بكسر الغرور الروسي على أسوار آخر قلاع الثورة السورية في إدلب غراد”.
وهذا ما أكدته الحرب المستعرة على أطراف ادلب وفي ريف حماة الشمالي، منذ ما يزيد عن شهرين ونصف، من خلال حرب بكل أصناف السلاح الروسي وغير الروسي.
حيث أكد (المرصد السوري لحقوق الانسان) وهو مرصد عادة ما يخفف من حجم النتائج أو الكوارث، وليس دقيقًا فيها، إذ يشير إلى حدوث 16 مجزرة منذ بدء القصف على إدلب وجوارها، منذ 30نيسان / أبريل الماضي «16 مجزرة نفذتها طائرات النظام السوري وطائرات (الضامن) الروسي بحق المدنيين، قتل فيها 125 مدنياً، بينهم 33 طفلاً و21 مواطنة، جراء المجازر التي عمدت الطائرات الحربية والمروحية إلى تنفيذها». ويضيف «المرصد» أنه كان لـ«طائرات النظام الحربية الحصة الأكبر في المجازر هذه، حيث نفذت 14 مجزرة، راح ضحيتها 110 مواطنين، بينهم 28 طفلاً و15 مواطنة فوق الـ 18، فيما نفذت طائرات النظام المروحية مجزرة واحدة، راح فيها 5 مواطنين، بينهم طفل ومواطنة، كما ارتكبت طائرات الضامن الروسي مجزرة أخرى أيضاً، راح ضحيتها 10 مواطنين، بينهم 4 أطفال و5 مواطنات فوق الـ 18، في حين أصيب في هذه المجازر أكثر من 483 جريحاً، جروح كثير منهم خطرة، بالإضافة لتسببها بإعاقات دائمة لبعض منهم».
وكان توزع المجازر بحسب «المرصد»، على النحو التالي: «طائرات النظام الحربية»: – مجزرة في مدينة جسر الشغور، غرب إدلب، في 14 مايو (أيار)، راح ضحيتها 8 مواطنين، بينهم طفل.
– مدينة معرة النعمان، جنوب إدلب، في 22 مايو (أيار)، راح ضحيتها 12 مواطناً، بينهم طفل.
– بلدة سراقب، شرق إدلب، في 22 مايو (أيار)، راح ضحيتها 5 مواطنين. – مدينة أريحا، جنوب إدلب، في27 مايو (أيار)، راح ضحيتها 13 مواطنًا، بينهم 4 أطفال. – بلدة حزارين، جنوب إدلب، في 27 مايو (أيار)، راح ضحيتها 6 مواطنين، بينهم طفل ومواطنتان اثنتان. – بلدة كفر حلب، غرب حلب، في 28 مايو (أيار)، راح ضحيتها 11 مواطناً، بينهم 3 أطفال ومواطنتان اثنتان فوق الـ 18.- مجزرة في بلدة سرجة، جنوب إدلب، بتاريخ 29 مايو (أيار)، راح ضحيتها 7 مواطنين، بينهم 5 مواطنات. – مدينة معرة النعمان، جنوب إدلب، بتاريخ 30 مايو (أيار)، راح ضحيتها 5 مواطنين، هم 4 أطفال دون الـ 18 ومواطنة فوق الـ 18.- بلدة كفرعويد، جنوب إدلب، بتاريخ 5 يونيو (حزيران)، راح ضحيتها 6 مواطنين، بينهم طفلان اثنان ومواطنة. – قرية جبالا، جنوب إدلب، بتاريخ 10 يونيو (حزيران)، راح ضحيتها 13 مواطناً، بينهم طفل ومواطنة. – بلدة البارة، جنوب إدلب، بتاريخ 15 يونيو (حزيران)، راح ضحيتها 5 مواطنين، بينهم 3 أطفال دون الـ 18 ومواطنة. – قرية بينين، جنوب إدلب، بتاريخ 19 يونيو (حزيران)، راح ضحيتها 12 مواطناً، بينهم 3 أطفال دون الـ 18. – بلدة المسطومة، جنوب إدلب، بتاريخ 20 يونيو (حزيران)، راح ضحيتها 9 مواطنين من عائلة واحدة، بينهم 4 أطفال. – بلدة حيش، جنوب إدلب، بتاريخ 20 يونيو (حزيران)، راح ضحيتها 6 مواطنين، بينهم طفل ومواطنة. أما الطائرات الروسية فارتكبت مجزرة في بلدة كفرنبل، جنوب إدلب، بتاريخ 19 مايو (أيار)، راح ضحيتها 10 مواطنين، بينهم 4 أطفال و5 مواطنات. والطائرات المروحية: – مجزرة في قرية كفرعين، جنوب إدلب، بتاريخ 11 يونيو (حزيران)، راح ضحيتها 5 مواطنين، بينهم طفل ومواطنة.
وتشير التقارير الميدانية إلى حدوث 3آلاف غارة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة على «مثلث الشمال» السوري حيث ارتفعت حصيلة شهداء الغارات الجوية على منطقة المسطومة بريف إدلب الجنوبي، شمال غربي سوريا، إلى 25 شخصاً، بينهم 8 أطفال، في وقت استمرت فيه المعارك بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة، شمال حماة.
يقول «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «عدد الغارات التي نفذتها طائرات النظام الحربية، في يوم واحد هو أول أمس ارتفع إلى 54، مستهدفة أماكن في كل من الهبيط وحيش ومدايا والمسطومة وجبل الأربعين ومعربليت ومحيط سرمين والركايا وخان شيخون والشيخ مصطفى بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، والجبين وكفر زيتا والأربعين والزكاة ولطمين وحصرايا واللطامنة بريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، بالإضافة إلى الفوج 46 وريف المهندسين الثاني في ريف حلب الغربي، في حين ارتفع إلى 320 عدد القذائف الصاروخية والمدفعية التي أطلقتها قوات النظام على أماكن متفرقة في ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي وريف إدلب الجنوبي، بينما استهدفت الفصائل بالقذائف الصاروخية مواقع قوات النظام والميليشيات الموالية لها في قرية الجرنية بريف حماة الشمالي الغربي».
وأشار «المرصد» إلى أنه «خلال 72 ساعة، شنّ أكثر من 3000 ضربة جوية وبرية، برفقة المعارك، وقتل 205 من المدنيين وقوات النظام والفصائل» شمال حماة وجنوب إدلب.
ومع سقوط مزيد من الخسائر البشرية، يرتفع إلى 1869 شخصاً، عدد من قتلوا منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في 30 أبريل (نيسان) الماضي.
ومن بين الشهداء، 3 مسعفين من منظمة «بنفسج» الإنسانية المحلية، وامرأة جريحة، كانوا داخل سيارة إسعاف، استهدفها القصف في مدينة معرة النعمان. وشوهدت سيارة الإسعاف المستهدفة.
وقتل أكثر من 90 مقاتلاً من الطرفين خلال المعارك، وجراء القصف خلال اليومين الماضيين، بحسب «المرصد». وباتت مدن وبلدات في هذه المنطقة شبه خالية من سكانها، بعدما فروا جراء القصف العنيف والمعارك. وأجبر التصعيد منذ مطلع مايو (أيار) نحو 500 ألف شخص على التهجير القسري من منازلهم.
ويرجّح متابعون ألا يتحول التصعيد إلى هجوم واسع النطاق للسيطرة على إدلب، كون تركيا وروسيا لا تريدان سقوط الاتفاق. وإن كان ذلك كذلك، وهذا ما تبينه الوقائع، إلا أن المشكلة تكمن في مدى الاستهتار بأرواح الناس المدنيين من قبل النظام والروس، وهم يعتبرون كل المدنيين السوريين حاضنة شعبية للثوار، ومن ثم لا مشكلة في قتلهم أو تهجيرهم، وسط صمت مطبق غريب ومريب من النظام الرسمي العربي أولًا، ومن العالم المتحضر ثانيًا، فهل ينتج اجتماع القدس ما هو تغييرًا جديًا في سورية يوقف العدوان الأسدي، ويخرج الإيراني من الجغرافيا السورية. أسئلة لا يبدو أن إجاباتها ستخرج سريعًا، ولا يبدو أن المجتمعين معنيين بدماء الشعب السوري، كما لا يبدو أنهم سيتخلون قريبًا عن النظام السوري الذي حمى أمن إسرائيل منذ أن وقع اتفاق فض الاشتباك مع العدو الإسرائيلي عام 1974 وحتى اليوم.
المصدر: المدار نت