في ظاهرة غريبة هي الأولى من نوعها في سوريا، فرضت الميليشيات الإيرانية في موقع «عين علي» التاريخي في بادية مدينة القورية التابعة لمحافظة دير الزور شمال شرقي البلاد، رسوماً مادية على قبور الأموات المدفونين في المنطقة. ويتهم نشطاء سوريون الميليشيات الإيرانية بمواصلة استغلال معاناة السوريين وأوضاعهم المتردية في مناطق سيطرتها، لا سيما دير الزور وريفها لنشر التشيع، خصوصاً بعدما أوغل نظام الأسد وميليشياته بتدمير البنى التحتية في المنطقة.
ففي حديثه لـ «القدس العربي» أكد عمر أبو ليلى وهو المدير التنفيذي لشبكة ديرالزور24، أن الميليشيات الإيرانية التي تدير المزار الشيعي المقام في موقع عين علي، قامت بطرد مجموعة من أبناء مدينة القورية الأسبوع الماضي، بعد أن جاؤوا إلى المقبرة القريبة من الموقع لدفن أحد موتاهم، وقاموا بإخبار ذوي الميت بأنّ من يريد الدفن بهذه المقبرة يجب أن يدفع الرسوم المقدرة بـ10آلاف ليرة سورية، ويقوم بتقديم طلب لهم للموافقة على إجراءات الدفن.
وأردف أبو ليلى أن الميليشيات الإيرانية قامت أيضاً بإبلاغ الجميع بأنّ على كلّ من له قبر في المقبرة دفع مبلغ 10 آلاف ليرة وإلا سيتم تهديم القبر وإلقاء رفات الموتى خارج المقبرة، بدعوة أنّ تراب المقبرة مقدس لأنها ترجع إلى «أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب» حسب قولهم.
وأشار إلى أن هذا التصرف لاقى استياءً واسعاً من أبناء المنطقة الذين باتوا مجبرين على دفع رسوم للميليشيات الإيرانية، مقابل دفن موتاهم في أرضهم المتوارثة أباً عن جد. وكانت حركة النجباء الإيرانية قد قامت قبل أشهر في بناء مزار على نبع ماء عين علي في البادية قرب مدينة القورية في ريف دير الزور الشرقي، ضمن حملة بناء المزارات التي تنفذها هيئات شيعية عراقية بحجة إعادة بناء ما دمره تنظيم الدولة (داعش)، حسب ما أكده ناشطون من أبناء المنطقة في حديثهم لـ»القدس العربي».
من جانبه اعتبر المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية مضر حماد الأسعد، أن ما تقوم به «عصابات الحرس الثوري الإيراني أو الميليشيات الإيرانية» في سوريا أنها سياسة تغيير ديمغرافي مع تغير العقيدة وبناء مستوطنات في اغلب مناطق سوريا التي يجدون انها مهمة بالنسبة لهم وخاصة سرير وادي الفرات من البوكمال إلى القريا والميادين وحطلة ومراط والمريعية والكسرة، للوصول إلى الرقة وحلب ثم الساحل السوري.
وأكد الأسعد في حديثه لـ»القدس العربي»: أن ما جرى في عين علي حادثة عنصرية وطائفية من قبل هذه الميليشيا الإرهابية لجعل هذه المنطقة مزاراً دينياً مستوطنة عسكرية للسيطرة على باقي المناطق الأخرى وخاصة أن سكان هذه المنطقة هم من العرب السنة ولكن من خلال الترغيب والترهيب يتم تشييع أبناء محافظة دير الزور بالتعاون مع النظام السوري وروسيا للسيطرة على المنطقة.
وفي المقابل شدد الأسعد على وجود رفض كامل من أبناء المنطقة بالإجراءات الإرهابية والتعسفية في دير الزور من قبل إيران والميليشيات الإيرانية وكل التنظيمات العسكرية التابعة للنظام السوري. يشار إلى أنّ الميليشيات الإيرانية كانت قد سيطرت على موقع عين علي الأثري في بادية مدينة القورية أواخر عام 2017، ومنذ أيام سيطرتها الأولى عملت على تحويل الموقع إلى مزار ديني شيعي يستقطب الزوار الشيعة من البلدان كافة، بدعوى أنه مزار مقدس من إرث الصحابي علي بن أبي طالب.
المصدر: القدس العربي