أحمد مظهر سعدو
_ ما يجري في إدلب استمرار للمحرقة التي يتعرض لها الشعب السوري
– تتحرك دول وأطراف ذات أجندات معادية لضرب هوية سورية العربية
عروبيون سوريون يقفون في مواجهة البغي والعسف الأسدي ضد الشعب السوري، رفضوا الاندراج في أتون الحالة البائسة لبعض العروبيين في سورية، أو خارجها، ممن مازالوا يرون في النظام السوري المجرم، نظامًا ممانعًا مقاومًا، ويرون في داعمه الإيراني الفارسي صاحب المشروع الاحتلالي للمنطقة برمتها، صديقًا طبيعيًا للعرب والعروبة، وبالنظر للغط الكثير الذي دار حول هذه المسألة بعد انكشاف الدور الوظيفي للنظام السوري الطائفي الاستبدادي القاتل، وانفضاح كل ما كان يسمى بمحور المقاومة والممانعة ، فقد وجد هؤلاء أنه بات من الأهمية بمكان تجميع صفوف العروبيين الحقيقيين الذين يتمسكون بعروبتهم كسوريين، ويقفون بوضح لا لبس فيه ضد الطغاة في كل مكان، ومنهم بالضرورة طاغية الشام بشار الأسد. من هنا فقد تنادوا إلى عقد لقائهم الأول السنة قبل الفائتة بألمانيا/ كولن في محاولة جادة لتأسيس ملتقى للعروبيين السوريين واضح الأهداف، نقي التصور والرؤيا.
عبد الرحيم خليفة السياسي السوري المناهض لحكم الأسد والكاتب الذي سخر كتاباته تاريخيًا في مواجهة الاستبداد، وأحد مؤسسي ملتقى العروبيين السوريين الأساسيين التقيناه وحاورناه حول الكثير من المسائل وقلنا له: أعلنتم عن انعقاد ملتقى العروبيين السوريين بنسخته الثالثة في فرنسا خلال شهر أيلول القادم. لماذا في فرنسا؟ وماذا في جعبة العروبيين السوريين لهذه الدورة الجديدة؟ وهل تعتقدون أن العروبيين السوريين قد باتوا ممثلين كليةً في هذا الملتقى؟ وهل تودون الوصول إلى الإعلان عن جسم حزبي جديد؟ وإلى أي حد يمكن أن يكون هناك أي تعاون وتلاقي بينكم وبين باقي مكونات الشعب السوري؟ وما قراءتكم لما يجري على الساحة السورية في إدلب وسواها هذه الأيام؟
عن كل ذلك أجاب عبد الرحيم خليفة لموقع (المدار نت) قائلًا: ” الفكرة في أصلها غير متمحورة حول مكان أو زمان معينين. في الدورة الأولى، عام 2017، وقع الاختيار على مدينة (كولن) في ألمانيا، بحكم وجود العدد الكبير من السوريين فيها، ممن هربوا من جحيم الموت والقتل والتهجير المنظمين، فضلاً عن موقع ألمانيا الذي يتوسط بقية دول اللجوء الأوربية، وقبل ذلك وبعده مزايا هذه الدولة الديمقراطية كحرية الحركة، والتنقل، والاجتماع من دون أي عقبات أو موانع أمنية أو سياسية أو قانونية.
في عام 2018 قررنا أن نعقد الدورة الثانية على الأراضي التركية، لقربها من وطننا الحبيب سورية التي نأمل العودة لها قريبًا محررة من كل دنس، سواء كان احتلالًا أو استبدادًا، إضافة لكون تركيا تستضيف عددًا كبيرًا من السوريين، وبينهم عددًا غير قليل من الناشطين معنا، لكن الظروف الأمنية والقانونية في تركيا حالت دون ذلك، مما دفعنا إلى العودة إلى أرض مهد الملتقى الأول في ألمانيا بحكم الاضطرار لا الاختيار.” ثم تابع خليفة ” في الأصل يقوم عملنا ونشاطنا بين السوريين نظرًا إلى أن مشروعنا برمته يقوم على حامل ثقافي هوياتي يعبر عن السوريين وانتمائهم التاريخي، والذي على أساسه قامت دولتهم.” ثم قال ” نحن الآن نتوجه إلى باريس / فرنسا لعقد الدورة الثالثة للملتقى، يومي 14_ 15 سبتمبر/ أيلول القادم، لأن فرنسا أيضًا دولة ذات أهمية كبيرة للسوريين تاريخيًا، ووجهة رئيسية للمعارضين منهم لنظام آل الأسد، منذ ما قبل الثورة المجيدة، وتضاعفت أهميتها بالنسبة لهم بعد الثورة، بسبب تجمع عدد كبير من المثقفين والنخب المميزة فيها، إضافة لتوجه عدد كبير من اللاجئين السياسيين والمهجرين قسرًا، ونتيجة لما تتمتع به من ميزات استثنائية، حالها كحال ألمانيا.” ثم أكد خليفة وبوضوح قائلاً ” إن طموحنا في العام الحالي (2019) كبير جدًا لجهة الحضور والمشاركة ونعمل بجد ونشاط عاليين لتقديم دراسات وأبحاث مهمة، تخدم فكرة (الملتقى) وتصب في توجهاته الفكرية والثقافية والسياسية، التي أرى من المهم هنا التأكيد على أنها ليست حزبية ولا إيديولوجية ولا يقوم هيكل (الملتقى) ونشاطه على تراتبية تنظيمية. ويبلغ طموحنا درجة عالية، ونأمل أن تشكل الدورة الثالثة للملتقى نقلة نوعية ومفصلية في عمله وغاياته الوطنية.”
لكنه كان صريحًا وواضحًا عندما قال ” نحن لا ندعي التعبير عن كافة العروبيين أو تمثيلهم ككيانات وتجمعات وشخصيات، ولكننا نقول بثقة كبيرة إن الغايات الأساسية أو الأهداف القصوى للملتقى المتمثلة بالدفاع عن هوية سورية العربية والثقافة العربية الجامعة للشعب السوري تمثل كافة السوريين، وبالأساس نحن لا نعمل وفق فكرة الاستحواذ الكامل، وأحادية التمثيل والتعبير. نحن منبر ثقافي فكري سياسي نحاول الدفاع عن ذواتنا في الوقت الذي تحركت فيه دول وأطراف ذات أجندات معادية لضرب هوية سورية العربية، أو الطعن فيها، والتشكيك بها، لغايات معروفة، ومكشوفة، تعتمد إحياء هويات ما دون عربية، بل وما دون وطنية.” ثم أوضح بشكل حازم عندما أشار إلى أنه ” أبدًا لا…لا أبدًا…إن عملنا ونشاطنا لا يرميان إلى تشكيل كيان حزبي، وقد أوضحنا ذلك سالفًا ومقدمًا دفعًا لأي لبس أو سوء فهم، قد يحصل ونبني عليه فرضيات وحججًا غير صحيحة، ونصل إلى نتائج مغايرة للحقيقة.
مرة أخرى لسنا كيانًا حزبيًا، ولن نكون، وهناك في الساحة السورية فائض كبير من التشكيلات والتجمعات الحزبية، ولا نرغب أن نكون رقمًا إضافيًا آخر، علمًا أن بعضنا أعضاء في أحزاب سياسية عروبية، ولا تعارض بين الانتماءين.
نحن لم نقدم أنفسنا كفصيل أو تجمع سياسي كما قلنا، ولهذا لم نتواصل مع القوى والتجمعات السياسية القائمة، لكننا نتواصل مع القوى السياسية العروبية وأوضحنا لها فكرتنا وغايتنا، ودعوناها للمشاركة كأفراد وشخصيات، وطلبنا دعمها على أساس المشتركات التي تجمعنا بكل أنواعها، باستثناء الدعم المادي، لأن الملتقى مستقل ماديًا، وكافة نفقاته واحتياجاته تغطى من تبرعات أعضائه وأصدقائه.” وعن الذي يحصل في ادلب هذه الأيام من اجرام أسدي روسي قال: ” ما يجري في إدلب صراع معقد يستهدف تصفية بقايا قوى الثورة العسكرية والمدنية، وتتداخل فيها كافة المصالح الاقليمية والدولية على حساب الدم السوري. لقد تحولت إدلب بؤرة صراع مفتوح، يدفع أكلافه أهلنا وشعبنا من دمائهم، خصوصًا أن إدلب تضم المهجرين إليها قسرًا من كافة المحافظات السورية التي أعيدت بالقوة إلى سلطة نظام القتل والإجرام بدعم من المحتل الروسي. في سورية ثورة لن تنتهي أبدًا، بغض النظر عن مصير إدلب، وهذه الثورة ستتجدد بأشكال مختلفة حتى يتحقق هدفها المشروع الأعلى، أي إسقاط النظام الفاشي، ثم وتحقيق بقية الأهداف في استعادة الحرية والكرامة الإنسانية، وإقامة دولة القانون والعدل، ودولة المؤسسات، والتداول السلمي على السلطة.
ما يجري في إدلب استمرار للمحرقة التي يتعرض لها الشعب السوري منذ تسع سنوات في ظل صمت وتواطؤ إقليمي ودولي ويفضح كافة الأطراف التي أوغلت في الدم السوري تحت مسميات ومشاريع مختلفة.”
المصدر: المدار نت