أحمد طه
يبدو أن هذا الجيل على موعد مع القدر، فالثورات الشعبية التي بدأت في تونس في نهاية 2010 مؤذنة ببدء نهاية عصور الاستبداد والطغيان، تحط رحالها في العراق بعد أن مر بكل من مصر وليبيا واليمن وسوريا والتي أريد للثورة التوقف عندها، بدعم من بعض دول المنطقة حتى لا تصلها لوثة التغيير، إلا أن الربيع العربي تابع مسيره باتجاه الجزائر والسودان ويصل اليوم الى العراق.
صحيح أن أياً من هذه الثورات لم ينجز مهامه على الوجه الأمثل، بل إنها وبتعبير أدق مازالت إلى الآن تعاني من ثورات مضادة أو من تدخل لقوى إقليمية تحاول بشكل أو بآخر إجهاض هذا التحول الذي تكتبه شعوب المنطقة بدمائها، لكن عجلة التغيير مازالت تدور، فالظروف الموضوعية للثورة في كل البلدان العربية مكتملة الأركان، الفساد والمحسوبيات وارتهان أنظمتها للخارج وإهدار كرامة مواطنيها وعدم احترام حقوق الانسان، حتى إنها تقع في رأس التصنيف العالمي للفساد وفي ذيل قوائم الشفافية واحترام حقوق الانسان.
أما في العراق فقصة أخرى فهو إضافة الى احتلاله العام الماضي المركز السادس عربيًا و13 عالميًا في قائمة الدول الأكثر فسادًا من إجمالي 168 دولة، بحسب منظمة الشفافية الدولية، وحسب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي فإن الفساد في البلاد تجاوزت قيمته ثلاثمئة مليار دولار، إذ تحول إلى مستعمرة إيرانية بحسب تصريحات الكثير من المسؤولين الإيرانيين وليس تصريح مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بغداد هي عاصمة الإمبراطورية الفارسية هو التصريح الوحيد في هذا السياق، كما أن سليماني يعتبر المسؤول الفعلي عن جميع الفصائل والجماعات المسلحة التي تدور في الفلك الإيراني بالعراق، ويبدو أن هذا هو السبب الأكثر تأثيرًا وراء هذا التصدي الدموي للثورة العراقية حيث تشير التقديرات إلى مقتل 7 عراقيين على الأقل، والبلد الذي يراد له أن يكون قاعدة لانطلاق القوات الإيرانية باتجاه سورية ولبنان وربما الخليج مستقبلًا، ينتفض ضد النظام العراقي وضد الوجود الإيراني الذي يحميه.
ربما لا يخفى على أحد حجم تأثير هذا الحراك الشعبي في العراق على مجريات الأحداث في سورية، فهذا البلد الشقيق الجار نتشارك معه بحدود طولها 600 كم واحتلال فارسي يسيطر على مراكز صنع القرار في دولتينا، ونتشابه معه أيضًا في مدى سيطرة المليشيات الطائفية وانفلاتها من كل عقال، لهذه الأسباب فإن تطور الحراك في العراق ونجاحه سينعكس بشكل إيجابي على الوضع في سورية من ناحية المليشيات العراقية المتواجدة في سورية ومن ناحية الحدود السورية العراقية التي تشكل إلى الآن خط الإمداد الرئيسي لهذه المليشيات ولمليشيات حزب الله اللبناني.
يبدو أنه من المبكر كثيرًا التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع في العراق، خاصة في ظل التغلغل الإيراني في كل مفاصل الدولة وتواجد العدد الكبير من المليشيات العراقية اسمًا، الفارسية انتماءً، وهو ما يشكل الخطر الأكبر على هذا الحراك ومستقبله، لكن ما نعرفه جيدًا أن جذوة الثورة اشتعلت وأن مشوار الألف ميل قد بدأ. حمى الله العراق وشعب العراق من الشيطان الإيراني الرجيم.