عمرو حلبي
عندما كانت وسائل الإعلام العالمية والعربية منشغلة بتغطية إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحرب شرقي الفرات قبل ثلاثة أيام، كانت وسائل إعلام النظام السوري منشغلة ببث برامج وأغانٍ تمجّد ذكرى “حرب تشرين التحريرية”.
ومع أن إعلان أردوغان العسكري أطلق العنان لحملة من البيانات والتصريحات والمواقف المتناقضة لأطراف المعركة المرتقبة والدول الفاعلة بالملف السوري -إلى حد يشبه حربا إعلامية تسبق العملية العسكرية على الأرض- فإن النظام السوري وحده كان الحاضر الغائب بهذه التطورات رغم أنه لم يتوان من قبلُ خلال خطاباته في المحافل الدولية أو المحلية عن مطالبة تركيا بالانسحاب من الأراضي السورية.
بل إن وسائل الإعلام المقربة من ذلك النظام سارعت لنفي ما صرحت به قوات “سوريا الديمقراطية” من أن النظام يستعد للتحرك عسكريا نحو منبج غربي الفرات كرد على العملية العسكرية، حيث نقلت تلك الوسائل عن قوات النظام أن الوضع بريف منبج ثابت لم يتغير وأنها لم تتلق أي تعليمات جديدة.
أول موقف رسمي
وبعد صمت رسمي للنظام وتغاضي وسائل إعلامه لتغطية مجريات شرق الفرات، ظهر فيصل المقداد نائب وزير الخارجية في أول تصريح يحسب كموقف رسمي للنظام.
فقد نقلت جريدة الوطن المقربة عن المقداد أن النظام “سيدافع عن كل الأراضي السورية في حال شنت تركيا أي عملية عسكرية” وأنه لن يقبل بما وصفه “أي احتلال لأرض سوريا”.
وأضاف المقداد -على هامش حفل وداع صالح بوشة السفير الجزائري أن ما وصفها بالمليشيات الكردية “قد خسرت كل شيء وأن عليهم ألا يخسروا أنفسهم”.
وتابع حديثه الموجه لقوات “سوريا الديمقراطية” فيما يشبه دعوتها للحوار بأن “الوطن يرحب بكل أبنائه” وأن النظام “يريد حل كل المشاكل السورية بطريقة بعيدة عن العنف وتحافظ على تراب سوريا”.
تكرار تصريحات
ومع أن ذلك التصريح كان الأول من نوعه بعد ثلاثة أيام من صمت للنظام، فإنه في مجمله كان موجها لقوات “سوريا الديمقراطية” وخلا من التأكيد على رفض التدخل التركي والوعيد بـ “التصدي له”. وهذا ما كان حاضرا في معظم خطابات رموز النظام السابقة.
ويرى الكاتب الصحافي أحمد مظهر سعدو أن “النظام السوري يتبع السياسة الروسية فيما يتعلق بالملف السوري برمته، وطالما أن موسكو صاحبة التفاهمات مع أنقرة في الملف السوري تغض طرفها بل إنها متساهلة إزاء عزم أنقرة إقامة المنطقة الآمنة شرقي الفرات، فإن النظام السوري لا يحرك ساكنا أمام رؤية حليفه الروسي”.
ويضيف سعدو للجزيرة نت “النظام لا يقوى على فعل شيء أمام التوافقات التركية الروسية” مستشهدا بما حصل في عملية غصن الزيتون في عفرين ودرع الفرات في ريفي حلب الشمالي والشرقي.
ويختم الكاتب السوري بأن “النظام لن يتاجر بالسيادة والمنصب لقاء كسب حلفائه وبقائه في السلطة مهما حصل للأراضي السورية”.
وقد يتفق كثيرون على أن النظام عاجز فعليا عن التحرك في وجه أي تفاهم إقليمي ودولي يخص الملف السوري، ورغم ذلك يبقى التساؤل قائما عن غياب التصريحات الكلامية الرسمية للنظام رغم حدتها وغزارتها قبل إعلان العملية العسكرية التركية المرتقبة. فهل هذا إذعان للتفاهمات الإقليمية بين شركاء الحرب السورية؟
المصدر: الجزيرة