رائد جبر
دعا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، إلى إجراء تقييم شامل لتداعيات العملية العسكرية في شمال شرقي سوريا، وسط مخاوف من أن اتساع المواجهة قد يسفر عن الإضرار بجهود موسكو لتسوية الوضع في سوريا، بينما أكدت موسكو أنها أجرت اتصالات مع الحكومة السورية والإدارة الذاتية للأكراد، بهدف فتح حوار لتقريب وجهات النظر.
وأفاد بيان أصدره الكرملين بأن بوتين وإردوغان أجريا محادثات هاتفية أمس، بمبادرة من الجانب التركي، تم خلالها «تبادل الآراء حول القضية السورية، أخذاً بعين الاعتبار الاتفاقات التي تم التوصل إليها في أنقرة الشهر الماضي، خلال اجتماع لزعماء الدول الضامنة لعملية آستانة». وزاد بأن «بوتين دعا الشركاء الأتراك، في ظل الخطط التي أعلنت عنها تركيا بشأن تنفيذ عملية عسكرية شمال شرقي سوريا، إلى إجراء تقييم دقيق للوضع، من أجل منع الإضرار بالجهود المشتركة الرامية إلى تسوية الأزمة السورية».
وقال الكرملين إن «الجانبين شددا على أهمية ضمان وحدة سوريا، ووحدة أراضيها، واحترام سيادتها».
وأوضحت مصادر مقربة من الكرملين، أن إردوغان أبلغ نظيره الروسي خلال المكالمة التي جرت قبل وقت قصير من انطلاق العملية العسكرية، بتفاصيل حول التحركات التركية في المنطقة.
وكان الكرملين قد أعلن في وقت سابق، أن موسكو «تتفهم المصالح الأمنية لتركيا»؛ لكنه لفت في الوقت ذاته إلى ضرورة «الانطلاق من مبدأ صون سيادة الأراضي السورية وسلامتها الإقليمية».
وعقد مجلس الأمن القومي الروسي ليلة الأربعاء، جلسة مخصصة لمناقشة الوضع في سوريا، على خلفية التطورات الأخيرة في شمال شرقي البلاد.
وقال الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن «المشاركين في الاجتماع بحثوا بالتفصيل الوضع في سوريا، على خلفية التصعيد بشمال شرقي البلاد. كما تم تبادل الآراء حول بدء عمل اللجنة الدستورية السورية». وأضاف بيسكوف أنه «جرى التأكيد على أنه من المهم في هذه المرحلة تفادي أي أعمال من شأنها أن تعرقل التسوية السلمية في سوريا».
في الأثناء، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى تسوية الأزمة في شمال شرقي سوريا، عن طريق الحوار بين المكون الكردي ودمشق.
وقال لافروف أمس، خلال زيارة إلى العاصمة الكازاخية، إن «موقفنا ينطلق من ضرورة حل المشكلات في سوريا، عبر الحوار بين السلطة المركزية في دمشق وممثلين عن الأكراد، الذين هم سكان أصليون في هذه المنطقة».
وأضاف لافروف: «استمعنا بالأمس إلى تصريحات مسؤولين من دمشق، وممثلين عن الأكراد، أكدوا فيها استعدادهم للحوار، ونحن سنبذل قصارى جهدنا لإطلاق مثل هذه المحادثات الموضوعية، ونأمل أن يدعمها كل اللاعبين الخارجيين». ولفت إلى أن موسكو «بعد البيانات التي صدرت عن تركيا وعن الولايات المتحدة، بشأن الوضع في الشمال السوري، قامت بالاتصال مع الأطراف المختلفة لتشجيع فتح قنوات الاتصال».
وكان لافروف قد أعلن في وقت سابق، أن بلاده تسعى إلى فتح قنوات حوار بين دمشق وأنقرة، بهدف تسوية الوضع في الشمال، بشكل يراعي المصالح الأمنية التركية، ويلتزم في الوقت ذاته بمبادئ سيادة وسلامة الأراضي السورية.
ووجه لافروف انتقادات قوية لمواقف الولايات المتحدة حول سوريا، ووصفها بأنها «مليئة بالتناقضات». وأوضح أنه «من الصعب أن أحدد على وجه الدقة مكمن الخطأ في التصرفات الأميركية في سوريا؛ لكنها متناقضة تماماً».
وذكّر بأن روسيا دعت الولايات المتحدة مراراً إلى «وقف الاحتلال غير القانوني للأراضي السورية في منطقة التنف».
وقال إنه خلال زيارته الأخيرة إلى إقليم كردستان العراق، ناقش «تناقض التصرفات الأميركية في المنطقة مع قيادة الحكم الذاتي في الإقليم». موضحاً أن «الأكراد قلقون للغاية؛ لأن مثل هذا التعامل المتساهل مع موضوع حساس للغاية يمكن أن يثير المنطقة بأكملها، ويجب تجنب ذلك بأي ثمن. نحن نطرح وجهة النظر هذه على الجانب الأميركي، وآمل أن يسمعونا. لكن في الممارسة العملية، لا نرى تغييرات كبيرة في سياساتهم المتضاربة غير المتسقة».
في غضون ذلك، برزت تأكيدات في موسكو بأن موسكو لن تتدخل في النشاط العسكري الجاري حالياً في مناطق الشمال. ونقلت وكالة «نوفوستي» الحكومية عن أعضاء في البرلمان الروسي، أن «روسيا لن تتورط في نزاع أو مواجهة هناك، والقوات الروسية موجودة في سوريا لغرض آخر».
المصدر: الشرق الأوسط