وائل عصام
قبيل ساعات من انتهاء مهلة الخمسة أيام ضمن اتفاق انقرة وواشنطن، لانسحاب القوات الكردية من شمال سوريا، لا تزال قوات سوريا الديمقراطية «قسد» تتواجد في معظم» المنطقة الآمنة» الممتدة لنحو 444 كيلومتراً، حسب تعريف اردوغان لحدود «المنطقة الآمنة» المتفق عليها مع واشنطن، وهو ما أعاد التأكيد عليه في خطابه الأخير، وسبق له الإعلان عنها، خلال خطابه في الأمم المتحدة، وتمتد المنطقة من كوباني إلى الحدود العراقية – السورية.
وعدا انسحاب الأكراد من بلدة رأس العين المحاصرة، فان قوات قسد لم تغادر أي موقع تتواجد فيه على طول الشريط الحدودي شمال سوريا، رغم دخول قوات النظام السوري ورفع العلم الخاص بالحكومة السورية ، ومن الملفت هنا ملاحظة ان الانسحاب من راس العين، حصل بحكم الواقع العسكري الذي فرضه الاتراك بعمليتهم العسكرية وليس نتيجة الاتفاقية مع واشنطن عملياً، إذ لم يحصل الأتراك على أي جزء جديد من المنطقة الآمنة بفعل الاتفاق مع واشنطن، وما يحتفظون به حالياً، من منطقة تمتد بعرض نحو 100 كيلومتر من تل ابيض إلى رأس العين ، حصلوا عليها بفعل توغلهم العسكري قبل الاتفاق بأيام .
وزير الخارجية التركي، كرر موقف أنقرة المستاء، بعد اقتصار الانسحاب على رأس العين والتي هي بحكم الساقطة عسكرياً، اذ قال «باقي 35 ساعة، إذا لم ينسحب الارهابيون وتطبق الاتفاقية فسنعود لاستئناف عملية نبع السلام». ويعود تشاووش أوغلو مطالباً روسيا بالتدخل لإخراج المسلحين الأكراد من منبج وكوباني، اللتين دخلهما النظام السوري، لمنع التقدم التركي، وهو الذي عاد اردوغان للتأكيد عليه بالحديث عن زيارته لموسكو .
ولا يعد هذا التعثر في تنفيذ اتفاق امريكي تركي حول الأكراد جديدًا، اذ لطالما قدمت الادارة الامريكية لاردوغان وعودًا لم تنفذ حول تحجيم قسد، في تفاهمات سابقة، آخرها «ممر السلام».
وزير الدفاع الأمريكي كان قد صرح من جانبه، في بيان رسمي، ان قواته «لن تشارك في فرض المنطقة الآمنة شمال سوريا»، بمعنى التدخل لفرضها بالقوة، وهو ما يضع النقاط على الحروف حول هامش الدور الامريكي شمالي سوريا .
ولكن واضافة إلى عدم جدية ورغبة الامريكيين بالالتزام بسحب الأكراد، يبدو ان واشنطن لا تمتلك القدرة الكاملة على اجبار الأكراد على سحب قواتهم، خصوصاً بعد انسحاب معظم القوات الامريكية من شمال سوريا، وهو التطور الذي جعل الامريكيين اقل قدرة على تشكيل المشهد الجديد شمالي سوريا ، مقابل روسيا وطهران، وها هو السياسي الامريكي المخضرم مارتن أنديك، يعلق على الاتفاق الامريكي التركي قائلاً «لا يمكن للولايات المتحدة التنفيذ لأننا نغادر المنطقة، الجهة الوحيدة المنفذة الممكنة هي روسيا التي تتحرك بجانب القوات السورية. لكن بوتين ليس جزءًا من الاتفاق».
بيت ماكغورك، المبعوث الامريكي السابق لمكافحة الاٍرهاب، قال في مقابلة مع قناة «ان بي سي» الأمريكية ان الانسحاب الأمريكي من شمال سوريا أعطى رسالة لكل اللاعبين هنا في المنطقة ان امريكا تريد المغادرة، ويضيف: (أخشى أن يتم تحديد مستقبل سوريا الآن من قبل الجهات الفاعلة المعادية تماماً لمصالحنا، بوتين وخامنئي والأسد).
المصدر: القدس العربي