أحمد مظهر سعدو
يومًا إثر يوم، وثورة بعد ثورة، وفي الموجة الثانية للربيع العربي، يثبت الواقع أن العلاقة الترابطية بين الثورات العربية متواصلة ومتتابعة. وأن هناك حالة تمفصل حقيقية بين كل الساحات من بغداد إلى بيروت ومن سورية إلى الجزائر إلى السودان.
لأن العدو واحد والمتضرر واحد، من كل هذه التحركات الجماهيرية الكبيرة. هو الفساد السياسي والاستبداد الطاغوتي المنبثق عن الطغمات الحاكمة، والأهم من ذلك، هو حالة التابعية المكشوفة والمفضوحة لنظام الملالي في إيران، الذي بات يتحكم في الكثير من العواصم العربية.
تحرك جماهير لبنان والعراق هو ما استدعى حكومة الفقيه لأن تسرع و(تشكل خلية أزمة لضبط الواقع في العراق ولبنان) بقيادة قاسم سليماني، حيث بدأت الأرض تهتز تحت أقدام دولة العصابات الأسدية التشبيحية في سورية، وحكومة الحشد الشعبي الإيراني في العراق، ودولة (الممانعة والمقاومة) المخطوفة قسرًا في لبنان.
إذ يتضح من خلال متابعة ما يجري في ثورتي بغداد وبيروت وقبلها في ثورة الحرية والكرامة السورية، أن المشتركات واحدة، وأن العدو الأول لهذه الثورات كان ومازال التغول الواضح المعالم من مشروع إيراني فارسي للمنطقة، كان وما يزال يريد قضم المنطقة برمتها، وإلغاء الأوطان العربية لصالح مشروعه، ومن ثم الهيمنة على القرار الوطني ، ولجم كل التطلعات الوطنية في الحرية ، في محاولة من ايران الوصول إلى الحلم الامبراطوري الفارسي المتطاول والمتحفز للسيطرة على جل المنطقة العربية، وهو حلم طالما راود الفرس وحرضهم، منذ انتصف العرب من العجم، ومنذ أن كسر الخليفة العربي والصحابي الجليل عمر بن الخطاب تاج كسرى أنو شروان ووزعه على فقراء المسلمين/ العرب، ودخل الجيش العربي المسلم فاتحًا بلاد الفرس، ومنهيًا حقبة من تاريخ بلاد فارس، ومحققًا ومقيمًا لدولة الحضارة العربية الإسلامية.
اليوم تعود شعوب المنطقة للانتفاض على محاولات سرقة أوطانها، وتغول حكومة الملالي على أنظمة لبنان ودمشق وبغداد. علاوة على انتفاضها ضد جملة من المتغيرات على الأرض التي تشير إلى حالات النهب والفساد والإفساد الممارسة في الساحات الثلاث، وسرقة ثروات الأوطان، ولجم الحريات، وإنهاء حالات تفتح الوطنية المنبثقة من وعي مطابق لطبيعة المرحلة.
من هنا فإنه يمكن القول وفي مواجهة هذا التغول الاحتلالي لإيران ومن يتبع لها، وكذلك للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قال يومًا عن بلادنا ( أنها فقط بلاد الرمال والدم) نقول له ولهم جميعًا، بل إنها بلاد الحرية والكرامة الوطنية، بلاد الثورات الشعبية العظيمة، التي ستقتلع الاستبداد في المنطقة الخضراء لبغداد، كما في الضاحية الجنوبية لبيروت، كما في قصر المهاجرين بدمشق، إنها الشعوب التي خرجت ولن تعود إلى منازلها قبل أن تحقق ما خرجت من أجله، ولكم في ثورة الحرية والكرامة السورية أسوة حسنة، فمنذ ما يقرب 9 سنين مضت، ورغم كل الدمار والقتل حيث وصل عدد شهدائها إلى المليون، ورغم تهجير أكثر من نصف الشعب السوري، واعتقال مايربو عن نصف مليون، وتدمير أكثر من 70 بالمائة من البنية التحتية، على يد الإجرام الأسدي، فإنك تجد النسان السوري المنتفض ما يزال مصممًا على اقتلاع الطغمة الحاكمة، وكذلك حال اللبنانيين الذين يزداد أوار ثورتهم يومًا بعد يوم، وتصميمهم على اقتلاع كل الفاسدين، وكل المرتهنين للخارج الإيراني، وهو نفسه حال العراقيين الذين خرجوا على السلطة التابعة للإيرانيين الناهبة لخيرات العراق العظيم، وهم مصممون على المتابعة حتى الأخير، رغم القتل الممارس يوميًا بحقهم، من قبل سلطة إيران في العراق، وأدواتها من الحشد الشعبي الإيراني.
ثورات الشعوب التي تتحرك في الشوارع اليوم، سوف تقلب الطاولة على جميع الفاسدين، وسوف تزلزل أركان دولة الملالي الإيرانية، وسوف تصفع كل الذين رهنوا الأوطان لصالح مصالح الخارج الفارسي وغير الفارسي. ولن تتوقف هذه الثورات حتى تحقيق ما خرجت من أجله، يرونه بعيدًا ونراه قريبًا. ويتوقعون أنهم ومن خلال قدراتهم العتادية، وإمكانياتهم العنفية سيعيدون الناس إلى منازلهم، لكن التاريخ يقول غير ذلك، والشعوب لا يمكن أن تقهر عندما تصمم على نيل الحرية والكرامة التي خرجت من أجلها.
المصدر: المدار نت