عبد القادر موسى
أثار مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الكثير من الجدل في الأوساط الإقليمية وحتى الدولية، ويبدو أن تداعيات مقتله لن تقف عند حد التصريحات والتهديدات والوعيد، ويبدو أن الساحة العراقية والساحة السورية، إضافة إلى الساحة اللبنانية.. ستكون ملعب اللاعبين.. بحسب محللين لـ “أنا برس”.
تداعيات العملية، ارتبطت بمكان تنفيذها “العراق”، البلد الحليف إلى الولايات المتحدة بالتوازي مع تواجد إيراني واسع في العراق، فيما لا يمكن استبعاد سوريا وبشكل قوي لتكون هي الأخرى ساحة لتصفية الحسابات الأمريكية الإسرائيلية من جهة والإيرانية من جهة أخرى.
يُعد قاسم سليماني أقوى شخصية عسكرية في إيران والعقل الاستراتيجي وراء طموحات توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، ووزير خارجيتها الحقيقي في شؤون الحرب والسلم، ويعد المسؤول الأول عن سياسة إيران في التمدد الإيراني في كل من العراق، و لبنان، وسوريا، واليمن والبحرين.
وبعد مقتل السليماني، فما هي أوراق القوة التي تمتلكها إيران؟ وهل أمريكا جادة في وضع استراتيجية جديدة في الشرق الأوسط بتقليم أظافر إيران في المنطقة؟
وعلى صعيد الملف السوري، هل سيتأثر الوجود الإيراني في سوريا بعد مقتل سليماني؟ وهل يمكن أن تتحول سوريا الى ساحة تصفيات ايرانية أمريكية؟؟
حدث عالمي
يقول عضو هيئة المفاوضات السورية الدكتور يحيى العريضي لـ “أنا برس”: إذا كان تقريباً كل حدث عالمي له انعكاسه على القضية السورية، فكيف لا يكون لقتل سليماني أثراً كبيراً على القضية السورية وتحديداً الوجود الإيراني؟!
وأوضح العريضي أن “سليماني كان فاعلاً عسكرياً من خلال سيطرة فيلقه على الميليشيات، عصب القوة العسكرية للنظام في إجرامه، وسياسياً من خلال تأثيره على كل موقف يتخذه نظام الأسد التابع المشلول؛ وحتى اجتماعياً من خلال التغيير الديمغرافي الذي أحدثته ميليشيات سليماني في سوريا، واقتصادياً من خلال استغلاله للوضع المادي المتردي للسوريين ولعبه بمصائرهم”.
وفيما يتعلق بكون سوريا ستكون مسرحا لتصفية الحسابات الإيرانية الأمريكية، أكد العريضي أن ذلك “يعتمد على كيف ستكون ردة الفعل الايرانية وما الساحة التي ستتم عليها إن وقعت- والأرجح أن تكون حيث نفوذ إيران خارج حدودها وبينها سوريا ولبنان؛ ومن هنا ستكون الساحة السورية ربما مسرحاً لهكذا أحداث- على حد تعبيره.
الرجل الثاني
وبدوره قال المحلل السياسي المعارض، أحمد مظهر سعدو، إن قاسم سليماني هو الشخصية الثانية بعد المرشد علي خامنئي في النظام الإيراني، وكذلك هو من كان يقود الميليشيات الإيرانية والطائفية برمتها، وأيضًا ما يسمى بالجيش الأسدي، على الأراضي السورية، علاوة على ما فعله ويفعله منذ عام 1998 بعد أن تسلم ما يسمى بفيلق القدس، من سابقه (أحمد وحيدي).
وأوضح سعدو أن سليماني وحتى ساعة مصرعه، كان يدير كل عمليات الإرهاب الإيراني في المنطقة العربية، لذلك فإنه من الطبيعي أن يتأثر المشروع الإيراني الفارسي الطائفي كثيرًا بمقتل هذه الشخصية الأمنية والسياسية المتمكنة والحاقدة، والمنسجمة تمامًا مع مشروع الولي الفقيه وحكم الملالي.
وبحسب سعدو، فإنه يصح القول إن هذه الضربة لقاسم سليماني ومن معه أصابت المشروع الإيراني الطائفي الإقليمي في الصميم، وسوف تترك آثارها السلبية عليه في قادم الأيام، بخاصة في سوريا، ومن الصحيح أن “ترامب قام بهذه الخطوة ضمن سياق المصالح الأميركية لإدارته، وليس كرمى لأرواح شهداء سورية أو شهداء العراق”.
واعتبر المحلل السياسي السوري، أن عملية كنس هذا الرجل المهم في النظام الإيراني أثلجت صدور كل السوريين والعرب والمسلمين، ممن يدركون دوره الإجرامي في المنطقة العربية، إلا أن النظام الإيراني البراغماتي وغير المبدئي، من الممكن أن يدفعه هذا الاستهداف المباشر، ليس إلى المواجهة كما يدعي، بل إلى مزيد من الانبطاح والزحف نحو الأميركان، وليس عكس ذلك، وهو يدرك أنه ليس بإمكانه استعداء أميركا، وهو أيضًا لن يفرط بسهولة بما أنجزه من تقدم لمشروعه الفارسي في جل الحالة الإقليمية العربية.
ولا يعتقد سعدو بأن يكون هناك أي اشتباك مباشر على الأراضي الإيرانية بين الطرفين، بل سيبقى محصورًا في العراق وسوريا، ومن الممكن أن يمتد إلى لبنان.
وختم سعدو حديثه لـ”أنا برس” قائلا: إن مستقبل الصراع الدراماتيكي في سورية بين الأميركان والميليشيات الإيرانية سيشهد تطورات وتغيرات مهمة خلال عام 2020، من الممكن أن يستفيد منها الشعب السوري، الذي يرى في الوجود الاحتلالي الإيراني عطبًا أكيدًا للواقع السوري عمومًا، ولسوف يكون المشهد الإيراني الأميركي حمال أوجه، دون أن يؤدي إلى حالة صدام مباشر، تبتعد عنه الإدارة الأميركية، وأيضًا يتجنبه حكم الملالي الإيراني.
المصدر: أنا برس