فايز حلاق
نَحِّ طَرفًا قَدْ سَباني
أَنتِ شَيطانُ الزمانِ
ليسَ في الدُّنيا ملاكٌ
يَرمي صَرعى في ثَواني
كُلُّ ما فيكِ يَبْدو
لامِعٌ كالشَّمسِ قاني
مُشْرِقٌ للعينِ قائلْ
إِنَّني من نَسْلِ جانِ
إِنْ مَرَرْتِ فاحَ عِطْرٌ
عابِقٌ كُلَّ المَكانِ
أَوْ نَطَقْتِ أَيَّ حَرْفٍ
كانَ عَزْفًا للكَمانِ
عَرْبدي بالشَّعرِ حُرًّا
فاحِمٍ للخَصْرِ داني
لامِعٌ كالنَّجْمِ يُبْرِقْ
فَرْعُ عُنْقٍ للحِصانِ
واتْرُكي ثَغْرًا لِيَرْوي
شارِحًا بَعْضَ المَعاني
إِنَّني بِنْتُ الثُّريّا
ساطِعٌ فيها كِياني
لَسْتُ لَيلى الأَخْيَليَّةْ
والقَوافي غَيرُ شاني
واعْلَموا لا هَمَّ عِنْدي
من أَقاويلِ الزَّمانِ
* * *
أَنْتِ منِّي في فُؤادي
فاسْكُني الرُّكْنَ اليَماني
غيرَ أَنِّي لستُ أَرْضى
أَنْ تَكوني في هُوانِ
قَدْ تَوَسَّمْتُ لَدَيْكِ
حُلْمَ تَحْقيقِ الأَماني
نَحَلَةٌ في الرَّوْضِ تَسْعى
بِنْتُ عَمِّ الأُقْحُوانِ
شَكَّلَتْ مِنْهُ رَحيقًا
مانِحًا للأُفْعُوانِ
أَعْطَتِ الدُّنيا دَواءً
يُنْهي داءً في ثواني
صانَتِ الحُبَّ قَوِيًّا
مِثْلَما يَرْجو كِياني
قاتَلَتْ كُلَّ عَدُوٍ
جارِحٍ شَرْعَ الحَنانِ
سارِقُ الرِّمْشينِ خَصْمٌ
فالوَفا للحِلِّ داني
إِنَّه يَحمي الحِمى
رافعٌ للصَوْلَجانِ
أَوْ تَكوني أُخْتَ حاتمْ
فَيْضُها في كُلِّ آنِ
نَخْلَةٌ والغُصْنُ سَيْفٌ
مِثْلَما الرَّمْحُ اليَماني
قَدْ أَفادَتْ من جَناها
عَبَّدَتْ دَرَبَ الجِنانِ
ساعِدي ذاكَ المرَّبي
أَنْشِئي جيلَ التَّفاني
بالعلومِ والحَكايا
في شُموخاتِ المَثاني
كُوني للأَجْيالِ أُمًّا
قَدِّمي نُصْحًا أَغاني
ذاكَ حُلْمي في العَذارى
أَوْ جماهيرِ الحِسانِ
كُنْتِ تَبْقي في عُيوني
فوقَ وَرْداتِ الزَّمانِ
* * *
اُعْذُريني باتِّهامي
حتى لوْ شَكَّلْتِ شاني
أَوْ تَكوني أَنْتِ قُدْوَةْ
قَلِّبي تِلْكَ المَعاني
إِنْ بَدَى رَأْيي جَريئًا
بَلْسَمٌ شافي الحِسانِ
جَرِّبي تَغْييرَ كَأْسٍ
هَزَّ عودُ البَيْلَسانِ
قَدْ عَلِمْتُ ما تُرومي
أَنتِ من أَهلِ الجُمانِ
إِنَّ كَشْفَ الأَمرِ سَهْلٌ
ذاكَ ما كانَ رِهاني
اِسْمَعي نُصْحي إِلَيْكِ
واعْلِني: خَيْرٌ أَتاني
اِقْتَدي في الحُبِّ عَبْلَةْ
ثُمَّ قولي هذا شاني
كوني عَزَّةْ لِكُثَيْرٍ
مارِسي بَعْضَ الحَنانِ
عِطْرُ عِشْقٍ إِنْ يَفوح
لَيْسَ مَصْدَرُهُ الأَواني
إِنَّهُ الحُبُّ النَّقِيُّ
من أَحاسِيسِ الأَمانِ
رُبَّ ذِئْبٍ صارَ هُدْهُدْ
قال عِشْقي قَدْ رَماني
هاتِ لي هِنْدًا لِتَروي
كَيْفَ جِئْتِ للزَّمانِ؟
لَسْتِ بالأُنْثى ويَكْفي
أَنْتِ أَصْلُ العُنْفُوانِ
لَيسَ للحُسْنِ اكْتِمالًا
دونَ فَخْرٍ باللِّسانِ
حَرِّري فيكِ انْتِماءً
ناصِعًا كالثَّلْجِ قاني
وارْفَعيْ رَأْسًا بِجَذْرٍ
واعْلِني هذا كِياني
إِنَّما الأَصْلُ اِنْتِماءٌ
ثُمَّ يَأْتِ الشَّكْلُ ثاني
قَدْ جَزَمْتُ الأَمْرَ فيكِ
خاسِرٌ فيكِ رِهاني
أَنْتِ شَمْسٌ قَدْ أَتَتْني
دونَ دِفءٍ أَوْ جَنانِ
أَوَّلٌ هذا التَّبَرُّجْ
لَيس شَرْطًا للحِسانِ
كَيفَ ذاكَ الحِلُّ يَرْضى
إِنْ ظَهَرْتِ للعِيانِ؟
إِنَّ مَنْ تَرْجو حِوارًا
أَتْرَعَتْ كَأْسَ اللِّسانِ
من عُلومٍ واجْتِهادٍ
وابْتِكاراتِ المَعاني
لَيسَ شَكْلًا يُشْتَهى
قَدْ أَتى في غَيرِ آنِ
يَجْعَلُ العُشَّاقَ سَكْرى
مِنْ لِحاظٍ في ثَواني
فَتْكُ جَهْرٍ بالضَّحايا
لَفْحُ جُرْحٍ في المَكانِ
حتّى لَوْ كانوا برايا
صِرْتِ من ضِمْنِ الأَماني
لَفْحُ مَوْتٍ لا حِراكٍ
وسِلاحُ العِطْرِ ثاني
خَبِّئي شَيئًا لِبَعْلٍ
لَسْتِ كُلًا للعِيانِ
إِنَّما الحُسَّادُ كُثْرٌ
هُنَّ منْ إِنْسٍ وجانِ
فاحْذَري أَنْيابَ أَفْعى
آهِ مِنْ غَدْرِ الزَّمانِ