مصير_ خاص
أصدر ملتقى العروبيين السوريين بيانًا تحت عنوان ” صفاقة العصر “جاء فيه ” إن ما أسماه الرئيس الاميركي دونالد ترامب (صفقة القرن) هو في الواقع (صفاقة العصر) لأنها مبنية على قاعدة (من لا يملك وهب من لا يستحق). والصفقة سلوك مكرر للدول الاستعمارية الغربية العنصرية في إبادة شعوب كاملة، وتوطين شعوب بديلة محلها، تنتمي للجنس الأبيض. كما فعلت في القارة الأميركية على أنقاض الهنود الحمر، وفعلت في جنوب افريقيا وشرق آسيا. وما المشروع الصهيوني في فلسطين إلا مثال آخر لهذه المشاريع الاستعمارية التي تخدم ديمومة السيطرة الغربية على العالم أولا، ولا تخدم مصالح اليهود إلا بالتبعية وحسب.
إن المشروع الصهيوني الذي بدأته بريطانيا فعليا قبل قرن، لم يكتمل، وما زالت الدول الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة تتعاون على استكماله بتوسيع نطاقه الحيوي، وتعزيز وظائفه الجيوستراتيجية، تجاه محيطه العربي منذ تدشينه في حرب1948. ثم عدوان حزيران 1967 واحتلال غزة، والضفة الغربية، والقدس، والجولان السوري، ثم عدوان 1982 على لبنان.
إن صفقة القرن تندرج في سياق محاولات هضم ما تم احتلاله سابقا، وإكسابه شرعية بالقوة والبلطجة، لا بالقانون الدولي الذي يرفض هذه الصفقة التي تشبه تبرع ترامب لنتنياهو بهضبة الجولان السورية العام الماضي. ولا بد أن نشير الى أن مثل هذه الصفقات التي تحمل أسماء رؤساء بعينهم، هي في الواقع من تخطيط الدولة العميقة لا من الرؤساء الذين يجهل معظمهم خلفيات ونتائج ما يوقعون عليه.” وأضاف البيان ” إن الولايات المتحدة تستثمر حالة الضعف العربي الى أقصى الحدود، لأنها هي نفسها التي عملت منذ 1967 على تحطيم مراكز القوة والنهضة والتنمية في البلدان العربية واحدة بعد أخرى، من مصر الى العراق، ومن سورية الى اليمن، ومن ليبيا الى لبنان، وتعاونت في ذلك مع كل أعداء العرب، وخاصة إيران. ولا بد أن نعي أن العرب مُنعوا منعاٌ بإجماع غربي أعلى من بناء نهضتهم وامتلاك أسباب قوتهم، وإنجاز وحدتهم، كلما حاولوا ذلك، منذ أوائل القرن التاسع عشر الى اليوم. حيث تواجه بلداننا غزوًا منظمًا ومنسقًا من الولايات المتحدة واسرائيل وروسيا وإيران في وقت واحد، وابتزازهم للموافقة على مطالب العدو الصهيوني، مقابل حمايتهم من العدو الفارسي.
إن ما يجب أن نقوله بهذه المناسبة أن العرب برغم التحديات الخطيرة والظروف الصعبة التي يواجهونها لم يقبلوا ولن يقبلوا لا صفاقة القرن ولا التفريط بالقدس أو الجولان ، أو بفلسطين كلها من البحر الى النهر ، لأنهم يدركون بعمق أن مصيرهم ومستقبلهم مرهونان بالقضاء على المشروع الصهيوني ونظيره الفارسي ، ويدركون أن دحر الغزو الصهيوني يتوقف على تغير موازين القوى العالمية، لأن الصراع ليس بينهم وبين اسرائيل ، وإنما بينهم وبين الغرب كله , ولا يمكن حسمه في حرب واحدة , بل يحتاج حروبا ومعارك متواصلة على جبهات الدفاع والقوة والنهضة والتنمية والمعرفة والوحدة . كما دحرنا الغزو الصليبي قبل ألف سنة بعد عشرات الحروب على مدى مائتي عام، وأنجزنا وحدة الطوق حول فلسطين، وعلى مراحل.
لقد أظهرت الأيام الأخيرة إن العرب ما زالوا متحدين على مستوى القضية الفلسطينية، وقادرين على جمع العالم كله تحت راية فلسطين، ومظلة (مبادرة السلام العربية) التي تناسب هذه الحقبة من صراعنا مع العدو. وكما رأينا فقد انقلبت (الصفقة الصفيقة) هزيمة سياسية عالمية لصاحبيها ترامب ونتنياهو، فوقفا معزولين على المستوى الدولي. بينما ظهر النظام العربي موحدا في مواجهة اسرائيل وأميركا.” ثم قال البيان:” يتعين علينا جميعا استنباط الدروس مما جرى ويجري، وفي المقدمة يتعين على القوى والنخب الفلسطينية بكافة الوانها تعزيز وحدتها الداخلية الوطنية والثورية أولا، وإنهاء انفصال غزة والضفة ثانيا، ومراجعة تجاربهم السياسية منذ اتفاق اوسلو 1993 , وتمزيقه ثالثا، والعمل على طرح بديل ثوري عنه، والعودة للنضال الجماهيري المدني (الانتفاضات) ضد الاحتلال رابعا، وصياغة مشروع جديد للتحرر خامسا، وقطع الصلة بإيران سادسا. لأنه بدون هذه الشروط سيبقى الموقف الفلسطيني هزيلا، لا يلبي شروط النصر. وعلى العرب أن يوفروا مقومات الصمود للشعب الفلسطيني، ودعم نضاله، وتصليب التضامن الاسلامي والعالمي معه. “