سيلا الوافي
مع تواصل تصعيد قوات نظام الأسد وحليفه الروسي في إدلب تزاد معاناة المدنيين الفارين من القصف، فقوات النظام تمنعهم من الدخول إلى المناطق التي تسيطر عليها، كما أن الحدود التركية مغلقة، في ظل عجز دولي عن إغاثتهم وتوفير الحماية لهم.
فقد قال ناشطون سوريون إن قوات النظام عند معبر منبج شمال شرقي محافظة حلب منعت دخول مواطنين للمناطق التي يسيطر عليها النظام ممن يحملون وثائق إثبات الشخصية الصادرة عن محافظة إدلب.
جاء ذلك بعد إعلان قوات النظام أنها جهزت ثلاثة معابر إنسانية لدخول المدنيين الفارين من القصف نحو مناطق سيطرتها، وفق ما ذكرته وسائل إعلام سورية.
لكن ناشطين اعتبروا أن المعابر المؤقتة التي أعلن النظام فتحها -في كل من منطقة الحاضر بريف حلب الجنوبي وبلدة أبو الظهور في ريف إدلب الشرقي ومعبر الهبيط في ريف إدلب الجنوبي- ليست سوى معابر وهمية لا يجرؤ أي شخص على العبور منها خوفاً من الاعتقال.
وزادوا بأن معبر العيس في ريف حلب الجنوبي -الذي يعلن النظام كل سنة أنه متاح لعبور المدنيين- هو أيضا مغلق، ولم يتبق سوى معبر المنصورة في ريف حلب الغربي الذي يستخدم فقط لأغراض تجارية.
الكل إرهابيون
وأكد الناشط محمد جنيد للجزيرة نت أن النظام السوري يمنع أي شخص من أهالي محافظة إدلب من العبور إلى مناطق النظام، خلافا لبقية السكان ممن يحملون هويات حلب وحمص وحماة، فهؤلاء يمكن أن يسمح لهم بالعبور ولكن بعد دراسة أمنية مطولة.
وذكر أن النظام بعد سيطرته على بعض المناطق في إدلب يعتبر جميع من يقطن المحافظة إرهابي سواء كان حاملاً للسلاح أم لا.
ويشير جنيد إلى أن عددا محدودا من أهالي إدلب يتجهون إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، فمقابل كل ألف مدني يقصدون المخيمات يقصد أقل من خمسين شخصا مناطق النظام، وهؤلاء يتطلب الأمر الانتظار ساعات طويلة لحين انتهاء التدقيق الأمني بحقهم وينتهي بعبور عائلة أو عائلتين فقط.
ويضيف أن كل الذين حاولوا العبور لمناطق النظام إلى المناطق الكردية عبر معبر منبج (التايهة) من النساء والأطفال والمسنين من الرجال ممن تجاوزت أعمارهم خمسين عاما.
ويروي عماد حمد للجزيرة نت أن ما تعرض له من انتهاكات على حواجز النظام تعرض له أيضا في طريقه إلى الحواجز التي تسيطر عليها الوحدات الكردية.
وذكر أنه شاهد عناصر النظام ينزلون مسنة من الحافلة، وأخذوا هويتها وانهالوا عليها بالشتائم وقالوا لها إن جميع أهل إدلب إرهابيون وخائنون للبلد “ونحن لا نريدكم أن تدخلوا إلى مناطقنا لأننا ننتظر الدخول إلى إدلب لقتلكم والخلاص منكم ولن نبقي أحداً منكم”.
أما أبو أنس فيقول للجزيرة نت “بعد خروجي وعائلتي من مدينة إدلب قصدنا معبر العون إلا أننا تفاجأنا بقرار منع أي شخص يحمل هوية محافظة إدلب من العبور فما كان منا إلى أن عدنا أدراجنا منتظرين قدرنا”.
كارثة إنسانية
ومن جهتها أعلنت الأمم المتحدة على موقعها في تويتر عن نزوح أكثر من نصف مليون شخص جراء التصعيد العسكري لقوات النظام وروسيا في شمال غرب البلاد منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول في واحدة من أكبر موجات النزوح منذ بدء النزاع في سوريا الذي يقترب من إتمام عامه التاسع.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسيف هنريتا فور -في بيان نشر على الموقع الرسمي لليونيسيف- إن 1.2 مليون طفل في حاجة ماسة للغذاء والماء والدواء، مشيرة إلى أن النازحين يلجؤون إلى المرافق العامة والمدارس والمساجد والمباني غير المكتملة والمحلات التجارية.
كما أن الكثير منهم يعيشون وسط الحقول تحت الأمطار وفي أجواء باردة ويفتقرون لأبسط الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والعلاج وفق فور.
يقول الباحث والسياسي السوري زكريا ملاحفجي للجزيرة نت إنه بالرغم من إعلان الأمم المتحدة عن تلك المأساة فإنه لا توجد استجابة دولية لما يجري، وأضاف “في السابق كان الناس ينزحون لمخيمات تركية أو مخيمات تقيمها منظمات دولية والآن يلجؤون إلى لا شيء للعراء”.
ومن جانبه يؤكد الكاتب الصحفي أحمد مظهر سعدو أن العجز الدولي عن حل المسألة السورية وترك الشعب يلاقي مصيره بنفس، هو الواقع الماثل حاليا. واعتبر أن المسألة السورية تقع ضحية التخلي والخذلان، وضمن سياسة المصالح التي لم تعد تتكئ على مصالح الشعب السوري.
وبدوره اعتبر ملاحفجي أن تركيا تحاول لجم قوات النظام ومنعها من التقدم أكثر، وخاصة بعد استهداف قوات النظام نقطة مراقبة تركية مما أدى على مقتل ستة جنود أتراك.
ومن جهته قال محمد حلاج مدير فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري إن حوالي تسعمئة ألف مدني يقيمون بالمخيمات على الحدود السورية التركية، وازدادت الأعداد خلال الأيام الماضية لتتجاوز أكثر من مليون ومئة ألف.
وأشار إلى أنه منذ بدء التصعيد العسكري للنظام شمال غرب سوريا نزح حوالي 350 ألف نسمة بمناطق جبل الزاوية وأريحا وسراقب وخان السبل، مشيرا إلى تزايد حركة النزوح من مدينة إدلب وبعض المناطق المحيطة بها مثل بنش تفتناز الفوعة وكفريا ومعرة مصرين.
وبالنسبة للحدود السورية التركية، لفت حلاج إلى أن الحدود مغلقة بشكل كامل، وكان حرس الحدود التركي أعلن سابقا بأن المنطقة عسكرية ممنوع اقتراب المدنيين منها.
المصدر: الجزيرة