خالد الخطيب
تأخرت المعارضة السورية في اتخاذ تدابير وإجراءات احترازية تمنع وصول فيروس كورونا إلى مناطق سيطرتها شمال غربي سوريا برغم المخاطر التي قد تترتب على انتشار الوباء في المنطقة المكتظة بالسكان، والتي تعاني أصلاً من ندرة المرافق الصحية، وضعف الإمكانات والتجهيزات الطبية في المستوصفات والمشافي القليلة الموجودة في المنطقة.
وأوضح الناشط الإعلامي عبد الفتاح الحسين ل”المدن”، أن الوصول المفترض لوباء كورونا إلى مناطق سيطرة المعارضة قد يتسبب بكارثة إنسانية لا يمكن التنبؤ بها، أو السيطرة عليها في حال وقعت بالفعل، على اعتبار أن المنطقة تأوي مئات الآلاف من النازحين والمهجرين من قاطني المخيمات العشوائية المنتشرة على طول الحدود السورية-التركية شمالي حلب وادلب، والتي تفتقد للكثير من الخدمات الأساسية، كالمياه الصالحة للشرب وشبكات الصرف الصحي.
وأضاف أن الخدمات والمرافق القليلة الموجودة داخل المخيمات، والتي يزيد عددها عن 40 مخيماً، هي مشتركة، ويستخدمها عدد كبير من العائلات، كالحمّامات مثلاً. ولا تتوفر في المخيمات مشافٍ أو نقاطاً طبية كبيرة، ولا وجود لنقاط تحوي أقساماً للحجر الصحي في حال عثر على إصابات بالفيروس المستجد.
لا يختلف مستوى الخدمات الصحية كثيراً في مدن وبلدات ريفي حلب وادلب عن المخيمات، فالمدن أصبحت ذات كثافة سكانية عالية بعد موجات النزوح التي شهدتها مناطق المعارضة خلال شهري كانون الثاني وشباط من العام 2020، وأهم المشافي الموجودة في المنطقة، مشافي الراعي والباب ومارع وإعزاز، وعدد من المشافي في ادلب والبلدات في ريفها الشمالي والشمالي الغربي، وهي غير جاهزة فعلاً للتعامل مع الوباء لافتقادها التجهيزات اللازمة، بالإضافة لأعدادها القليلة التي لا تغطي احتياجات جزء من السكان.
لم تتعامل المعارضة بشكل جدي مع خطر الفيروس المستجد برغم المناشدات التي أطلقها ناشطون ونقابات طالبت بإغلاق المعابر الداخلية مع النظام وقسد، والتي تزامنت مع التداول المبكر للمعلومات التي تحدثت عن انتشار الوباء في أكثر من محافظة واقعة تحت سيطرة النظام، وبقيت إجراءات المعارضة شكلية، وتشبه إلى حد كبير الدعاية التي يروج لها النظام، والتي تمحورت حول نفي وصول الوباء إلى مناطقها.
واكتفت المعارضة بالإعلان عن إنشاء نقطة طبية في معبر العون الواصل بين مناطقها ومناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية في ريف حلب الشمالي الشرقي أواخر شباط/فبراير الماضي للكشف على حالة المسافرين ذهاباً وإياباً، في حين بقيت معابر تجارية مع النظام وقسد قيد العمل من دون أي رقابة طبية على حركة المرور، يشمل ذلك أيضاَ عدداً آخر من معابر التهريب التي تديرها الفصائل المعارضة بشكل غير رسمي.
بدأت المعارضة بالتحرك بعد إعلان الحكومة التركية عن وصول الفيروس المستجد إلى تركيا والتي اتخذت عدة إجراءات مؤخراً، أهمها إلغاء زيارات العيد للاجئين السوريين في معبر باب السلامة شمالي إعزاز اعتباراً من يوم 13 آذار/مارس، وفي اليوم نفسه أغلقت الحكومة التركية معبر باب الهوى شمالي إدلب أمام حركة المسافرين والحالات المرضية المزمنة لمدة ثلاثة أسابيع ابتداء من 15 آذار 2020، وأبقت الحكومة التركية على الحركة التجارية والإغاثية في المعبرين.
وقال مدير معبر باب السلامة الحدودي العميد قاسم القاسم ل”المدن”، أنه تم إيقاف زيارة العيد فقط من المعبر، في حين تستمر حركة الدخول والخروج للقوافل الإغاثية والتجارية والحالات الطبية من المعبر. وأضاف أن إدارة المعبر من الجانب السوري اتخذت إجراءات وقائية، أهمها إنشاء نقاط طبية للكشف على الحالة الصحية للمسافرين، والكادر الطبي العامل في المعبر هو بالتعاون مع مشافي في المنطقة بريف حلب.
ولا تبدو المعابر الحدودية مع تركيا المدخل المحتمل للفيروس المستجد إلى مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، الخشية تبدو أكبر في المعابر الداخلية التي تصل مناطق سيطرتها بمناطق النظام وقسد.
وأعلنت إدارة معبر العون في ريف حلب في 13 آذار/ مارس عن إغلاق المعبر المخصص لعبور المدنيين بين مناطق المعارضة وقسد إلى أجل غير مسمى، واكتفت إدارة معبر أبو الزندين التجاري قرب الباب شمال شرقي حلب بالإعلان عن تعليمات جديدة، تتضمن، منع سائقي الشاحنات من اصطحاب مرافقين، ومنع عبور المدنيين، بينما أبقت على حركة القوافل التجارية مع مناطق سيطرة النظام.
قرار الإغلاق الكلي شمل معبر العون حتى الآن في حين يستمر العمل في المعابر الأخرى التي تديرها الفصائل من دون أي رقابة صحية، وهو ما دفع ناشطين لتوجيه انتقادات لاذعة للفصائل التي تعرض أرواح الملايين من الناس للخطر في سبيل استمرار جني الأموال من المعابر.
وقال مصدر طبي في مدينة الباب بريف حلب ل”المدن”، إن النقاط الطبية وأجهزة الكشف لا يمكن أن تمنع دخول الوباء من المعابر الواصلة بين مناطق المعارضة جهة، ومناطق النظام وقسد من جهة ثانية.
وأوضح المصدر أن إغلاق المعابر الداخلية ضرورة ملحة وهي واحدة من خطوات عديدة يجب اتخاذها في الوقت الحالي للتصدي للوباء. وأهم الخطوات، تشكيل غرفة طوارئ طبية تجمع مسؤولين من وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة والمنظمات العاملة في الشأن الإنساني وأن يكون هناك تنسيق مباشر ومستمر مع منظمة الصحة العالمية والصحة التركية والاستفادة من دعمهم.
المصدر: المدن